< سبق لك أن اعتبرت قبل سنة من الآن أنه من أولويات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي القيام بعمليات داخل التراب المغربي... فما هي أسباب فشله في تحقيق ذلك رغم جميع التهديدات التي أوردها بهذا الخصوص؟ - هنا لا بد من الإشارة إلى أن السلطات المغربية سبق لها أن نشرت لائحة من المبحوث عنهم، المتهمين بالانتماء إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وقد تجاوز عددهم الخمسين. وبطبيعة الحال عندما نتحدث عن رغبة التنظيم في توسيع دائرة نشاطه، فإن هذه العملية تتخذ شكلين: يتمثل الشكل الأول في إيجاد بنيات تنظيمية داخل كل بلد مغاربي، وهو ما تحقق في المغرب، والسلطات تبحث عن الذين ارتبطوا بالقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. أما الشكل الثاني فيتعلق بتوسيع دائرة النشاط خلال القيام بعمليات تستهدف مؤسسات الدولة والمجتمع. وعندما نتحدث عن المغرب فغالبا ما نشير فقط إلى عدم نجاح هذا التنظيم في القيام بعمليات داخل التراب المغربي، على غرار ما يقع في الجزائر أو موريتانيا. ولكننا نهمل النشاط المكثف لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي على مستوى استقطاب المقاتلين. وعدم استهداف المغرب من خلال عمليات تخريبية لا يمكن أن نفسره فقط بقدرة الأجهزة الأمنية على التحكم في الأوضاع بقدر ما يفسر بتقسيم الأدوار، فاستقطاب المقاتلين يشكل أولوية بالنسبة إلى القاعدة، وفي هذا الإطار نعتقد أن نشاط هذا التنظيم هو جد مكثف. وأكيد أن إعلان السلطات المغربية عن تفكيك عدد من الخلايا المتهمة باستقطاب المقاتلين بالعراق يندرج في هذا السياق. وهنا يجب أن نشير إلى مسألة أساسية، وهي أننا نعرف إلى حد ما بعض الخلايا التي تم تفكيكها هنا بالمغرب، ولكن نجهل عدد المغاربة الذين استقطبوا من طرف هذا التنظيم وذهبوا إلى العراق أو مكثوا بالجزائر، خاصة وأن السلطات الجزائرية تتعامل مع الموضوع بتكتم شديد. إضافة إلى أن الإعلان عن ميلاد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لم يتم إلا في بداية سنة 2007، وهو يحتاج إلى بعض الوقت لترسيخ وجود الخلايا التابعة لها في المغرب التي تكون قادرة على استهداف استقراره، فالقاعدة نجحت في تنفيذ عمليات تخريبية في الجزائر لأن نواتها الصلبة توجد هناك، كما أنها نجحت في استهداف موريتانيا لأن أعضاء التنظيم كانوا موجودين هناك قبل الإعلان عن ميلاد التنظيم باسمه الجديد... وعلى سبيل المثال فكتيبة الملثمين التابعة للجماعة السلفية للدعوة والقتال كانت تتحرك في صحراء موريتانيا ومالي والجزائر منذ سنوات. < وماهو السيناريو الأرجح الذي يعتمده التنظيم لتنفيذ عملياته داخل التراب المغربي؟ هل يتوغل عبر الحدود الجنوبية مثلا أم يحرك خلايا تابعة له تكون موجودة أصلا بالمغرب؟ - بالمقارنة مع ما يجري في الجزائر أو موريتانيا نلاحظ بأن العمليات التخريبية تنفذ من قبل مجموعات محلية مرتبطة بالتنظيم. والقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يسعى إلى ترسيخ وجوده في المغرب عبر مجموعات محلية، ويبدو أنه مازال يجد صعوبات في الوصول إلى مبتغاه رغم أنه ناجح على مستوى استقطاب المقاتلين. وما يلاحظ هو أن التنظيم أصبح يحرص على أن تكون العناصر المنفذة لعملياته بالجزائر منحدرة من جميع البلدان التي يستهدفها، وهنا يمكن أن نستحضر سلوكا يحمل أكثر من معنى، يتمثل في بث شريط منذ أكثر من سنة ظهر فيه 3 مغاربة يتوعدون الأمن المغربي. < وماهي رسائل الشريط الأخير لأبي مصعب عبد الودود زعيم التنظيم؟ هل يريد التحريض على استهداف دول المغرب العربي من جديد؟ - الشريط الأخير يحمل رسالتين أساسيتين، الرسالة الأولى تتعلق بالتركيز على البعد الإقليمي للتنظيم، حيث نجده يتحدث عن ليبيا وتونس وعن الجزائر وموريتانيا، ويشير إلى سبتة ومليلية. وبتعبير آخر فتنظيم القاعدة من خلال أبو مصعب عبد الودود يقدم نفسه كوصي على القضاء المغاربي، ولا يميز بين الأنظمة السياسية المشكلة لهذا القضاء، بل يعتبرها أنظمة طاغوتية لاتخدم الإسلام بقدر ما تخدم مصالح الغرب في المنطقة. ومن المؤكد أن التنظيم لكي يضفي الشرعية على اسمه يسعى إلى توقيع عمليات في الدول المغاربية، وإن كان مازال لم ينجح في تحقيق ذلك في بعض البلدان كالمغرب أو ليبيا وتونس، لكننا نلاحظ أنه كان حريصا على القول إن اختطافه للسائحين النمساويين ثم من داخل التراب التونسي وهو ما تنفيه تونس. وبغض النظر عن حقيقة ما وقع فالتنظيم يريد أن يقنع الجميع بأنه موجود في المنطقة. أما الرسالة الثانية فتتعلق بالرغبة في تلميع صورة تنظيم القاعدة العالمي بشكل عام وصورة القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بشكل خاص، من خلال الإشارة إلى أن التنظيم لا يستهدف المدنيين. ومعلوم أن القاعدة عانت كثيرا من صورة ألصقت بها من قبل وسائل الإعلام الغربية والعربية بما في ذلك وسائل الإعلام المغاربية حين تقدمها للرأي العام كتنظيم إرهابي يستهدف الأبرياء والمدنيين. وهنا ينبغي أن نستحضر رسالة وجهها عبد الودود فيما قبل إلى الشباب الجزائري نصحه فيها بعدم الانخراط في أسلاك الجيش والدرك والشرطة. ومحاولة كسب رهان الرأي العام تظهر بشكل جلي في موريتانيا، حيث إن عمليات التنظيم تستهدف بشكل واضح مؤسسة الجيش. *باحث في الجماعات الإسلامية