أطلقت وزارة الثقافة المغربية اسم الشاعر محمود درويش على مركب ثقافي بني حديثا بمدينة بني ملال، وذلك خلال الأمسية التأبينية التي نظّمها بيت الشعر المغربي بتعاون مع مديرية الثقافة، يوم السبت 20 شتنبر، حضرها جمهور واسع، وشارك فيها أدباء وفنانون من مختلف مناطق المغرب.. و قال حسن نجمي رئيس بيت الشعر إن الحضور اليوم يلتفّ حول شاعر كبير انتصر للقيم الرفيعة وصفاء الكلمات، شاعر أعطى من دمه ومن روحه ومن كيانه ومن عمره ومن وقته ومن جسده أشياء فذة ليصنع بها أجمل ما في الوجود، القصيدة.. وأضاف نجمي: «لقاؤنا اليوم حول درويش، فبعد أن اجتمعنا حوله حيا، ها نحن نجتمع حوله، حيا أيضا، فأبدا لم نفقد درويش سوى بالمعنى البيولوجي، هذا الشاعر الذي أحب المغرب بفضائه وناسه، وكان يعتبر هذا البلد امتدادا له في الكتابة والحياة، وقد أحبه المغاربة كما أحبهم، وكانوا يتكئون على استعاراته لصنع الحياة. واليوم، في هذه المدينة التي نعتز برصيدها الثقافي، نلتقي في هذه المبادرة المشتركة لنحيي روحه. لقد علَّمنا جميعا هذا الشاعر الخلاّق كيف نعطي للغة حياة وللكلمات معنى.. لقد دَعَمَنا درويش، حين أسّسنا بيت الشعر، أسوة بالعديد من الشعراء الكبار كأدونيس وسعدي يوسف واللعبي والطبال والسرغيني، وكان يرصد كل صوت جديد ويستمتع بقراءته، ولأننا نحبه كما أحبنا، فإننا سنظل نواصل الوفاء له في بيت الشعر..». وقالت ليلى المسكيني، عضو البيت، إن درويش صوت مُفرد، بملامح خاصة جدا، وإيقاع يحيل عليه وحده، فقد قلّص المسافة بين النثر والشعر وأفضى في النهاية إلى إبداع مختلف، وظل نصه يحمل دمه وألمه وقلقه الموشوم بأسرار صاحبه. هكذا، تضيف الشاعرة، علينا ألا نقيم في موته، بعد تحيته بما يليق من ألم، علينا أن ننسى موته، فشعره لم ينقطع عن تمجيد الحياة حتى في كتابته عن الموت، والشاعر مسكون بعشق الحياة والحلم الذي رباه منذ نصوصه الأولى.. وعبّر السفير الفلسطيني بالمغرب، حسن عبد الرحمان، في كلمته، عن عميق تأثّره بهذا اللقاء بمناسبة الذكرى الأربعينية لدرويش، إذ إنه تعبير صادق عن المحبة وعن عمق المشاعر النبيلة للمغاربة تجاه هذا الأديب العربي الكبير. وتكلم السفير عن حديثه الأخير مع درويش قبل سفره إلى الولاياتالمتحدة، إذ كان الشاعر يتطلع إلى زيارة المغرب خلال أكتوبر القادم ليتسلم جائزة الأركانة التي منحه إياها بيت الشعر، لكن الموت غيّبه جسدا، وإن ظلت روحه بيننا.. إن شعر درويش، يضيف حسن عبد الرحمان، يعلّم الصمود والحب، وسيظل شعره قمة القمم، وعلامة الإبداع اللغوي، ودعوة إلى محاربة الزيف، والانطلاق نحو بناء الغد المشرق. سيبقى هذا الشاعر، إذن، صوتا يزرع الأمل في النفوس.. وتلا الفنان عبد العزيز الطاهري كلمة، باسم ائتلاف الفنانين، عبر فيها عن تأثره بهذا الفقد. وأشار إلى القيمة الأساسية التي يحتلها درويش في المشهد الأدبي العربي والعالمي بعامة، كما تحدث عن غرام درويش ببعض المقطوعات الموسيقية المغربية وبعض النصوص الخالدة لناس الغيوان وجيل جيلالة. ليتناوب بعد ذلك على منصة اللقاء شعراء قرؤوا مقاطع من نصوص الراحل.. لحظتان أساسيتان خلال اللقاء: الأولى حين غنّت الفنانة سناء مقاطع من نصوص الراحل بصوت أطرب الجميع، فأطلق عليها الحضور اسم سناء درويش، والثانية حين قرأ طفل صغير من المدينة قصيدة محمد التي كتبها درويش عن محمد جمال الدرة... وقد قرر بيت الشعر تسليم جائزة الأركانة، التي حصل عليها محمود درويش، يوم الرابع والعشرين من أكتوبر القادم بمسرح محمد الخامس لشقيقه أحمد درويش..