كلما تصفّحتُ الجرائد، ظهرت أمامي أخبار عن وفاة أحد المشاهير بسرطان البنكرياس، الذي يبدو لي كأنه مرض مخيف. فهل هناك طريقة ما لإجراء اختبار وتقييم مخاطر الإصابة بهذا السرطان؟ يعتبر سرطان البنكرياس، نسبيا، من الأمراض غير شائعة الحدوث. وتشخص في الولاياتالمتحدة 43 ألف حالة إصابة به سنويا، وبهذا فهو يأتي في مرتبة بعيدة عن سرطان البروستاتا (218 ألف إصابة سنويا) وعن سرطان القولون -المستقيم (143 ألف إصابة سنويا). ومع هذا ولأنه يصعب جدا علاج سرطان البنكرياس، فإن معدلات الوفاة به عالية جدا مقارنة بأي من تلك الأمراض الخبيثة المذكورة الأخرى، الأكثر شيوعا، وهو مرض مخيف حقا. ولأن حالات العلاج منه صعبة، فإنه يغطى إعلاميا بشكل أكبر. الوقاية من السرطان تشير الحكمة التقليدية إلى أن سرطان البنكرياس لا يمكن درؤه، إلا أن دراسة نشرت عام 2009 ربما ستغير هذا الرأي. وقد شارك 450 ألفا و416 شخصا، بين أعمار 50 و71 سنة، في عامي 1995 و1996 في دراسة تمحورت حول الغذاء والصحة. وفي البداية، قدّم كل مشارك تفاصيل عن نظامه الغذائي ونمط حياته، ثم تابع الباحثون المشاركون حتى عام 2003 ليدققوا في تأثير عوامل نمط الحياة على خطر الإصابة بسرطان البنكرياس. وقد شخص ما مجموعه 1057 شخصا جديدا من المشاركين الذين أصيبوا بهذا السرطان خلال فترة الدراسة. وقارن الباحثون هؤلاء المصابين مع أقرانهم الأصحّاء وفقا لخمسة عوامل: عدم التدخين، قلة تناول المشروبات الكحولية، إجراء تمارين رياضية منتظمة، ومؤشر اعتيادي لكتلة الجسم والالتزام بالنظام الغذائي المتوسط (الخاص بسكان البحر الأبيض المتوسط). وقد ظهر أن الأشخاص الذين سُجِّلت لديهم أكثر النقط في ما يخص التزامهم بهذه العوامل كانوا أقل تعرضا، بنسبة 58 في المائة، لخطر الإصابة بسرطان البنكرياس مقارنة بالأشخاص الآخرين الذي سجلوا نقطا أقل. ورغم أن هذه هي دراسة واحدة فقط، فإنها تدعم الأبحاث السابقة التي أشارت إلى أن التدخين والسمنة هما من عوامل الخطر للإصابة بسرطان البنكرياس. كما أن عددا من التقارير التي نشرت عام 2010 ربطت بين ازدياد تناول الكربوهيدرات (المشروبات السكرية، الفروكتوز ومختلف أنواع الكربوهيدرات الأخرى) بزيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس. وفي الوقت الذي يتوجب إجراء المزيد من الأبحاث، فإن عليك عدم انتظار نتائجها بل التكيف مع نمط صحي جديد للحياة. ويظل درء الإصابة بسرطان البنكرياس في إطار المأمول، إلا أن الحقائق المؤكدة تشير إلى أن خيارات النمط الصحي يمكنها أن تقلل بشكل كبير من أخطار النوبة القلبية والسكتة الدماغية ومرض السكري وضغط الدم المرتفع، بل وحتى الأورام الخبيثة التي تمتد من سرطان الرئة وحتى سرطان القولون. علامات السرطان في البداية، يكون سرطان البنكرياس «صامتا» من الناحية الطبية. ثم وفي ما بعد، يأخذ المريض بالشعور بآلام في الظهر وفي البطن والوهن وفقدان الوزن والكآبة أو يصاب باليرقان. ويمكن لتقنيات التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو التصوير بالمرنان المغناطيسي رصد أنسجة غريبة في البنكرياس، إلا أن التشخيص المؤكد يعتمد على استخلاص خزعة من البنكرياس لدراستها. ومن سوء الحظ، فإن تقنيات التصوير ما تزال غير حساسة إلى درجة تسمح بتشخيص الحالة، كما أن اختبارا للدم يطلق عليه CA19 – 9، الذي يستخدم أحيانا لرصد هذا المرض، لا يكون دقيقا إلا بدرجة أقل. وبينما تظل مسألة الرصد المبكر لسرطان البنكرياس من أولويات مهمات المستقبل، فإن التساؤل يُطرَح حول مهمة درء حدوث هذا السرطان والوقاية منه.