196 ألف شخص هو عدد المتسولين المغاربة، 48.9 في المائة منهم رجال و51.1 في المائة منهم نساء، ويبرر 51.8 في المائة من هؤلاء ممارستهم التسول بالفقر، و12.7 في المائة منهم بالإعاقة، و10.8 في المائة منهم بالمرض، و24.7 في المائة يرجعون احترافهم التسول إلى أسباب أخرى. هذه هي الأرقام التقديرية التي كشف عنها بحث وطني حول التسول أنجزته وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن في 26 شتنبر المنصرم، والتي قدرت نسبة التسول الاحترافي بين هؤلاء بنحو 62.4 في المائة. وتعتبر مدينة الدارالبيضاء مدينة مستقبلة لأعداد كبيرة من المتسولين، إذ ضبطت وحدات المساعدة الاجتماعية للوزارة 1126 متسولا، قدم عدد كبير منهم من مدينة سطات تليها في المرتبة الثانية مدينة الجديدة وآسفي فيما يتحدر 29 منهم من مدينة فاس. ويعتبر المركز الاجتماعي تيط مليل المركز الوحيد الذي يحال عليه المتسولون في الدارالبيضاء، وحسب الأرقام التي صرحت بها وزارة التنمية الاجتماعية، فإنه وفي ظرف سنة ونصف من انطلاق برنامج محاربة التسول في مركز «تيط مليل»، استقبل هذا الأخير 5082 حالة، تم إدماج 4837 في عائلاتهم عبر وسائل الدعم الاجتماعي التي يتوفر عليها المركز، واستفاد 131 شخصا من التكفل وبرامج الإدماج الاجتماعي والاقتصادي التي توفرها جمعيات شريكة من خارج المركز. فيما بلغ عدد الذين تم عرضهم على القضاء 10 أشخاص، ضبطت لديهم مبالغ مالية كبيرة وممتلكات. وبلغت عدد الوفيات من بين المتسولين الذين أحيلوا على المركز 10 أشخاص. أما بخصوص المبالغ المالية التي تم ضبطها لدى المتسولين الذين أحيلوا على المركز، فقد بلغت 2.60 مليون درهم، منها 1.4 مليون درهم نقدا و506 آلاف درهم على شكل حسابات مصرفية في دفاتر التوفير، و150 ألف درهم في شكل حلي ذهبية. كما يملك بعض المتسولين المحالين على المركز ممتلكات عقارية، كما ينتمي بعضهم إلى عائلات ميسورة. ووصل عدد المتسولين المقيمين في العاصمة الاقتصادية إلى 3572 أغلبهم يقطنون آنفا والفداء ومرس السلطان. وتمكنت إدارة المركز من التوصل إلى وجود 344 حالة لمتسولين يتم استغلالهم من قبل أشخاص في التسول، ضمنهم قاصرون وأشخاص معاقون ومسنون ومكفوفون ومصابون بأمراض نفسية. غير أن إدارة المركز تواجه عدة صعوبات مرتبطة بإيواء المتسولين في انتظار اتخاذ الإجراءات اللازمة معهم، إذ حاول 11 من المتسولين الانتحار داخل الأجنحة، بينما حاول 7 آخرون إضرام النار داخل الجناح، وقام 13 منهم بتقطيع الشرايين والأوردة بواسطة شفرات الحلاقة والسكاكين، ودخل 17 متسولا في إضراب عن الطعام، كما كان ضمن المتسولين 109 متسولين في حالة سكر، وآخرون يحملون جروحا متنوعة نتيجة الاعتداءات التي يتعرضون لها في الشارع. ومن بين الإكراهات الأخرى التي تواجهها الوزارة في محاربتها لظاهرة التسول، إضافة إلى الطاقة الاستيعابية المحدودة للمركز، أن أغلب المتسولين والمشردين الراشدين يمتنعون عن قبول التكفل بهم، ويرفضون جميع الحلول والمقترحات والخدمات التي يمكن أن تقدم لهم، ويتمسكون بحقهم في الحرية ويعتبرون بقاءهم في المؤسسة احتجازا تعسفيا لهم بدون أي سند قانوني. وإضافة إلى ذلك فإن الوزارة تؤكد أنها سبق وأن عرضت على أنظار المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء ملفات متسولين محترفين يتوفرون على مبالغ مالية مهمة أو يستغلون أطفالا قاصرين وأشخاصا معاقين في التسول، ولم يتخذ في حقهم أي إجراء زجري. واعتبرت الدراسة أن التسول يسيء إلى صورة البلاد، ويمس بكرامة الإنسان ويحد، إن لم يكن يلغي، مجهودات التأهيل الاجتماعي، خصوصا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما أن التسول ينمي ثقافة الكسب السهل والمس بحقوق الآخرين، من أطفال وأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين، كما أنه يشكل تهديدا للأمن العام. وعلى هامش الأبواب المفتوحة للمركز الاجتماعي «تيط مليل»، أطلقت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، حملة جديدة لمحاربة التسول، وجهت من خلالها نداء إلى كل المغاربة للمساهمة فيها عن طريق تخصيص صدقاتهم وأعمالهم الإحسانية لذوي القربى والجيران والأشخاص المعروفين لديهم والجمعيات والمؤسسات الخيرية. وحذرت الوزيرة المغاربة من التعامل مع محترفي التسول الذين يستغلون طيبة الناس وإحسانهم لسلبهم المال. وأوضحت الصقلي أن مخطط الحكومة لمحاربة التسول يرتكز على مقاربة شمولية، تنطلق من مقاربة فردية لمعرفة الأسباب التي دفعت بالشخص إلى التسول، ثم البحث عن حلول لإخراجه من تلك الوضعية عبر إعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي، إما عن طريق البحث عن أسرهم وعائلاتهم ودعمهم من أجل الاندماج الأسري، وإما عن طريق إيوائهم في المراكز الاجتماعية والخيرية عندما تقتضي الضرورة ذلك، أو تسليمهم إلى السلطات القضائية في الحالات التي تتم فيها ممارسة التسول كوسيلة للنصب والاحتيال. كما أطلقت الصقلي مشروع دراسة من أجل إعداد قانون مغربي متخصص في مكافحة التسول، إذ يعرف الإطار القانوني الحالي لمحاربة التسول، والذي يرتكز على بعض الفصول المتضمنة في القانون الجنائي، عدة نواقص. ومن أبرز المستجدات التي يرتقب أن يتضمنها القانون الجديد فصولا تسمح بحجز الأموال المحصل عليها من التسول، وتشكيل صندوق لمحاربة الفقر يتم تمويله من الأموال المحتجزة. 5 حلول لمعالجة آفة التسول -1 مأسسة العمل الخيري وتشجيع الجمعيات المتخصصة في مساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة وتوجيه الصدقات وأموال الزكاة إلى هذه المؤسسات التي تعرف الفقراء الحقيقيين من المزورين. -2 متابعة المتسولين المحترفين أمام القضاء. -3 إعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي للمتسولين بدافع الفقر والحاجة. -4 البحث عن أسر المتسولين وعائلاتهم ودعمهم من أجل الاندماج الأسري. -5 حجز الأموال المحصل عليها من التسول وتشكيل صندوق لمحاربة الفقر يتم تمويله من الأموال المحتجزة.