تعيش الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطي هذه الأيام حالة احتقان وتذمر منذ صدور القانون المتعلق بالتحفيظ العقاري. وأضافت مصادرنا أن الوكالة أصيبت ب«شلل» شبه تام نتيجة عدم التنسيق بين مختلف المديريات والمصالح التي من المفروض أنها تتوفر على ترسانة من الأطر في القانون، إلا أنها لم تفطن إلى عواقب إصدار هذا القانون، الذي أصبح له انعكاس سلبيّ، سواء على فئة كبيرة وعريضة من التقنيين والمساحين الطبوغرافيين أو على شريحة من المواطنين، الذين أصبحت ملفاتهم، وهي بالآلاف، عالقة. وتضيف مصادرنا أنه فضلا على الخسائر التي يواجهها المواطنون نتيجة مدّهم بمواعيد مسبقة من أجل القيام بعمليات المسح، فإنهم يضطرون إلى إحضار الجوار والتوفيق بينهم من أجل المعاينة، كما أن البعض منهم تكبدوا خسائر السفر من خارج الوطن لحضور ترتيبات المسح، إضافة إلى حرمان الوكالة من مداخل تصل إلى عشرة ملايير سنتيم يوميا. وأكدت المصدر ذاتها أن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية قامت، منذ أقل من شهر وقبل صدور هذا القانون، بتوظيف مئات التقنيين الطبوغرافيين، مما يضع علامة استفهام كبيرة حول إستراتيجية عمل هذه الإدارة وكذا حول التنسيق بين مختلف مصالحها المركزية وبين إدارتها في الرباط. وعلمت «المساء» أن المسؤولين المركزيين يجتمعون في محاولة منهم للتخفيف من أهمية هذه المشكلة وفرض تعتيم إعلامي كبير عليها، بهدف التقليل أهميتها، بإيجاد حلول «ترقيعية» وإصدار فتاوى للالتفاف وراء القانون. ووجهت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطي عددا من المذكرات مضمونها مبهم ومتناقض الهدف، كادت، حسب مصادرنا أن تورط المحافظين ورؤساء مصالح المسح العقاري والخرائطي، وتارة أخرى وجّهت تعليمات عبر الهاتف إلى رؤساء المصالح في مختلف المدن من أجل إجبارهم وإرغامهم على حث التقنيين على القيام بعمليات المسح وانتحال الصفة والتدليس في المحاضر تحت طائلة التهديد، مع العلم، يقول محدثونا، أن القانون يمنع ذلك بتاتا ويُعرّضهم للمتابعات القضائية. مثلما تعمد الإدارة المركزية، أحيانا أخرى، إلى إرغام رؤساء المصالح أنفسهم على القيام بهذه العمليات، مما يتنافى مع مختلف المسؤوليات وكثرة الأشغال التي يقومون بها، إضافة إلى توجيهات أخرى تفيد بتسريع عملية أداء اليمين لبعض المهندسين والتسجيل في هيأة المهندسين المساحين الطبوغرافيين قصد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، رغم أن بعض هؤلاء المهندسين يفتقرون إلى الخبرة والتجربة للقيام بتلك العمليات، خاصة الذين تم تعيينهم في الوكالة مؤخرا.