"بيجيدي" الراشيدية يستنكر منعه من قاعة عمومية    رئيس الحكومة يدشن الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    حريق ضخم يلتهم سوق بطنجة ويسبب خسائر مادية كبيرة    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    الملك محمد السادس يهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة يوم التأسيس المجيد    لاعب الرجاء بوكرين يغيب عن "الكلاسيكو" أمام الجيش الملكي بسبب الإصابة    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    زخات مطرية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من المناطق المغربية اليوم    بحضور أخنوش.. الرئيس الفرنسي يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس الذي يحتفي بالمغرب كضيف شرف    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    سيناريوهات ما بعد هزيمة العرب وأمريكا في أوكرانيا    جمعية صُنّاع الأمل بالعرائش تنظم ندوة بعنوان "الشباب والمشاركة المحلية: الإسهام في قضايا التنمية"    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    مراكش: فتح بحث قضائي في حق عميد شرطة متورط في قضية ابتزاز ورشوة    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    إسرائيل تتسلم رهينتين من حماس    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    استشفاء "بابا الفاتيكان" يثير القلق    "قضاة المغرب" يستنكرون تهكم وهبي ويرفضون خرق واجب التحفظ    "العدل والإحسان" تدعو لوقفة بفاس احتجاجا على استمرار تشميع بيت أحد أعضاءها منذ 6 سنوات    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    إطلاق "كازا تراث"… منصة مخصصة لاكتشاف تراث المدينة    المداخيل الضريبية ترتفع بنسبة 24,6 % عند متم يناير 2025    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا وال 16 عالميا في أساسيات مزاولة الأعمال    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    إدارة الرجاء توجه رسالة إلى جمهورها قبل مباراة الكلاسيكو    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدمير غابات الأطلس يهدد بخنق «رئات» المغاربة
جهة تادلة أزيلال تخسر 60 مليون درهم سنويا نتيجة تراجع الغطاء الغابوي
نشر في المساء يوم 17 - 12 - 2011

«عندما يتسلل الدفء إلى أعضاء جسمك وتطرد بردا عابرا، منتشيا بوجود الفحم في متناولك، اعلم أن وصول الفحم إليك كان بفضل شجرة في الغابة البعيدة
وأنك ساهمت في القضاء على مستقبلك ومستقبل أبنائك».. بهذه العبارة ينافح سعيد، الناشط البيئي عن مستقبل الغابة في جبال الأطلس. سعيد واحد من عشرات الشباب الذين يتألّمون لما يسمونه «جرائم الغابة» من طرف «مافيات الذهب الأخضر» أو عصابات التفحيم السري في جبال الأطلس المتوسط وإقليمي بني ملال وأزيلال.
تمتد غابات جهة تادلة -أزيلال على مساحة تفوق 500 ألف هكتار، منها 152 ألف هكتار في إقليم بني ملال، وتتنوع بين أشجار البلوط الأخضر، الذي يشكل ثلاثة أرباع من مساحة الغابات، اضافة إلى أشجار العرعار والصنوبر والأرز والأشجار الطبية والأعشاب العطرية، ك«الزكوم» و«الزعتر» و«الخروب» و«ورق سيدنا موسى»، بنسب متفاوتة، لكنّ تعاليّ الأصوات المستنكرة لتدمير الغابة لم يمنع آلة التدمير من التوقف. كانت الحكاية تبدأ من بعض السكان المجاورين للغابة، الذين كانوا يستفيدون منها بقدْر ما يكفي حاجاتهم، قبل أن تتطور إلى تجارة مربحة وتنتهي بمجموعات محترفة تتشابك مصالحها لتجعل من الغابة منجما ل«الذهب الأخضر». وتبقى توقعات مديرية الأرصاد الجوية المغربية اضطرابات مناخية كبيرة وارتفاع درجة الحرارة وانخفاض معدل التساقطات في الأطلس المتوسط هاجسا سيقترب أكثر من سنة 2070 أمام التدمير الهائل للغابات ويُهدّد بخنق «رئات» المغرب التي يستنشق منها الأوكسجين.. وتخسر جهة تادلة -أزيلال، بسبب تدمير الغابة، سنويا 60 مليون درهم، وتؤكد دراسة أنجزتْها المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر لجهة تادلة -أزيلال في بني ملال أن مرد تلك الخسائر السنوية إلى «تراجع الغطاء الغابوي وتقلص إنتاجية الأراضي الزراعية وانخفاض إنتاجية أراضي الرعي وتوحّل حقينة السدود، وهي تكلف غاليا، دون احتساب ما يُكلّفه تراجع التنوع البيولوجي».
