أعلن الملك محمد السادس أول أمس، في خطابه أمام أعضاء المجلس العلمي الأعلى بتطوان خلال ترؤسه لدورته العادية بوصفه رئيسا له، عن إطلاق مرحلة جديدة في الإصلاح الديني الذي نهجته المملكة قبل أربع سنوات، أطلق عليها برنامج «ميثاق العلماء»، بوصفها «برنامجا نموذجيا للتوعية والتنوير يقوم على حسن أدائكم لأمانة الإرشاد والتفقيه في الدين عن قرب، وهو ما يقتضي من العلماء الانكباب على تأهيل أئمة المساجد، فضلا عن الانتشار في البوادي والمدن، لتوعية عامة الناس وتوجيههم ومحاربة وتفنيد أضاليل التطرف»، وأضاف محمد السادس: «طموحنا الجماعي أن نجعل من «ميثاق العلماء» شاهدا على التميز المغربي في صحوة دينية متنورة يقودها العلماء»، وعهد محمد السادس بمهمة الإشراف على هذا الميثاق إلى المجلس العلمي الأعلى بتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وحدد دور هذا البرنامج الجديد في «التعبئة الجماعية والخطاب الديني المستنير المناسب لمدارك المخاطبين وواقعهم المعيش». وفي مبادرة لتعزيز الضوابط التنظيمية للمساجد ولتحفيز بنائها القانوني أصدر العاهل المغربي تعليماته إلى الحكومة قصد إعفاء بناء المساجد من الضريبة على القيمة المضافة بنسبة خمسين في المائة. وقال الملك محمد السادس في خطابه إنه في إطار اعتماد اللامركزية وعدم التمركز «قررنا أن يعاد النظر في خريطة المجالس العلمية المحلية، وهكذا سيتم تعميمها ليكون لكل عمالة وإقليم مجلسها العلمي، ليتحقق ما نلح عليه من ضرورة مراعاة خصوصيات وتقاليد أهل كل منطقة والتجاوب مع تساؤلاتهم الدينية». وفي إطار إكمال صرح الإصلاح الديني الذي أقدمت عليه الدولة عام 2004 أعلن محمد السادس عن الركن الثالث في المخطط الإصلاحي، بعد الركنين المؤسسي والتربوي، وهو الركن الاجتماعي، حيث تقرر تمكين القيمين الدينيين من التغطية الصحية بإيجاد هيئة مكلفة بأحوالهم الاجتماعية العامة، وذلك بإحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين. وفي نفس الوقت أعلن الملك عن الشروع بإحداث مجلس علمي للجالية المغربية بأوربا، وذلك بهدف «الانفتاح على خصوصيات قضاياها الدينية والثقافية والحفاظ على هويتها المغربية عقيدة وقيماً أصيلة في مواجهة النزعات الأصولية المتطرفة». وجاءت الخطوات الأخيرة في إطار تقوية دعائم الإصلاح الديني بالمملكة، بعد التراكمات التي حصلت منذ إطلاق مشروع هذا الإصلاح قبل أربع سنوات، وذلك بإعادة هيكلة وتأهيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتجديد وإعادة تنظيم المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، وإقامة هيئة مرجعية تختص وحدها بإصدار الفتاوى الشرعية، هي هيئة الإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى، بعد حالات التسيب التي كانت تشهدها ساحة الفتاوى الدينية في المغرب بما جعلها خارج كل الضوابط وكان من مسببات تفجيرات 16 ماي2003 بالدار البيضاء، وإحداث الرابطة المحمدية للعلماء لتحل محل رابطة علماء المغرب، كما شمل مسلسل الإصلاح الديني كافة المؤسسات ذات الصلة بالتعليم العتيق والتربية الإسلامية. وقال الملك محمد السادس: «إننا لعازمون على المضي قدما للارتقاء بالشأن الديني للمملكة إلى ما تتطلعون إليه وكافة رعايانا الأوفياء من تأهيل وتجديد باعتباره في صلب الإصلاحات الوطنية الحيوية التي نقودها، وفي مقدمتها توفير الأمن الروحي والحفاظ على الهوية الدينية الإسلامية المغربية المتميزة بلزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والانفتاح والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وما يرتبط بها من مبادئ الإسلام السمحة».