غالبا ما تتوفر شبكات التربص بالمواكب الملكية على عناصر نشيطة ببعض المدن، ويتوفر كل عنصر فيها على أدوار مهمة، وشبكة يونيو 2010، التي تم تفكيكها على مستوى التراب الوطني، كانت تتوفر على سماسرة بكل المدن التي تحظى بالزيارات الرسمية باستمرار، وخصوصا المنطقة الشمالية الشرقية. عناصر الشبكة بهذه المدن ظلت على ارتباط وثيق بعناصر رئيسية تتخذ من الرباطوسلا مقرا لها، واستطاعت أن تنفذ برنامجها في جمع طلبات الاستعطاف من المواطنين وتقديمها بأسماء أشخاص آخرين. بادر عنصر الشبكة بالجهة الشرقية، بطلبه منه، إلى العمل بالشبكة في مجال طلبات مأذونيات النقل، وحالفه الحظ بعدما وافق عنصر رئيسي بالشبكة في مدينة سلا على انضمامه إليهم، وأطلعه على طريقة العمل التي يتم اتباعها، وجمع عنصر الشبكة بالجهة الشرقية لفائدة عنصر سلا سبع طلبات استعطاف لمأذونيات نقل، مرفوقة بصور شمسية لبطائق تعريف وطنية لأشخاص قاطنين بمدينة الناظور، وأجرت مصالح وزارة الداخلية أبحاثا إدارية، لكنها لم تصدر أي قرارات نهائية بشأنها. مدينة الحسيمة مركز مهم للشبكة تكثيف الزيارات الملكية الى مدينة الحسيمة، دفع بعناصر الشبكة إلى البحث عن شخص مناسب يلقب من قبل عناصر الشبكة ب«الحسيمي»، الذي بدوره تعرف على أحد عناصر الشبكة بمدينة سلا، حيث تسلم الأخير من الملقب بالحسيمي 13 طلبا موجها إلى الملك، وهي طلبات تعود الى أشخاص يقطنون بمدينة الحسيمة، وجرت عملية التسليم في منزل كان يتخذه عنصر الشبكة بسلا مقرا لإقامته بالحسيمة بمناسبة الزيارات الرسمية للملك. وحجزت الفرقة الوطنية أثناء تحرياتها مجموعة من نسخ بطائق التعريف الوطنية، كانت مهيأة لإعداد طلبات استعطاف لتسليمها لمفتش أمن بالموكب الملكي، قصد دسها وسط الطلبات الموجهة إلى الملك، بمناسبة زيارته الرسمية لجوهرة المغرب الزرقاء. من حسن حظ هذه الطلبات، التي جمعها ممثل الشبكة بالحسيمة، أنها أخذت طريقها في إجراءات البحث الإداري من قبل أجهزة الاستعلامات، إلا أنها لم تنل بعد الموافقة النهائية من قبل وزير الداخلية. وتسلم كذلك عنصر الشبكة بسلا طلبات استعطاف أخرى لأداء مناسك الحج وطلبات الحصول على مأذونيات نقل، وحظيت طلبات مناسك الحج بالموافقة النهائية من قبل المصالح المختصة، واستفاد الأشخاص من ذلك. جمع الطلبات من المعوزين
كانت مدينة فاس تتوفر على عنصر نشيط، كان يبعث بانتظام بطلبات مرفوقة بنسخ لبطائق التعريف الوطنية عبر الفاكس، لعنصر الشبكة بمدينة سلا، وحجزت الفرقة الوطنية صورا لبطائق التعريف الوطنية لدى الأخير، وأقر بأنه تسلمها من عضو الشبكة الموجود بمدينة فاس، وسلم العضو ذاته خمسة طلبات استعطاف من أجل الحصول على مأذونيات نقل، حظيت ثلاث طلبات منها بالموافقة النهائية، فيما أوشك اثنان منها على استكمال إجراءات البحث الإداري من قبل الأجهزة التابعة للاستعلامات. فرع الشبكة بالبيضاء كلفت شبكة التربص بالملك شخصا يقترب عمره من 60 سنة، حيث تم عقد لقاء بينه وبين عنصر الشبكة في مدينة سلا، وحصل الأخير من عنصر الشبكة بالعاصمة الاقتصادية على سبعة طلبات استعطاف مرفوقة بصور شمسية لأصحابها، وحظيت خمسة طلبات بإجراءات البحث الإداري من قبل المصالح المختصة. وكشفت الأبحاث، التي سهرت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أن اعترافات الموقوفين في الملف، أكدت بوسائل الاثبات المتمثلة في المحجوزات، أن الشبكة الإجرامية سعت بشتى الطرق الاحتيالية إلى اختراق الأجهزة الأمنية وإرشاء موظفي الدولة العاملين بالمواقع الحساسة، عن طريق التلاعب بالهبات الملكية الاجتماعية وجني أرباح طائلة، دون وجه حق، وحرمان المستحقين لها، مما تنتفي معه الأهداف السامية المتوخاة من وراء هذه الهبات. هذه الشبكة، التي حيرت خططها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وتوبعت من قبل الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف في سلا، بتهم