خريطة التفحيم السري
التفحيم السري الذي يتم عبر تحويل خشب الأشجار إلى فحم خشبي بطرق غير قانونية في نظر مصطفى بعريس، المدير الجهوي للمندوبية السامية للمياه والغابات، «ظاهرة معروفة منذ القدم في غابات «الدير»، التابعة لجماعات (فم العنصر، تاكزيرت، تانوغة وفم أودي) الممتدة على مساحة غابوية تناهز 28.000 هكتار»، وهو في اعتقاده يتم عبّر مجموعات متكونة من أشخاص محترفين في الميدان، ويرتبط بمواسم في السنة، و«يتناقص هذا النشاط كلما توفرت فرص العمل (خلال مواسم الحرث والحصاد وجني الزيتون). وتتفاقم الظاهرة بحدة خلال فترات انعدام فرص الشغل، إضافة إلى فترات معينة من السنة، كشهر رمضان واقتراب عيد الأضحى، لكن الخريطة أوسع من ذلك بكثير، وتمتدّ إلى جماعات (دير القصيبة وناوور وبوتفردة وتزي نسلي)، لتصل أوجَها في جماعتي «أغبالة»، في بني ملال، و«آيت أوقبلي» في إقليم أزيلال، وتمتد أكثر في الشريط الفاصل بين الإقليمين على امتداد نهر «وادي العبيد» وراء جبال «تاصميت واغنيم». ويكفي أن نعرف أنه يوجد في مركز «أغبالة» أكثر من 30 ورشة للنجارة لساكنة جماعة لا تتعدى 6000 نسمة، بينما يوجد نفس العدد من ورشات النجارة في مدينة بني ملال، عاصمة الجهة، التي يتعدى عدد سكانها 200 ألف نسمة..
مافيات التفحيم السري
يقوم التفحيم السري على قطع أشجار الغابة وصناعة مفحمات «كوشات»، «وسط أدغال الغابات الجبلية بعيدا عن أعين رقابة الغابويين أو تحت نظرهم، حسب درجات القرب بين الطرفين»، وقد يتخذ قناع التفحيم القانوني، لكون طرق التحايل كثيرة، مما يجعل من الصعب وضع حد فاصل بين التفحيمين السري والقانوني. و«يخطئ من يعتقد أن مافيات التفحيم السري تعمل بعيدا عن أعين الرقابة، لكنّ المصالح المُتبادَلة لكل الأطراف تجعل عملها يكتسي شرعية واقعية وليس قانونية»، يقول عنصر من الدرك الملكي. نفس الرأي تبنّاه رئيس جماعة «دير القصيبة» في لقاء رسمي أمام والي الجهة، مؤكدا أن «عصابات التفحيم السري شبكة خطيرة معروفة، تستغلّ حاجة السكان وتهريب الأخشاب بعد قطع الأشجار من غابات الجبال المحيطة بجماعة دير القصيبة، مما يتلف السد الطبيعي ويجعلنا دائما أمام كل كارثة محتملة»، الكارثة المقصودة تلك التي ضربت دوار «آيت حمو عبد السلام»، وذهب ضحيتَها 7 أشخاص وخلّفت خسائر فادحة في المنازل والمواشي، واتفق الجميع حينها على أن تدمير السدود الطبيعية التي كانت تشكلها أشجار الغابة من طرف «مافيات التفحيم السري» هي السبب.
