أمين العايوز واحد من ضمن 100 شاب مغربي يملكون مواهب خارقة في ما يسمى السحر الأبيض أو السحر الاستعراضي. أمين، المزداد بمدينة الناظور سنة 1988، متخصص في ما يعرف ب»السحر عن قرب» (La magie close-up) وهو نوع من السحر الأبيض، يعتمد على خفة اليد والخداع البصري. يروي أمين ل«المساء» قصة تعلقه بهذا النوع من السحر بقوله: «عندما كنت طفلا كنت أشاهد برنامجا تلفزيونيا سباح كل يوم أحد، تُبَث فيه استعراضات سحرية. كنت أتساءل: هل ما تراه عيناي حقيقي أم لا؟! كنت أحاول تقليد ما أراه إلى أن التقيت بساحر برازيلي عندما كنت في إسبانيا. كان عمري آنذاك 12 سنة.. اقترحتُ عليه أن يُعلّمني تقنيات هذا النوع من السحر، لكنه رفض في البداية، قبل أن يوافق بعدما ألححْتُ عليه. وبعد أسبوع علمني بعض التقنيات وسلّمني ما يمكن اعتباره «مفتاحا» كي أدخل المجال، فضلا على كتاب ونصائح في هذا المجال». من ضمن النصائح التي تعلّمها أمين من هذا الساحر البرازيلي ألا يكشف سر ما يتعلمه لأحد، إضافة إلى عدم السعي إلى تقليد أحد السحرة المشهورين عبر العالم: «هناك تقنيات معروفة في هذا المجال، ولكن ما يضمن الاختلاف هو شخصية الساحر»، يوضح أمين العايوز. «عندما بدأت ممارسة السحر الاستعراضي لم يكن أحد يُعلّمني، كنت أتعلم بالاحتكاك. كنت أشاهد أشرطة فيديو تخُص عروضا لسحرة عالميين معروفين، مثل ليمانت غرين والأخوين دان ودايف ريكي جاي. كان «أستاذي» هو المرآة التي كنت أشاهد فيها نفسي وأنا أمارس الألعاب السحرية. كنت أنا الوحيد في مدينتي الذي يحترف السحر، ولم يكن هناك جمهور، خاصة أن سكان الناظور محافظون ويرفضون مثل هذه الأعمال.. كنت أمارس السحر الاستعراضي فقط خلال السفريات التي أقوم بها إلى دول أخرى. فحتى وسائل ممارسة هذا النوع من السحر غير موجودة في المغرب، بل إن أوراق اللعب نفسَها التي أستعملها في ألعاب السحر أقتنيها من فرنسا»، يستطرد أمين. بدأ أمين يتقن، شيئا فشيئا، هذا النوع من السحر ويقوم بأمور لا يُصدّقها عقل. تحمّس وقرر المواصلة بعدما بدا على الناس الذين يحضرون عروضه إعجاب، إعجاب وصل إلى مقارنة ما يقوم به أمين بسحر أسود يستعان فيه بالجن: «يحدث أن يطلب مني بعض الأشخاص أن أوتيَّ أعمال سحر أو كتب أحجبة. في عيد الفطر الماضي، طلبت مني إحدى قريباتي أن أعمل لها حجاجا. يرفض العديد من الناس أن يُعيدوا قطعة نقدية استعنتُ بها في عمل سحري إلى جيوبهم خوفا من أن تصيبهم «لعنة»، معتقدين أنني «سْمايري»، أي محترف لما يسمى السماوي»، يردف أمين. إتقان أمين لأعمال سحر استعراضي مكنته، ذات يوم، من فضح مشعوذ كان يتجول في مدينة الناظور مدعيا أن «شريف»: «ذات يوم، التقيت هذا المشعوذ وقام أمامي بحركة قمت بإعادتها بشكل أكثر إتقانا، فوقف مصعوقا وغادر المدينة على الفور»، يقول أمين. «ليست لهذا النوع من السحر علاقة بالجن، بل إنه يُمارَس منذ قرون في المغرب، من خلال «الحْلاقي»، التي تتم فيها عروض سحرية تدخل في إطار السحر الهندي»، يوضح أمين. منذ سنوات وأمين العايوز يتخذ من السحر الأبيض هواية، لا يطمع من ورائها في مال أو شهرة، حسب قوه، بل يرغب فقط في التعريف بقدراته الخارقة وبالسحر الاستعراضيّ في المغرب: «هناك ساحرون متفوقون في المغرب، يُقدَّر عددهم ب100 شاب تقريبا، يوجد نصفهم في الدارالبيضاء. هناك ساحرون معروفون ولكنّ الإعلام هو الذي «صنعهم» بحكم علاقات بمسؤولين في القنوات المغربية»، يضيف أمين. ليس ضمن هؤلاء الساحرين المغاربة نساء، كما يؤكد أمين، عكس دول أخرى تجيد فيها فتيات تقنيات السحر الأبيض. كما أنه ليست جمعيات أو منظمات ينتظم فيها سحرة مغاربة، رغم أن هناك مغاربة تمكّنوا من الظفر بمسابقات دولية في السحر الاستعراضي وأبانوا عن تفوق في هذا المجال. «على الساحرين المغاربة أن يُنظّموا أنفسهم وألا ينظروا إلى ما أبعدَ من أنوفهم والجري وراء كسب مَبالغ مالية مقابل إحياء حفلات أو سهرات عيد ميلاد، فهذا المجال يستحق أكثر من ذلك»، يقول أمين.