سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فريقش: لا وجود لنص قانوني يمكّن البريء من مقاضاة النيابة العامة والدستور الجديد يكفل التعويض قال إن اعتقال المتهمين بدل المراقبة القضائية رهين بجرأة القاضي وقناعته
-ماذا خصص المشرع المغربي للمتّهمين الذين يتحولون إلى أبرياء بعد قضائهم عقوبات حبسية داخل أسوار المؤسسات السجنية؟ ما يزال المشرّع المغربي غائبا في هذا الباب، لأنه لا وجود لنص قانوني يعطي الحق للمتهم البريء في مقاضاة سلطة الاتهام، حينما يتم الحكم عليه في ملف بالحبس وتظهر أدلة جديدة تؤكد عدم تورطه في الملف الذي يُتابَع فيه، كما أنه ليس هناك نص يعطيه حق التعويض بعد قضاء العقوبة، خلافا للتشريعات «الأنجلو سكسونية» التي تتوفر على قوانين تمنح للشخص المتهم الذي يتحول إلى ضحية تعويضات مالية «خيالية»، في بعض الأحيان، كجبر للضرر الذي لحقه داخل أسوار المؤسسة السجنية. وقد كشفت حجمَ هذه التعويضات الخيالية المحاكمات الأخيرة التي عوضت متابَعين بالإرهاب، من ضمنهم مغربي توبع في حالة اعتقال، وحصل على البراءة في نهاية المطاف. -سبق أن ترافعت في مثل هذه الملفات وطالبت بإحداث صندوق تعويض المتهمين الذين قد يتحولون إلى ضحايا.. أين وصل مطلبك وهل استفاد بعض موكليك من تعويضات مالية؟ لم يتحقق أي شيء في الحقيقة، ولكنْ يجب إحداث صندوق مخصص لتعويض المُتّهَمين الذين يتحولون إلى أبرياء، وهذا يطرح عددا من الإشكالات، لكون المشرع المغربي، للأسف، سن مجموعة من التدابير البديلة للاعتقال الاحتياطي، ولكن لا يتم اللجوء إليها لسبب واحد هو كون سلطة الاتهام، التي تتمثل في «النيابة العامة» أو «مؤسسة التحقيق»، تكرس ثقافة الاعتقال، وإذا تم وضع المتّهم رهن المراقبة القضائية بدل الاعتقال الاحتياطي لا يمكن أن تحرمه من الحرية. -هل يحق للمتهم مقاضاة النيابة العامة بعد قضائه عقوبة حبسية وخروجه في النهاية بريئا من تّهم وجّهت له؟ يعطي دستور فاتح يوليوز، الذي نتمنى أن يتم تطبيقه على أرض الواقع، الحق في التعويض بالنسبة إلى لمتهم الذي تتم تبرئته ويثبت ذلك على أساس خطأ قضائي، وبذلك يستطيع المتهم الحصول على تعويض بعد مراحل المحاكمة، وفقا للتشريعات الجديدة في البلاد. -هل يمكن المتهم أن يرفض اعتقاله أو مساءلته النيابة العامة عن أسباب ذلك؟ لا يمكن مساءلة مؤسسة التحقيق أو النيابة العامة من الناحية القانونية عن قرار الاعتقال، لأن ذلك يدخل في إطار سلطة الملائمة. - هل يمكن أن يكون قصور في أبحاث الضابطة القضائية لدى الأمن أو مصالح الدرك الملكي من هذه الناحية وبذلك يكون المتهم في الأخير هو الضحية بسبب قصور في الأبحاث والتحريات الأمنية؟ تكون مدة الحراسة النظرية غير كافية، في غالب الأحيان، لاستكمال الأبحاث التمهيدية، وخصوصا في الجرائم المركّبة، ويمكن أن أقول إن الإمكانيات الموضوعة رهن إشارة الضابطة القضائية غير كافية، بما فيها النقص في الأطر والإمكانيات اللوجستيكية والمادية، حيث نجد بعض عناصر الضابطة تتنقل على حساب إمكانياتها المادية والشخصية، ويمكن أن يسبب ذلك قصورا في الأبحاث التي تُجريها الضابطة القضائية، والتي تتم من ورائها إدانة أبرياء في ملفات لا تمت بصلة إلى التّهَم الموجهة لهم من قبل النيابة العامة بناء على المعطيات الأولية التي تقوم بجمعها الضابطة القضائية. -هل يمكن أن يلعب الاجتهاد القضائي دورا مهمّاً في الملفات والجرائم المركبة والأكثر تعقيدا؟ تتعلق المسألة بجرأة القاضي، سواء كان في النيابة العامة أو في مؤسسة التحقيق، لكون القاضي الجنائي لا تلزمه الاجتهادات القضائية في شيء ولكونه غيرَ مُقيَّد بالاجتهاد القضائي، لأن ذلك يبقى مركونا إلى قناعته الوجدانية (السلطة التقديرية) وهي غير خاضعة لرقابة محكمة النقض. -ما هي الإجراءات في نظركم التي يمكن الاستعانة بها لتفادي سقوط الأبرياء داخل أسوار المؤسسات السجنية؟ بالنسبة إلي كمحامٍ، يجب تفعيل النصوص القانونية وليس تعطيلها، إذ إن الترسانة القانونية التي نتوفر عليها كفيلة بضمان حرية الشخص، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يخضع المتّهم لتدابير المراقبة القضائية عوض وضعه في الاعتقال الاحتياطي داخل السجن، ويمكن للنيابة العامة أن تطلب من رئيس الجلسة أو مؤسسة التحقيق إلغاء هذه التدابير في حالة ظهور أدلة جديدة تثبت تورط المتّهَم في المنسوب إليه من قِبَل النيابة العامة والموضوعة أمام المحكمة، ويمكن أن نقول إنه في حالة عدم تفعيل النصوص القانونية فقد يساهم ذلك في تعطيل لإرادة المشرع المغربي في هذا الاتجاه، والذي بذل مجهوات كبيرة. -هل تعتقد أنه يصعب أن يتم الاعتماد على محاضر الضابطة القضائية لوحدها خلال مراحل المحاكمة أو يجب الاعتماد فقط على الشهود؟ اعتماد محاضر الضابطة القضائية في القضايا الجنائية غير مستساغ، لا من حيث القانون ولا من حيث المنطق، إذ تبقى هذه المحاضر مجردَ معلومات تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، وفي كثير من الأحيان، يحضر ضحايا تحت تأثير الخوف أو يكونون صادقين فعلا في تصريحاتهم، فيتم الانتهاء إلى أن الشخص الماثل أمام المحكمة ليس هو المتورط في عملية الاعتداء أو النصب وغيرهما من الجُنَح والجنايات التي يتعرض لها الضحية، ومع ذلك يتم التعامل مع محاضر الضابطة القضائية وكأنها قرآن مُنزَّه عن الخطأ، ويكون الأخذ بالاعترافات مركونا إلى قناعة القاضي خلال مراحل المحاكمة. -من خلال تجاربك مع بعض القضايا التي تنتهي في النهاية بالبراءة رغم قضاء الموكّلين عقوبات حبسية، ما هي طبيعة الأعراض التي تظهر على هذه الشريحة؟ هناك صدمات نفسية يمر منها المتّهم، الذي يتحول إلى ضحية، لأن المتهم الذي يقضي عقوبة حبسية رغم براءته، يتعرض لإقصاء من طرف المجتمع المغربي ويجد نفسه غيرَ مُحتضَن داخل هذا المجتمع، وهو ما يتطلب معه إجراء عدد من الفحوص الطبية، وخصوصا للمتهمين الذين لا يتوفرون على سوابق قضائية، إذ يشكل لهم السجن أول مرة صدمة نفسية كبيرة ويمكن أن يتعرضوا فيه لاعتداءات جنسية أو للإدمان على المخدرات وغيرها.