عاد التردي الأمني ليخيم على طنجة من جديد بعد فترة هدوء نسبية لم تعمر طويلا، حيث شهدت مختلف مناطق المدينة حالات اعتراض سبيل مواطنين أو سرقة منازل، مما جعل الهلع يعود للسيطرة على السكان. وخلال الأيام القليلة الماضية، عرفت مجموعة من أحياء المدينة استفحالا لعمليات السرقة، بعضها لم يكن يعرف من قبل حالات واضحة للتردي الأمني، وبعضها الآخر حدثت فيه عمليات السرقة تلك بطرق مبتكرة وخطيرة، حيث قام لصوص في عدد من أحياء المدينة باقتلاع أجهزة الاتصال الداخلي (الأنترفون) الموجودة على أبواب منازل وعمارات، وهي ظاهرة غير مسبوقة في المدينة. وحدثت أغلبية هذه السرقات في منطقتي «كاسبراطا» و«البرانص»، حيث فوجئ مواطنون بسرقة هذه الأجهزة المثبتة في مداخل بيوتهم من طرف لصوص يبدو أنهم اقترفوا سرقاتهم ليلا. وحدثت عمليات سرقة غير بعيد عن مقر الدائرة الأمنية الخامسة، وهي الدائرة الأمنية التي تثير غضب السكان بسبب عجزها عن التقليل من التردي والانفلات الأمني الذي تشهده المنطقة. وقال مواطنون إن بعض أجهزة «الأنترفون» المسروقة كانت تتوفر على كاميرات تستعمل عادة لمعرفة هوية الطارق، غير أنه لم يتم تسجيل أو رصد وجوه اللصوص المفترضين. وعاد الانفلات الأمني مرة أخرى إلى حي كاسبراطا في وقت انتشرت فيه من جديد مظاهر الاستهلاك العلني للمخدرات أمام أبواب المنازل والعمارات، فيما لوحظ غياب ملفت للأمن، على الرغم من شكاوى كثيرة وجهها مواطنون إلى جهات أمنية. وكانت طنجة قد سجلت سابقة في علاقة الأمن بالمواطنين، حيث قام سكان برفع دعوى قضائية ضد مسؤولين أمنيين ومسؤولين في ولاية طنجة ورؤساء مقاطعات، بسبب تناسل مقاهي الحشيش وانتشارها المهول في أرجاء المدينة؛ ويوجد والي أمن طنجة والكاتب العام لولاية طنجة في قلب هذه الدعوى القضائية. وفي سياق متصل، بدأت تنتشر في طنجة ظواهر مبتكرة للجريمة، وآخرها ما تعرض له مواطن من طرف عصابة وهو داخل سيارة أجرة صغيرة، حيث كان المعني قد استقل قبل أيام سيارة أجرة من شارع «باستور» في قلب المدينة، في حوالي التاسعة ليلا، غير أنه فوجئ بعد ركوبه بلحظات، بتوقف سيارة الأجرة لشخصين آخرين ركبا في المقعد الخلفي، وهذان الشخصان لم يكونا غير مجرمين يحترفان السرقة تحت التهديد، وهكذا وبمجرد وصول الطاكسي إلى منطقة خالية نسبيا عمدا إلى سلبه كل ما يملكه، إذ استوليا على مبلغ مالي قدره 15 ألف درهم كان في حوزته، إضافة إلى مفاتيح سيارته ومفتاح شقته وأغراض أخرى.. وبعد أن جرداه من ممتلكاته رميا به في مكان ناء بمنطقة «مسنانة» في حوالي العاشرة من مساء يوم الاثنين الماضي، ليعود إلى منزله راجلا وفي حالة مزرية. وقد جرت عملية السرقة بشكل مثير، حيث إن سائق سيارة الأجرة توقف من أجل إقلال لصين كانا على مرمى حجر من مكان صعود الراكب، كما أنه لم يبد أية مقاومة خلال تعرض الراكب للسرقة، وهو ما يشير إلى احتمال تورطه في العملية. وقد تقدم الضحية بعد الحادث بشكاية إلى مصالح الأمن من أجل استجلاء مناطق الغموض في عملية السرقة، ومعرفة ما إن كان سائق سيارة الأجرة متورطا في العملية أم إنه كان بدوره ضحية. واتصلت «المساء» أكثر من مرة بالكاتب العام لولاية طنجة، مصطفى الغنوشي، لأخذ رأيه في هذه الاتهامات، خصوصا وأنه يتحمل مسؤولية منح آلاف من رخص السياقة الجديدة، وتوجه إليه أصابع الاتهام بكونه تساهل أكثر من اللازم في ما يخص منح الرخص؛ غير أن هاتفه ظل يرن دون رد.