تابعت الكثير من التعليقات التي واكبت النجاح الكاسح لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، وتعيين بنكيران وزيرا أول.. وأستغرب أن يكون أغلب ما قيل أو نشر هنا وهناك أو كتب على صفحات المواقع الاجتماعية انطباعات ساخرة أو مشككة أو متشائمة أو حذرة، في حين أعتقد أننا نعيش مرحلة حاسمة وشديدة الأهمية في تاريخ المملكة، إن لم نوظفها جيدا من أجل غد أفضل سيحاسبنا التاريخ وسيحاسبنا أبناؤنا لأن البلد يحتاجنا لينسى جراحه ويشفى. كل فرد ينتمي إلى هذه الأرض معنيّ بالتغيير وبالبناء وبالإصلاح، كل مواطن هو جزء من مشروع كبير يضم كل الفاعلين في مختلف المواقع والأعمار والمهن والأحزاب والجمعيات والمدارس، كلنا نساهم في صنع الحدث والقرار والخبر.. كلٌّ حسب طاقته وإمكانياته ورغبته الحقيقية في أن نتجاوز أخطاء الماضي ونُخلّق حياتنا أينما كنا. جميل أن نتسم بروح السخرية والنكتة، لكنها لحظة حرجة تستوجب الكثير من الحرص والجدية والعمل والنضال والالتزام والإحسان والإتقان والتكوين والمراقبة والمحاسبة.. إنها مرحلة تستوجب منا أن نتعاون ونلتحم ونضاعف التجديف للعبور بالوطن إلى بر الأمان، أن نحلل ونناقش ونسائل ونجادل كي يتم إصلاح التعليم والقضاء والصحة والإعلام وكي نعيد الاعتبار إلى المواطن المغربي، وأن نجدد ثقته بسياسييه وأحزابه وفلاسفته وأساتذته وفقهائه وفنانيه وكل نخبه وطاقاته وأعلامه.. يجب أن نفتح نقاشا وطنيا جديا حول الكثير من القضايا التي تهم المواطن في حياته اليومية وفي أسرته ونضمن له العيش الكريم، ونخلق فضاءات للنقاش العلمي والفكري والديني والفلسفي حتى تتغير العقليات قليلا ونستطيع فتح أوراش كبرى في التعليم والفكر والإبداع، هكذا فقط يمكن أن نتحد جميعا لنبني معا مغربا يشبه ذاك الذي نحلم به، ذاك الذي يقشعر بدننا لمجرد النطق به، ذاك الذي نفتخر بالانتماء إليه، ذاك الذي خلق الاستثناء بنضجه رغم بؤسه. لنا أن نضحك كما شئنا ونسخر كما يحلو لنا، لنا أن نعبر كما أحببنا، لكننا إن ظللنا جالسين ننتظر الفرج دون أن نساهم في التغيير فلن يتغير شيء مطلقا، لأن البلد يحتاج إلى كل أبنائه حتى تنتعش أطرافه وتنبض الحياة في كل بقاعه، في كل حاراته ودواويره.. في كل جباله ووديانه وبحاره ورماله.. من سبتة إلى لكويرة. لقد تعودنا أن نتكلم كثيرا وننتقد بلا رحمة، تعودنا على السلبية والتخويف والترهيب، تعودنا على النفاق.. نقول ما لا نفعله، هوة كبيرة بين أفكار العباد وأفعالهم، لذلك يظل الشرخ كبيرا بين سلوكاتهم اليومية والفعلية وبين ما يطالبون به غيرهم. لنبدأ بتغيير أنفسنا وسلوكاتنا وأسلوب تعاملنا مع الوطن ومع المرحلة ومع هذه الفرصة التاريخية التي لم تتوفر لأشقاء لنا يموتون بقذائف الدبابات بحثا عن الكرامة والحرية وانتخابات ومساواة وحرية. أنظروا إلى ما يحصل حولكم، وفكروا للحظة في ما إن كان الوقت وقت هزل وسخرية أم إنه موعد التعقل والنضج والالتزام.. لأن الوطن يحتاجنا.