أقدمت المديرية العامة للأمن الوطني، أول أمس، على حركة تنقيلات تأديبية همت رجال أمن، ضمنهم دراجان بالدار البيضاء بعد عرقلة الموكب الملكي، لأسباب لا علاقة لها بالأمنيين المشمولين بهذا الإجراء التأديبي وإنما بالتسيير الكارثي لهذه المدينة العملاقة. وقد أثارت هذه القرارات التأديبية استياء وسط رجال الأمن الذين كانوا ينتظرون أن تطال تلك التنقيلات بعض الأسماء من العيار الثقيل التي تتقاضى رواتب سمينة من المال العام ظلما وعدونا دون أن تقدم إلى المدينة أي قيمة مضافة. لقد أصبحت حركة التنقيلات في صفوف رجال الأمن نوعا من الروتين الذي يتم اللجوء إليه، سواء في ظروف عادية لإعطاء الانطباع بأن المؤسسة الأمنية تشتغل بشكل جيد أو في ظروف استثنائية تلعب دورا في تكييف تلك التنقيلات وتغليفها بحيث لا تثير أي تساؤل في الوسط الأمني. لكن الملاحظ باستمرار هو أن هذه الحركة عادة ما يكون ضحاياها من رجال الأمن البسطاء الذين يقبعون في أدنى السلم الإداري، وبالتالي لا تكون أمامهم أي إمكانية للاحتجاج أو الطعن في القرار، لأنهم في هذه الحالة سيكونون أمام مسطرة أشد قساوة تُنزل بهم أشد العقوبات بتهمة مخالفة القانون وعدم الانضباط. لقد أصبح معروفا لدى غالبية أطر سلك الأمن في بلادنا أن حركة التنقيل تكون وسيلة للإبعاد والعقاب أو للانتقام أحيانا -دون أي سلطة مضادة يمكنها أن توقف مثل تلك القرارات، وهذا ما يثير السخط- وليس للتنقيل في حد ذاته، لأن الإدارة لها الحق في تنقيل أي شخص تابع لها، لكن السؤال هو حول استثناء أصحاب الدرجات الرفيعة من هذه الحركة والتضحية بالصغار، وجعل الحوت الصغير هو الذي يؤدي الثمن عوض الحوت الكبير. إن رجال الأمن ينتظرون تصفية هذا الجو الذي أصبح يخنق أنفاسهم ويشيع في صفوفهم الخوف عوض الأمان والشعور بالاستقرار مع أفراد عائلاتهم، ذلك أن المغرب قطع شوطا في تثبيت المواطنة والمساواة أمام القانون بعد الدستور الجديد.