«نكاد نوقف كل أسبوع أحد الوسطاء متلبّسا على متن شاحنة أو سيارة مُحمَّلة بالأخشاب المخصصة للتفحيم السري، لكنْ عدم التتبع وغياب الردع يساهمان في تغاضي المسؤول الترابي عن تلك الجرائم أو التورط فيها أحيانا»، يشرح مسؤول ترابي في إقليم بني ملال تعامُلَ السلطات المحلية مع سماسرة وعناصر «مافيات التفحيم السري»، وكان المسؤول يجيب عن سؤال حول «تورط» قائد «أغبالة» السابق في تهريب الأخشاب، بينما يرى رئيس دائرة سابق أن «الحلول البديلة التي اقتُرِحت على السكان ضحايا وسطاء والسماسرة في التفحيم السري بإيجاد بدائل لهم يرفضونها، يفضلون العمل مع وسطاء وسماسرة التفحيم السري، بسبب الأموال الطائلة التي يحصلون عليها».
توزيع «مافيات التفحيم السري»
تتوزع عناصر «مافيات التفحيم السري» إلى فرق متخصصة، يتكون الفريق الأول من 4 إلى 10 أشخاص، تتلخص مهمتها في قطع ونشر الأشجار باستعمال «القطاعة» والمنشار بمحرك، ويكون أعضاء الفريق «مُسلَّحين» بمقلع لكل شخص وأسلحة بيضاء وأسلحة نارية أحيانا، بينما يقوم بحراستهم فريق ثانٍ مُجهَّز بهواتف محمولة، فيما يتكون الفريق الثاني، المختصّ في نقل الأخشاب من 10 إلى 40 شخصا، مُسلّحين للهجوم على أي دورية مفاجئة للمراقبة وينقلون المنتوج عبر الدواب «المُروَّضة» وصولا إلى مراكز التخزين في الدواوير المجاورة للغابة المُستهدَفة.
يسخر «محمد ن.» من سؤال العمل في الحقول القليلة. يقلب محمد هاتفه المحول باهظ الثمن ويطرح سؤالا /جوابا عن السؤال: «هل تعتقد أنني كنت سأرتدي هذه الملابس أو أنعم بهذا الهاتف وباشتراك شهري في شبكة الاتصالات؟».. يشرح محمد طرق عمل شبكات «مافيا التفحيم السري» بكون «ذوي حق الانتفاع هم الغطاء القانوني لتلك العصابات وبهم تتم عمليات التفحيم، انطلاقا من قطع الأشجار ونشرها وصناعة المفحّمات «الكوشات»، ووصولا إلى شحن الفحم على ظهور الدواب أو على متن الشاحنات». يربح محمد، في نهاية كل أسبوع، مبلغا ماليا يتراوح بين 3000 درهم و3600 درهم، بينما يعلن «الحسين» أسباب رفض السكان التجاوب مع الدعوات للحفاظ على الغابة بقوله: «لقد تناست الدولة أننا نوجد هنا ولم توفر لنا طرقا أو مدارسَ أو مستشفيات، وتطلب منا أن نموت للحفاظ على الغابة دون مقابل.. معادلة حمقاء»..
