في إطار صفقة تبادل الأسرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ينتظر أن تفرج إسرائيل اليوم، الأحد، عن الدفعة الثانية من الأسرى الممثلة في قائمة تشمل 550 أسيرا. يوجد ضمن اللائحة صلاح حموري، الذي يحمل رقم 525، وهو أسير من جنسية فلسطينية-فرنسية، وقد أمضى 6 سنوات وتسعة أشهر وعشرة أيام في السجون الإسرائيلية بناء على تهم ملفقة سعت من ورائها إسرائيل إلى إظهار أن لها اليد الطولى والثقيلة لتأديب ومعاقبة أعدائها. صلاح حموري من مواليد 25 أبريل 1985 بمدينة القدس، وهو من أم فرنسية (دونيز غيدو، أستاذة اللغة الفرنسية بالقدس) وأب فلسطيني (حسن حموري، طباخ)، تابع دراسته في جامعة بيت لحم في مادة علم الاجتماع، يقيم رفقة عائلته بالقدسالشرقية حيث جرب، مثله مثل بقية الشباب الفلسطيني، مختلف أشكال الإهانة والتسلط. وكان من الطبيعي، مثل أبناء جيله، أن ينتفض ويقاوم الاحتلال.. ألصق المنشورات على الحيطان بشعارات مناهضة لإسرائيل، تسببت في سجنه لمدة أسبوعين؛ خرج في مظاهرات طلابية وهو طالب في جامعة بيت لحم. في الثالث عشر من مارس 2005، وبينما كان في طريقه إلى رام الله، رفقة بعض من أصدقائه، أوقفته الشرطة الإسرائيلية عند نقطة تفتيش قلقيلية، ليعرف بداية رحلة إلى الجحيم، حيث وجهت إليه تهمتين «ثقيلتين»: التخطيط لاغتيال الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لحزب شاس الإسرائيلي، والانتماء إلى منظمة محظورة، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكما لو كان مجرم حرب، اجتمعت المحكمة العسكرية الإسرائيلية خلال عامين متتاليين لمدة عشرين مرة لإثبات التهمتين. وبعد ثلاث سنوات من الاعتقال المؤقت، حكمت عليه نفس المحكمة بسبع سنوات سجنا، قضى منها حتى اليوم 6 سنوات و9 أشهر في معتقل غيلبوا. وقد كان للحزب الشيوعي الفرنسي الفضل في الكشف عن قضية صلاح حموري لدى وسائل الإعلام، ومساندة حملة الدعم التي تبنتها لجنة الدفاع عن الأسير الفلسطيني الفرنسي والمكونة من شخصيات فرنسية بارزة، مثل جان-كلود لوفور، ستيفان هيسيل، روني برومان، جاك لانغ، نوييل مامير، إدغار موران، ألبير جاكار والممثل فرانسوا كلوزي، ويناهض أغلبهم سياسة الاحتلال الإسرائيلي. وخلال مقابلة تلفزيونية، خاطب الممثل فرانسوا كلوزي، جان-فرانسوا كوبيه، الأمينَ العام لحزب التجمع من أجل حركة شعبية، التابع لساركوزي، بهذه الكلمات: «هل سمعت بصلاح حموري؟ هل تعرف اسمه؟». في غضون ذلك، كانت مواقف الحكومة الفرنسية متخاذلة جدا، حيث ترجمت وبالملموس سياسة الكيل بمكيالين، إذ بينما لم تدخر لا الجهد ولا الإمكانيات للدعاية والدفاع عن الجندي الإسرائيلي-الفرنسي جيلاد شاليط، دفنت رأسها في الرمال في قضية أسر صلاح حموري، حتى لا تغضب إسرائيل والإسرائيليين من حملة الجنسية الفرنسية، الذين يزِنون بقوة في كفة الانتخابات. هكذا عرضت أغلبية البلديات التابعة لليمين الساركوزي صور جيلاد شاليط، كما نظمت حفلات غنائية تضامنية وحملات تبرعات وألقيت خطب تمجيد له. أما في حالة حموري، فتذرعت وزارة الخارجية الفرنسية بحجة أن «إسرائيل دولة قانون» وأنه من المستحيل التدخل في المسلسل القضائي المتبع. فيما طالب بيرنار كوشنير، وزير الشؤون الخارجية آنذاك، ب«محاكمة سريعة». وعن طلب توجهت به عائلة صلاح حموري إلى راما ياد، أجابت هذه الأخيرة برسالة كررت فيها منطوق حكم المحكمة العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يفيد بأن صلاح جانٍ ويستحق السجن، أما رفض الرئيس نيكولا ساركوزي استقبال عائلة صلاح حموري فسيبقى من مآثر ولايته؛ ألسنا هنا بصدد مواطنة بمكيالين؟ كان من المتوقع أن يطلق سراح صلاح حموري رسميا في شهر مارس القادم بعد أن يكون قد أقفل المدة الكاملة و«القانونية» لحبسه، لكنه حتى وإن استفاد من الثلاثة أشهر المتبقية، فإنه سيخرج مرفوع الرأس. ومن بين الأسئلة التي ربما تكون خامرته أو التي قد تخامره السؤال التالي: «ما جدوى أن يكون المرء فرنسيا إن لم تحمه جنسيته من شطط القوانين الجائرة والاعتباطية؟».