قلنا في حلقة سابقة بأن اضطرابات الخرف أنواع كثيرة، تشترك في أعراض عامة تتضمن, إلزاما, اثنين على الأقل من اضطرابات وظائف المخ، مثل الذاكرة, والمهارات اللغوية, والإدراك, والمهارات المعرفية بما في ذلك التفكير والحكم على الأشياء. ويعرف الخرف أساسا بأن تظهر لدى المريض أعراض مثل تدهور الذاكرة والاضطرابات المعرفية (التي تتضمن اضطراب القدرات اللغوية واضطراب القدرات الحركية وعدم القدرة على معرفة أو تحديد الأشياء واضطراب الوظائف العقلية العليا)، مع وجود تأثير على الأداء الأسري أو الاجتماعي أو المهني. لكن أمر تشخيص الخرف ليس بالسهولة التي نتصورها، فهناك العديد من الحالات النفسية التي يمكن أن تتشابه والخرف في المراحل الأولى من ظهوره بالأساس. وعلى الأسرة والأصدقاء ألا يتسرعوا في الحكم على المصاب دون التثبت من التشخيص من قبل طبيب مختص. وهذا الأخير يقوم عادة – كما هو الشأن في بباقي الأمراض والاضطرابات – بما يسمى التشخيص التفريقي، وهو تشخيص يميز به بين الحالات المتشابهة. ومن أهم الحالات التي يجب البحث عنها ما يلي: 1 - النسيان الطبيعي: فكثير من الناس قد يحدث لديهم النسيان بصورة مستمرة أو مؤقتة، لأسباب مرتبطة بتعقد الحياة وكثرة الأشغال والمهام، أو الاعتماد المتزايد على الوسائل الالكترونية الحديثة المغنية. وهو نسيان قد يختفي بتغيير نمط الحياة أو الحصول على فترة راحة أو تغيير طريقة التعامل مع المعلومات والمعطيات. لكن الفرق بين الأمرين هو أن النسيان الطبيعي لا يسبب أي خلل في الوظائف المعرفية. 2 - الاكتئاب النفسي: وهو من بين أكثر الحالات تشابها مع الخرف، بسبب ظهور مشاكل في التركيز والذاكرة لدى المصابين به. ويتميز الاكتئاب لدى كبار السن بكمون أغلب أعراضه وصعوبة التشخيص في كثير من الحالات. ويقوم الطبيب هنا ببحث دقيق عن أعراض الاكتئاب مثل الحزن والألم النفسي والشكاوى. وتثبت الدراسات بأن الاكتئاب هو من بين الأمراض التي لا يتم تشخيصها بما فيه الكفاية لدى كبار السن. ومن هنا يلجأ إلى العلاج بمضادات الاكتئاب كلما كان هناك شك، لأن الاكتئاب قابل للعلاج، بينما الخرف غير قابل له في أغلب الأحيان. 3 - مرض الفصام: وخصوصا إذا كانت الأعراض السلبية هي المسيطرة على الحالة، وظهرت الاضطرابات المعرفية المشابهة لما هو في الخرف. والضروري هنا متابعة الحالة لمدة كافية حتى تتبين الأعراض بدقة ويتم التمييز بين الإصابتين. أهم خلاصة يجب استنتاجها هي عدم التسرع في التشخيص وإعطاء الوقت الكافي لمتابعة التطور.