دخلت الأزمة، غير المعلنة، بين المغرب وموريتانيا منعطفا جديدا مع إقدام الإدارة العامة للأمن والحوزة الترابية الموريتانية على إخبار مدير مكتب وكالة الأنباء المغربية في نواكشوط، حفيظ البقالي، بأنه «شخص غير مرغوب فيه وعليه مغادرة نواكشوط خلال 24 ساعة». وفي حين لم تقدم السلطات الأمنية الموريتانية أي تبريرات لقرارها، كشفت أوساط إعلامية محلية أن «البقالي خضع لرقابة أمنية خلال الأيام الماضية، بعد اشتباه الأمن في اتصالات ربطها ببعض الصحافيين الموريتانيين منذ أسابيع». ووفق مصادر أمنية، فإن نواكشوط «تتهم البقالي بالسعي إلى تجييش صحافيين موريتانيين ضد التقارب الموريتاني – الجزائري». وفي حين لم يتسن ل «المساء» أخذ وجهة نظر وزارة الخارجية المغربية ولا السفارة المغربية في نواكشوط في الملف، قال مصدر قريب من البقالي: «إن التفاصيل الحقيقية لما حدث لا تزال غير متوفرة، ولا يمكن بأي حال الجزم في هذه الرواية. وعلى كل حال هناك إجراءات من الضروري اتبعاها، منها استدعاء المعني بالأمر واستفساره، ثم إنذاره، وكان مفروضا أن يتم الاتصال بالإدارة العامة للوكالة لإخبارها بالموضوع.. هناك مساطر كان مفروض تتبعها، لكنها لم تحترم». وأضاف المصدر ذاته أن «مدير المكتب قضى أزيد من سنتين في موريتانيا، ولديه أبناء يتابعون دراستهم والتزامات أسرية، وكان من المفروض، قبل اتخاذ أي إجراء من هذا القبيل، إخبار السفارة المغربية بموريتانيا، وهو ما لم يحصل، بل بالعكس، تم إجباره على الرحيل في ظرف 24 ساعة، دون مراعاة لوضعيته الأسرية»، موضحا «طلبنا من السلطات الموريتانية منحه مهلة 3 أيام لترتيب أموره، لكنها رفضت، وبالنسبة إلينا فالأمر أكبر من ملاحظات حول أسلوب اشتغال المدير، وهي رسالة موجهة من طرف بعض الجهات في الدولة الموريتانية لها علاقة بسياق غير السياق الإعلامي، وضحيتها الأكبر عبد الحفيظ البقالي»، ولمحاولة الفهم، يقول المصدر ذاته: «من الضروري البحث في العلاقات الحالية بين نواكشوطوالجزائر، حيث يلاحظ نوع من التقارب وعودة الدفء بين الطرفين على حساب المغرب». وبالعودة إلى العلاقات بين الرباطونواكشوط، التي شهدت نوعا من الفتور في الآونة الأخيرة، بعدما كان المغرب من أكبر الداعمين للرئيس الحالي لموريتانيا، محمد عبد العزيز، يشير عدد من الملاحظين إلى أن الأزمة، غير المعلنة، تتجلى أساسا في غضب الجانب الموريتاني من دخول المغرب سباق المنافسة على مقعد مجلس الأمن، مما أضعف حظوظها، بعد أن حصلت موريتانيا على دعم عدد كبير من الدول الإفريقية، من ضمنها الجزائر، وكذا رفض المغرب تسجيل الطلاب الموريتانيين في الجامعات المغربية، والذين وصل عددهم إلى أزيد من 800 طالب، بالإضافة إلى قضية فسخ المغرب لعقد تجاري يقضي بنقل الحجاج الموريتانيين من قبل الخطوط الملكية، ما استدعى تكفل الخطوط الجوية الجزائرية بنقلهم استجابة لطلب من السلطات الموريتانية. ويسجل المراقبون أن الفتور الدبلوماسي، ومن تجلياته عدم انعقاد اللجنة العليا المشتركة منذ 5 سنوات، وتأجيل ثلاث زيارات مقررة للرئيس الموريتاني إلى المغرب، تضاعف بتطور العلاقات الموريتانية الإيرانية، عقب طرد المغرب للسفير الإيراني بعد أزمة بين البلدين، يضاف له الموقف الموريتاني من الأزمة الليبية وامتناعها، حتى الآن، الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي. وعلاقة بقضية مدير مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء، قالت رابطة الصحافيين الموريتانيين إن طرد رئيس مكتب وكالة الأنباء المغربية بموريتانيا، مناف للقانون، ولأخلاق الموريتانيين عموما. وأضافت الرابطة في بيان لها أن «الزميل البقالي يتمتع باعتماد قانوني لمزاولة مهمته، كما أنه مقيم مع أسرته وأطفاله في موريتانيا منذ عامين، ولم يسعفه قصر الأجل المحدد لمغادرته البلاد للسفر بأسرته وأطفاله الصغار في ظروف إنسانية». وأضافت الرابطة «إن طرد الزميل البقالي على هذا النحو، يعطي الانطباع بأن التعامل مع الصحافيين أصبح مفتوحا للأجهزة الأمنية، من جهة ثانية، في تعد واضح على صلاحيات وزارة الإعلام، التي هي المسؤولة إداريا وتنظيميا عن أي إجراء يعني الصحافيين».