تمكن حراس السجن المحلي بتيفلت، خلال الأسبوع الأول من شهر غشت الماضي، من إحباط محاولة تسريب كمية من المخدرات الصلبة (كوكايين) ومخدر الشيرا والأقراص المهلوسة، كانت بطلتها امرأة تقطن بمدينة القنيطرة، قدمت من أجل زيارة ابنها النزيل بنفس المؤسسة السجنية. وجاء إحباط هذه العملية بعد الشك الذي انتاب المسؤولين عن عملية تفتيش المؤن التي يأتي بها أهالي السجناء، خاصة في شهر رمضان الذي تكثر خلاله طلبيات وجبات الإفطار من طرف النزلاء. دفع خبر محاولة تسريب كمية من المخدرات القوية (كوكايين) والحشيش إلى السجن المحلي بتيفلت، الذي يعتبر من أكبر السجون المغربية الحديثة التأسيس من طرف المسؤولين عن القطاع، إلى استنفار المصالح الأمنية، بغرض فتح تحقيق في النازلة والوقوف على مصدر تلك الكمية التي حيرت حراس السجن عند العثور عليها لدى أم أحد السجناء، الذي لا علاقة له بملف (الكوكايين) لكنه تعرض للإغراء من طرف أحد السجناء المحكوم عليه بالسجن النافذ في قضية ترويج المخدرات القوية، والذي وبالرغم من تواجده وراء أسوار السجن، فإن ذلك لم يمنعه من العمل على ترويجها باستعمال هاتفه النقال، تارة مع زوجته التي أرغمها على ذلك، وتارة أخرى مع أفراد شبكته التي تنشط بمحور الرباطسلاتمارة والبيضاء والقنيطرة. وكان الحراس قد تمكنوا من حجز مادة الكوكايين قبل محاولة تسريبها إلى داخل زنزانة السجن، بعد تفتيشهم الدقيق للأغراض والحاجيات التي يجلبها الزوار لأقاربهم المحكومين بمدد سجنية مختلفة، ورغم تكتم إدارة السجن على الخبر ونفيه بغرض عدم إثارته في وسائل الإعلام المتابعة لمثل هذه القضايا الحساسة، فإنه انتشر كالنار في الهشيم في الأوساط المحلية ولدى أسر السجناء . مدير جديد وراء اكتشاف الأمر كان التغيير الذي أقدمت عليه إدارة السجون وإعادة الإدماج، بتعيين مدير جديد، من بين الأسباب الخفية لاكتشاف تلك الكمية التي كانت ستصل إلى منفذيها داخل السجن المحلي. حيث كانت أصابع الاتهام تشير إلى أن الوضع ليس على ما يرام داخل السجن بعد حلول لجان تفتيش ومراقبين مسؤولين به لأكثر من مرة للوقوف على مجموعة من الشكايات التي رفعها السجناء يتهمون فيها المدير السابق رفقة بعض موظفيه بشد الخناق عليهم ومعاملتهم معالة سيئة تنضاف إلى همومهم ومعاناة أفراد أسرهم الذين يعانون من التنقل ومصاريف «القفة». بحيث ربط مدير المؤسسة السجنية الجديد، بعدما اكتشف الأمر رفقة موظفيه، الاتصال بالمحكمة الابتدائية بالخميسات، التي أعطت أوامرها المستعجلة إلى عناصر الضابطة القضائية بتيفلت من أجل فتح تحقيق في النازلة والاستماع إلى الزائرة المسماة (ج.ا) أم أحد السجناء التي أقدمت على الفعل دون علمها بذلك والاستماع إلى كل من له علاقة بالموضوع. تعليمات بفتح تحقيق مباشرة بعد التوصل بالتعليمات القضائية لفتح تحقيق في الموضوع، الذي أثار مجموعة من علامات الاستفهام لدى الإدارة الجديدة للسجن، وكذا لدى العناصر الأمنية بالمدينة تم اعتقال السيدة التي كانت بحوزتها تلك الممنوعات، وهي والدة السجين (س.ش)، الذي اتصل بها هاتفيا وطلب منها إحضار مؤونة أحد السجناء المتواجدين رفقته. والذي تبين أنه العقل المدبر لهذه العملية، بعدما قام بإغراء النزيل ابن السيدة التي قامت بإحضارها إلى السجن دون علمها بما تحتويها، حسب التحقيقات التي تمت مباشرتها من طرف عناصر الضابطة. طريقة جديدة للتسريب اعتبرت العناصر الأمنية وكذا حراس السجن، الذين كانوا يقومون بعملية المراقبة والتفتيش في ذلك اليوم، أن محاولة تسريب الكمية التي تم ضبطها، تمت بطريقة محكمة واحترافية وجديدة بالنسبة إلى إدارة السجن المحلي بتيفلت. إذ إن السجين (ب.غ) مدبر العملية، وهو من ذوي السوابق العدلية في ترويج الكوكايين والمخدرات، اقترح على السجين المرافق له، والذي يعيش ظروف الفقر والحاجة، أن تتكلف والدته، أثناء زيارتها له، بإحضار مؤونة سوف يرسلها له أحد أصدقائه الموجود خارج السجن. وتم الاتفاق معه على اقتسامها معا، بعدما أخبره بأن تلك المؤونة تحتوي على كمية من المخدرات سالفة الذكر، بغرض تمضية رمضان داخل السجن في أحسن الأحوال. فالكمية التي تم حجزها حينها، كانت مخبأة مع قطع السكر التي تم تكسيرها سابقا (قالب السكر)، وتم إلصاق مسحوق السكر مع قطع المخدرات التي تم صنعها على شكل قطع السكر ووضعها مع القطع الحقيقية والعادية، وهي عبارة عن 150 غراما من مخدر الشيرا و5 غرامات من الكوكايين وحوالي 40 قرصا مهلوسا. السجين يورط والدته أكدت أم السجين التي تم اعتقالها من طرف عناصر الضابطة القضائية بتيفلت، أن لا علاقة لها بتلك الممنوعات، وذكرت أن ابنها المعتقل اتصل بها وأخبرها بأن أحد الأشخاص سيتصل بها ويقدم لها مؤونة عليها إحضارها معها أثناء زيارتها له. وهو الأمر الذي حدث بالفعل، حسب اعترافاتها في محاضر الضابطة القضائية بتيفلت التي أحالتها على أنظار وكيل الملك بابتدائية الخميسات، بتهمة الحيازة غير القانونية ومحاولة تسريب المخدرات الصلبة ومخدر الشيرا والأقراص المهلوسة إلى السجن المحلي بتيفلت. في حين انطلق مسلسل آخر من البحث والتحري لدى المصالح الأمنية المختصة بغرض إيقاف مساعد مدبر العملية القابع داخل السجن، والذي قام بإغراء السجين الذي جر والدته في سين وجيم وكان سببا في اعتقالها وتوجيه تهم ثقيلة لها، وهي التي كانت تنوي كل الخير لابنها بزيارته من أجل رؤيته وإحضار المؤونة له خلال شهر الغفران.