أشكال التواطؤ
يؤكد مهرب ل«المساء» أن التواطؤ المباشر يتم بين بعض الغابويين وعناصر المافيات بنصيب في المنتوج المُهرَّب بالدلالة على الأشجار التي يجب قطعها، ويكون الاتفاق على توقيتي القطع والتهريب. ويقدم المهرب نموذجا لمسؤول غابوي في مركز «تونفيت»، تحدثت الصحافة عن امتلاكه سيارتين في مدة قصيرة وتشييده فيلا راقية في مكناس، وهو ما لم يتمكن منه مسؤولون جهويون قضوا عقودا في مناصبهم.. أو يتم الاتفاق بين رؤساء بعض المناطق الغابوية والمهربين على «غضّ الطرف» عن حجز السّلع القادمة من غابات لا تخضع لرقابة هؤلاء المسؤولين، فيكون العبور بمثابة «تأشيرة مرور». ويضيف نفس المهرب أن من صور التواطؤ توفير بعض رؤساء المناطق الغابوية للمهربين غطاء قانونيا بالتأشير، فعلا، على السلع المهرَّبة وجعلها «قانونية» وباستغلال «التسليمات»، التي تعتبر بمثابة رخصة القطْع القانونية، في نقل وتسويق الأخشاب المُتحصَّل عليها من القطْع غير القانوني ونهب الغابة والإدلاء برخصة القطع و«المرور»، في حالة الإيقاف، من طرف دوريات المراقبة.
مسدسات «عاشوراء»
لا ترقى الوسائل اللوجستيكية، في نظر موظف غابوي، إلى مستوى جعل الموظف الغابوي يقوم بمهامه ولا توفر له الدولة أي حماية، فقد وقع رجال من المياه والغابات في خنيفرة في كمين في مركز «أغبالة» بإقليم بني ملال، حين تعرضت الدورية لهجوم مُنظَّم باستعمال العصي والحجارة و«المقالع» اليدوية والأسلحة البيضاء وتم تجريدهم من بندقيتين. كما تم احتجاز تقنيين غابويين من طرف «مافيات الغابات» في «آيت حنيني» في إقليم خنيفرة رهائنَ في بيت منعزل وتعرضوا للتعذيب النفسي وتم تجريدهم من هواتفهم وسيارتهم بعد تخريبها، ليتصل الخاطفون، في النهاية، بمسؤولي القطاع الغابوي لتخليص موظفيهم من الأسْر.. ورغم بيانات جمعية التقنيين الغابويين حول كون «هذه الاعتداءات الخطيرة تقع في غياب إجراءات قضائية صارمة تساهم في الحد من نزيفها وفي ظل انعدام أي سند من السلطات الإدارية والمحلية وغياب ضمانات قانونية ومهنية والتعويض عن المخاطر، أسوة برجال الدرك والجمارك والشرطة»، فإن ذلك لم يغيّر في الواقع القائم شيئا. كما أن استمرار الفراغ القانوني في استعمال الأسلحة من طرف الغابويين يجعل حملهم السلاح «كمن يحمل مسدسات «عاشوراء» البلاستيكية الخاصة بلعب الأطفال»، يؤكد مصدر غابوي، وهو «مطالَب بحماية آلاف الهكتارات دون استعماله السلاح، بينما يساهم القضاء والسلطة المحلية في استمرار «الجرائم» التي تُرتكَب في حق الغابة ويتحمل الموظف الغابوي التّهَم الباطلة بوقوفه شاهدا أخرس على تلك الجرائم»، التي ما تزال تسمى «مخالفات»، فهل يكفي قانون ظهير 10 أكتوبر 1917 لوقف تدمير الغابة بعد مرور حوالي 100 سنة على إصداره؟..



المدير الجهوي للمندوبية السامية للمياه والغابات في بني ملال تحدث عن عوائق قانونية تساهم في تشجيع من يدمرون الغابة
مصطفى بعريس: تنفيذ الأحكام القضائية ضد المخالفين لا يرقى إلى المستوى المنشود
- ما هي أنواع المخالفات المسجلة في الغابات التابعة لجهة تادلة أزيلال؟
اعتمادا على تحليل المعطيات المتعلقة بالمخالفات الغابوية بجهة تادلة أزيلال خلال سنتي 2010 و2011 يمكن توزيع المخالفات المقترفة داخل المجال الغابوي من حيث النوع على شقين بإقليم بني ملال التفحيم وتهريب خشب الأرز، وظاهرة التفحيم بالإقليم، بغض النظر عن الوضع الإجتماعي للساكنة المحلية والمحيطة بالغابة التي تمتهن هذا الفعل لدواعي الفقر والكسب اليومي، فهي كذلك الخيط المتين لعصابات وشبكات الإتجار الغير مشروع في منتوج الفحم الخشبي من طرف أناس يحترفون هذا الفعل من أجل الإثراء مستفيدين من الموقع الجغرافي للشريط الحدودي بين إقليمي بني ملال و أزيلال والذي يتميز بسهولة التوزيع لهذا المنتوج في سافلة الدير، كما توجد ظاهرة تهريب خشب الأرز الأطلسي التي مصدرها غابة تونفيت التابعة لإقليم ميدلت في الحدود المجاورة لجماعة وقيادة أغبالة وغابة أيت حمامة المتواجدة داخل نفوذ جماعة أغبالة إقليم بني ملال تتجاوز الحدود الإقليمية إلى أبعد من ذلك أما بإقليم أزيلال فهناك الترامي على الملك الغابوي بالتعشيب و الحرث .