تتعلق بتكوين عصابة إجرامية، من خلال الاتفاق المسبق بين أعضاء الشبكة على التلاعب في الهبات الملكية، والنصب من خلال تقديم الطلبات الاستعطافية بطرق تدليسية، من خلال الحصول على منافع مادية تتجلى في المبالغ المالية المتحصلة من هذا النشاط، والتي يصطلح عليها في عرف ممارسيها ب«الحلاوة والكاميلا»، بدون وجه حق. وفيما يخص اختراق المصالح الأمنية بأمن الموكب الملكي، تمت متابعة بعض الموقوفين، الذين لهم علاقة بالأمن، بتهم الرشوة، من خلال تلقي عناصر أمنية مبالغ مالية مقابل دس طلبات استعطاف ضمن الطلبات الموجهة إلى الموكب الملكي بطريقة قانونية ونسخ قرارات بأسماء المستفيدين من المأذونيات بصفة غير قانونية، بالإضافة إلى تلقي مبالغ مالية مقابل إنجاز مساطر. ومن بين التهم الثقيلة، التي وجهت الى عناصر أمنية إفشاء السر المهني، من خلال تزويد أفراد الشبكة بتواريخ الزيارات الرسمية لمختلف مدن المملكة والممرات، التي يسلكها الموكب الملكي، بالإضافة إلى تسريب أسماء الأشخاص المستفيدين من مأذونيات استغلال سيارات الأجرة وعناوينهم. اخترقت شبكة يونيو 2010، التي تم تفكيكها من قبل الفرقة الوطنية، عناصر المنطقة الأمنية بالناظور، وأغرت أحد عناصرها، الذي ساعد الشبكة، حسب أبحاث الفرقة الوطنية، بمعلومات متعلقة بتواريخ الزيارات الرسمية لمدينة الناظور وأوقات مرور المواكب الرسمية والممرات التي يسلكها الموكب، وسلم عنصر المنطقة الأمنية بمدينة الناظور طلب استعطاف لعنصر نشيط بمدينة سلا للحصول على رخصة استغلال سيارة أجرة لفائدة إحدى قريباته وتم تسليم الطلب إلى مجموعة من المتربصين بالموكب الرسمي، قصد وصوله بطريقة تدليسية إلى الملك ضمن الطلبات الموجهة بصفة قانونية. العناصر المتربصة بالمواكب الملكية سبق أن استفادت من الحصول على مأذونيات استغلال سيارة الأجرة، إلا أن ذلك لم يثنها عن استغلال المواكب الرسمية لتقديم طلبات استعطاف محررة بأسماء أشخاص آخرين، بغية جني أموال إضافية غير مشروعة، من خلال التلاعب بالهبات الملكية الاجتماعية. شبكة التربص بالملك في مجموعة من المدن المغربية كانت امتدادا لشبكات أخرى يتزعمها أحد الملقبين ب«الحاج زمبيا»، وكشفت التحريات أن عناصر الشبكة استفادت من خبراته، بعدما كان الخيط الرابط في تفكيك لغز تعقب الملك قصد تسليمه طلبات استعطاف تخص مناسك فريضة الحج ومأذونيات استغلال سيارات الأجرة، محررة بأسماء أشخاص آخرين. بعدما تمكنت الشبكة من تكوين عناصر تابعة لها بمجموعة من المدن، التي تحظى بالزيارات الملكية بطريقة مكثفة، جمعت أموالا طائلة من خلال الوساطة في التأجير والادعاء لمالكي المأذونيات بأنها بذلت مجهودات كبيرة في إخراجها من وزارة الداخلية، بعد الأبحاث التي تقوم بها مصالح الاستعلامات قبل منح الرخصة لمالكيها. وتقتسم عناصر الشبكة المبالغ المالية التي تحصل عليها من المستفيدين الحقيقيين من الهبات الملكية الاجتماعية، وغالبا ما يحصل عنصر من أمن الموكب الملكي على حصة الأسد من المبالغ المالية المتحصل عليها، بينما يستفيد عناصر الشبكة من مبالغ انطلاقا من الدور الذي تقوم به داخل الشبكة، التي تتوفر على تنظيم محكم ومقسم الأدوار على مستويات متوازية، تسمح ببلوغ أهدافها وجني أرباح غير مشروعة من خلال توظيف أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة للفت الانتباه والعطف، واستغلال موظفي الدولة لمواقعهم قصد دس طلبات محررة بأسماء أشخاص آخرين وغالبا ما يقطنون بمدن مختلفة. وكانت عناصر الشبكة النشيطة تتوجه بحوالي أسبوع إلى المدينة، التي تحظى بالزيارة الملكية، ويتم التكلف بالمبيت والمأكل والمشرب لعناصر الشبكة، قبل التفكير في وضعها بالأماكن التي يتقدم فيها الملك للسلام على المواطنين، وبذلك يأتي دور مفتش الشرطة بأمن الموكب الملكي، الذي يقوم بدس الطلبات وسط طلبات أخرى توجه إلى الملك بطريقة رسمية، وتجري في شأنها المصالح المختصة التحقيقات.