ألغى الملك محمد السادس زيارة له لمدينة مرتيل يوم أول أمس الأربعاء كانت مقررة، حسب مصادر من بلدية مرتيل، من أجل تدشين مؤسسة تعليمية ومركز للتكوين المهني ومشاريع أخرى. وعزت مصادر مطلعة من ولاية تطوان سبب إلغاء الزيارة إلى غضبة ملكية على بلدية مرتيل، وعدم مواكبة هذه الأخيرة لوتيرة برامج تأهيل المناطق الشمالية، وخصوصا بولاية تطوان. وأضاف المصدر أن بلدية مرتيل أحست بالغضبة الملكية عليها منذ أواخر شهر غشت الماضي، حينما لم يقم الملك، أثناء زيارته للمدينة بهدف إعطاء الانطلاقة لبعض المشاريع، بالسلام على الحاضرين من «محيط» البلدية والذين تم استقدامهم من أجل استقبال الملك. وانخرطت بلدية مرتيل وباشا المدينة وبعض القياد منذ أسبوع في صباغة وتزيين بعض الشوارع، كما قامت بتغطية أرضية السوق المركزي بغطاء بلاستيكي قبل أن يتم وضع بعض الحصى فوقه تفاديا لإثارة الرائحة والأوحال لانتباه الوفد الملكي. ووفق المصدر المطلع، فإن تقارير بشأن التراجع الكبير الذي عرفته مرتيل من تزايد للبناء العشوائي، وانعدام النظافة، واحتلال للملك العمومي، والتبليط السيئ للشوارع، قد رفعت إلى جهات عليا من أجل إطلاعها على أوضاع المدينة وتدبيرها المالي. فيما أشار مصدر آخر إلى أن الملك محمد السادس أمر بإيقاف مشروع بناء مركب سياحي قبالة الغولف الملكي تم الترخيص له من طرف بلدية مرتيل. واستعرض المصدر كذلك جملة من الخروقات التي تتخبط فيها المدينة، من ضمنها ارتفاع البناء العشوائي بشكل خطير في «إمارة» الديزة، وهو الاسم الذي أصبح يطلق على الحي نظرا للكثافة السكانية الكبيرة المتواجدة فيه، والتي يتجاوز عددها، حسب المصدر، 7 آلاف نسمة يعيشون فوق مجرى للواد الحار، كما أشار المتحدث إلى أن أحياء أخرى مثل حي كاتالان وأحريق، مازالا يعانيان من تفاقم البناء العشوائي والسكن غير اللائق، الذي يتم بتواطؤ مع عدد من المسؤولين بالمدينة، حيث أصبحت مجرد كتل انتخابية مهمة يتم الرجوع إليها أثناء الحملات الانتخابية، يقول محدثنا. وذكر المصدر أن «سياسة الواجهة التي نهجها المسؤولون عن تسيير شؤون مدينة مرتيل خلال هذه الفترة لم تعد تجدي أمام تنقلات الملك محمد السادس بنفسه إلى عدد من المناطق بهدف استكشاف الأحياء المهمشة والشعبية واطلاعه على مدى تنفيذها للبرامج التي سبق وأن تم إعطاء الانطلاقة لأشغالها». واستغربت الجهات الرسمية عدم توفير البلدية مكتبة لشباب المدينة بعد إغلاق المكتبة السابقة منذ أربع سنوات، وإحالة آلاف الكتب على طابق مهجور بإحدى الجمعيات التابعة لها، وهو ما اعتبرته إهدارا كبيرا للمال العام، وعدم إيلاء أي اهتمام للشأن الثقافي بالمدينة، كما أثار انتباهها ملف الترخيص لمشروع فندق كبير بمدخل الكورنيش، وتفويته بقعة كانت في السابق عبارة عن الإقامة الصيفية للعامل. من جهتها، أعربت ساكنة حي أحريق بمرتيل، والتي يتجاوز عددها خمسة آلاف نسمة، عن استيائها لعدم تزويدها إلى حدود اليوم بالماء الصالح للشرب، مع العلم أنه تم تركيب العدادات من طرف شركة أمانديس منذ عدة أشهر في إطار المبادرة الوطنية، كما نددوا بعدم تشغيل «السقاية العمومية الأوتوماتيكية» التي وضعتها شركة أمانديس منذ خمسة أشهر مضت، لكنها إلى حدود اليوم مازالت ممنوعة من الاستعمال ومحاطة بأسلاك حديدية، فيما لم يتم توزيع بطائق استعمالها على السكان المعوزين المخصصة لهم في الأصل. كل هذه الملفات أثارت انتباه الجهات المركزية بعد توصلها بتقارير مفصلة عن المدينة، والتي تقول مصادرنا إنها سوف تقوم بإجراء بحث حولها وحول العشرات من المشاريع السياحية والمركبات السكنية التي تم الترخيص لها دون موافقة الوكالة الحضرية، كحالة عمارة من ثمانية طوابق تم الترخيص لها بالبناء في منطقة كانت مدرجة كفضاء سينمائي وثقافي، إضافة إلى كراء البلدية لبعض مشاريعها وممتلكاتها لأشخاص محددين سلفا ولمدة طويلة، دون إخضاعها لأي مزاد علني وفق القوانين المعمول بها في هذا الشأن.