- ماهي الاجراءات المتخذة لمحاربة تدمير الغابة؟
تعتبر المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر جهازا مسؤولا عن تسيير الملك الغابوي، حيث تتعرض أنشطتها لنزاعات مختلفة ينتج عنها كم كبير من المحاضر الجنحية تكون بمثابة إثبات للمخالفات الغابوية وتصبح بذلك موضوع دعاوى قضائية، إلا أن عملية تنفيذ الأحكام وإن كانت البرهان عن الجزاء الذي يتخذه المخالف «بكون قوة القانون تكمن في تنفيذه وفعاليته»، فإنها لا ترقى إلى الأهداف المنشودة و التي تتوخاها مصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ب«تنفيذ نسبة مرضية ومشجعة وتمكين الدولة من حقوقها واستخلاص الغرامات المالية المحكوم بها».
- ما هي العوائق التي تحول دون تنفيذ الأحكام القضائية؟
هناك عوائق قانونية تتمثل في الحق المُخوَّل للمحكوم عليهم في الطعن في الأحكام في الاستئناف، إن لم نقل إنهم يلجؤون كلهم إلى الطعن في الاستئناف في الأحكام الصادرة، مما يقتضي إحالتها على محكمة الاستئناف وما يترتب عن ذلك من إعادة إجراءات الاستدعاء والتبليغ أمام المحكمة المذكورة. وهذا الإجراء، إن كان له ما يبرره حينا، فذلك لكون المَبالغ المحكوم بها قد تتجاوز قدرة المحكوم عليهم، وهناك عوائق تتمثل في «ثلاثية» غرامة المخالفات الغابوية لفائدة الخزينة، وشكل تعويض لفائدة إدارة المياه والغابات، وإطار الرد لما وقع إتلافه، فإذا كان القضاء يستعمل سلطته التقديرية في ما يخص الغرامة الواجب أداؤها للخزينة العامة والتعويض، بالسعي إلى محاولة ملاءمتها مع الأضرار والظروف الاجتماعية للمخالف ونوع الأفعال، فإن القانون يغلّ يده في ما يخص المبلغ المطلوب في إطار الرد، وقد يكون، في بعض الأحيان، مبلغا مُهمّاً، لكن جل المحكوم عليهم يلجؤون إلى الاستئناف لوقف ما قضت به تلك الأحكام في مواجهتهم، رغبة في «طول» الإجراءات والتملص من العقوبة، مما يجعلهم بذلك يمارسون شططا في استعمال حق خوّله لهم القانون.
- ماذا تقترحون لتجاوز هذه العوائق؟
نرى أن التنسيق بين مختلف الشركاء، من نيابة عامة وكتابة الضبط لدى المحكمة أو مباشرة مع الدرك الملكي والسلطات المحلية يبقى من أهمّ الوسائل التي يمكن الاعتماد عليها في تفعيل مقتضيات ظهير 1917 وكذا القانون الجنائي لتسهيل مأمورية أعوان إدارة المياه والغابات، سواء على مستوى ردع الجناة أو لتوفير الحماية الجنائية للموظفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.