صدمتان قويتان تلقاهما عبد السلام أزاحاف بمجرد أن وضع قدميه على أرض مراكش الحمراء. كانت الأولى والقوية هي فراقه لفلذة كبده «ندى»، التي لفظت أنفاسها الأخيرة إثر حادثة سير مروعة، عرفها شارع محمد السادس (شارع فرنسا سابقا)، في نهاية شهر نونبر الماضي، حيث وجهت له إدارة مصحة خاصة بمراكش صفعة قوية لا تختلف وقعا من صدمة الموت وفقدان ابنته «ندى» المزدادة سنة 1996، التي كان يتطلع إلى رؤيتها مهندسة أو مُسيّرة شركة. لم يصدق عبد السلام أزاحاف، الذي حل على وجه السرعة بمراكش، قادما من عاصمة البوغاز طنجة، وكله تطلع لمعرفة ما جديد حالة ابنته الصحية بعد تلقيه اتصالا في الموضوع، أذنيه وهو يسمع المبلغ الضخم، الذي يمكن أن يشتري به أي مواطن شقة في تجزئة من التجزئات السكنية في المدينة الحمراء.. 19 مليون سنتيم (190 ألف درهم) كان المبلغَ الذي يجب أن يؤديه كمصاريف العلاج، قبل أن يتسلم جثة الفقيدة، التي لم يتجاوز عمرها ال16 سنة، والتي كانت تدرس بالمدرسة العليا للتجارة والتسيير في مدينة مراكش. كلف مكوث «ندى» في قسم الإنعاش داخل المصحة لمدة 20 يوما الوالد المسكين 42 ألف درهم، أي بمعدل 2000 درهم عن كل يوم.. والمثير في هذا المبلغ الكبير هو أن دخول الفتاة يوم 28 نونبر الماضي وخروجها جثة هامدة في 18 دجنبر الجاري، حسب ما تؤكده وثيقة مسلمة لوالد الضحية من قبل المصحة الخاصة، في شهر لا تتجاوز عدد أيامه ال30، يجعل الثمن الذي يجب تأديته هو 40 ألف درهم وليس 42 ألف درهم. كما بلغت قيمة الأدوية التي استُعملت لمحاولة إنقاذ حياة الطالبة «ندى» ما مجموعه 37 ألف درهم، وهو ما اعتبره مَبالِغ كبيرة أثقلت كاهل الأسرة، التي لم تكن تتوفر على هذا المبلغ، مما دفع معيلها إلى الاتصال ببعض أقاربه ومعارفه واقتراض مبالغ متعددة من أجل دفعها للمصحة وتسلم جثة ابنته، رغم أن بعض المعارف اقترحوا عليه عدم تأدية هذا المبلغ بالكامل، ولو تطلب الأمر ترك جثة الابنة داخل المصحة.. لكن لوعة الفراق ما تركت الوالد يترك كبده دون أن يواريها الثرى، ولو تطلّب منه الأمر بيع كل ما يملكه. وتعود فصول الحادثة، التي دوى صداها وسط مراكش، إلى يوم 18 نونبر الماضي، عندما كانت «ندى»، رفقة ثلاثة من أصدقائها، على متن سيارة، حيث صدمت سيارة كان يقودها أحد الأشخاص السيارة الصغيرة، التي كانت على متنها «ندى»، مما أدى إلى وفاة شابين في الحين ونقل «ندى»، التي أصيبت بإصابة خطيرة في الرأس، وصديقتها في الحين إلى مستشفى، قبل أن يتم نقلها إلى بعض المصحات الخاصة، في حين ما زال سائق السيارة الأخرى يقبع في سجن «بولمهارز» في مراكش.