فاتنات لم تكن البسمة تفارق محياهن، اخترن مهنتهن بحب وشغف أملا في حياة أفضل ومستقبل أحسن. إنهن مضيفات الطائرات بشركة الخطوط الملكية المغربية «لارام». برقي في الكلمات وبلباقة في التعامل تحدثن عن 13 سنة قضينها في العمل بالطائرة دون أن يشعرن بها ودون أن يدركن بأن مهنة مضيفة سلبتهن ذلك الشعور بالاستقرار العائلي، ورغم ذلك أحببنها وما زلن، بالنظر إلى إيجابياتها الكثيرة التي لا يمكن أن توجد في أي وظيفة أخرى. لكل واحدة منهن حكاية، لكن جميعهن يتقاسمن نفس النهاية، وهي إعلامهن بضرورة المغادرة الإجبارية ومنحهن عطلة بدون أجر لأنهن رفضن المغادرة. ونتيجة لذلك نظمت هؤلاء المضيفات برفقة زملائهن المضيفين وقفة احتجاجية أمام البرلمان تنديدا بقرار المغادرة، متهمات إدريس بنهمية، الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية، بقطع أرزاقهن. المضيفات اللواتي تحدثت إليهن «المساء» تم قبولهن في مباراة أعلنت عنها الشركة أواخر التسعينيات ليكن من بين «المحظوظات»، اللواتي استفدن من ولوج الشركة، التي يؤكدن بأنها كانت في أعلى درجات جودتها ورقيها، حتى أنهن كن يعتبرن أنفسهن سفيرات المغرب في الدول التي كن يقمن بزيارتها. تحدث المضيفات بكل تلقائية عن سنوات عملهن في شركة الخطوط الملكية المغربية بحلوها ومرها، ولم يكترثن بمتاعب المهنة التي تفرض عليهن التعبئة والاستعداد الدائم، كن فخورات باختيارهن وبمهنتهن التي غيرت من شخصيات الكثيرات منهن، حيث أضافت لهن فنونا أخرى في الاستقبال والضيافة واكتسبن القدرة على الصبر وكبت المشاعر وحسن التصرف في الأوقات الصعبة، زيادة على الطابع الاجتماعي والإنساني والأمني الذي تتميز به المضيفات عن غيرهن نظرا لطبيعة عملهن ولنوعية الأشخاص الذين يلتقين بهن بحكم المهنة . بداية مشرقة ونهاية مظلمة تحكي (س م) عن بدايتها مع الشركة، فتقول: «تم قبولي للعمل بالشركة في سن العشرين. كنت آنذاك أتابع دراستي الجامعية، شعبة الاقتصاد، وحصلت على دبلوم في المحاسبة». وتتابع «لم أفكر في الأمر كثيرا، فبمجرد ما قرأت الإعلان في إحدى الجرائد قدمت طلبي للمباراة وتم قبولي للعمل». تتحدث (س م) كذلك عن الأوقات الممتعة التي عاشتها والأوقات الصعبة التي مرت بها، وفي حديثها حنين إلى تلك الأيام التي تقول إنها مرت ولن تعود، إذ قضت مدة 13 سنة كمضيفة طيران، لا تعرف شيئا غير الطائرة واستقبال الركاب، تعيش ببرنامج خاص على مدى العام. «بالنسبة إلي، ثلاث عشرة سنة من حياتي مرت كلمح البصر، لكن المسؤولين بالشركة يريدون إزالتها نهائيا» تضيف المتحدثة. بالنسبة إلى الأيام الجميلة، تحكي المضيفات بأنهن كن يتمتعن بخرجات يوميا إلى أماكن بعيدة، كما كانت لديهن أيام للراحة، وكل ما كن يحلمن به وجدنه، لكن مع ذلك يعتبرن بأنهن قدمن تضحيات في سبيل النجاح في مهنتهن، غير أن الناس العاديين لا يدركونها، موضحات ذلك بأن الإحساس بالاستقرار لا تشعر به المضيفة لأن وقتها ليس في ملكها، فهو ملك للشركة ومرسوم وفق برنامج خاص يقدم لها في كل سنة، زيادة على أن المضيفة في آخر المطاف امرأة تتمنى أن تلتقي بفارس أحلامها وتتزوج، وفي نفس الوقت لا تريد الابتعاد عن عملها الذي اختارته عن حب واقتناع، ولكن للأسف هذا ليس من السهل، تقول المضيفات، إذ أن الرجال- حسب إحدى المضيفات- لا يتقبلون عادة فكرة أن تدخل المرأة وتخرج في أي وقت أرادت، خاصة أن المضيفة دائما على استعداد للسفر، مما يجعلها تعاني مع الزوج كثيرا، ويزداد الأمر تعقيدا إذا كان هناك أطفال. وتضيف بأن المضيفات ممنوعات من حضور الأفراح والاحتفال بالأعياد وصيام أيام رمضان أثناء رحلاتهن الجوية، زيادة على أن الكثيرات منهن توفي أحد من أفراد عائلاتهن وقد يكون من أقرب المقربين إليهن، لكنهن لم يستطعن حضور مراسيم دفنه لأنهن يكنّ في رحلة سفر. هذه التضحيات التي قدمتها مضيفات «لارام» في سبيل نجاح الشركة لم تقابل، حسب تعبيرهن، إلا بالنكران من قبل المسؤولين الحاليين، وهو الأمر الذي جعلهن يشعرن بمرارة وحسرة كبيرة على هذا الوضع، الذي لم يفكرن يوما بأنهن سيسقطن فيه، أي إجبارهن على المغادرة بهذه الطريقة «المهينة»، تقول مضيفة أخرى، قبل أن تضيف «منذ جاء الرئيس الجديد تم إلزامنا بتوزيع الخمر على الزبائن في الطائرات أيام رمضان، ورغم معارضتنا واحتجاجنا، ورغم أن الأمر وصل إلى قبة البرلمان لم نرحم. علاش؟ واش الزبون مايقدرش يصبر على الشراب في الطائرة؟» وتتابع «رغم أننا نستقبله أحسن استقبال وليس هذا فقط، فقد صعدنا الطائرة وعددنا لا يتجاوز ثلاث أو أربع مضيفات، في الوقت الذي يجب أن يكون العدد محددا في خمس أو ست مضيفات»، ومع ذلك تقول إحداهن «عملنا أكثر من مجهودنا، ونطالب الأشخاص والمسؤولين، الذين يتساءلون عن عمل المضيفة، أن يصعدوا معنا الطائرة ويقوموا بالذهاب والإياب معنا ليروا بأم أعينهم ما نقوم به فعلا في الجو». وبالإضافة إلى الراتب المغري الذي تتقاضاه المضيفة، والذي قد يصل إلى 20 ألف درهم، حسب الرحلات التي تقوم بها، هناك حب السفر الذي جعل مثلا (ح ن) تختار هذا المجال، فهي لم تقبل يوما بالعمل في المكاتب، ذلك العمل العادي التقليدي الذي كان شائعا سنوات التسعينيات، بل كانت تبحث عن مهنة تواكب تطلعاتها وتجعلها لا تشعر بالملل والروتين. هذه المواصفات تقول (ح ن) إنها وجدتها في مهنة «مضيفة طائرة». هذه المهنة حسب (ح ن) أضافت لها ولشخصيتها الشيء الكثير، فقد أعطتها مفاتيح جعلتها تشعر بالنضج وهي في سن مبكرة. «نحن نبيع الحلم» هكذا تحدثت (ح ن) عن وظيفتها في قلب الطائرة: بيع الحلم لأناس يهابون الطائرة ولديهم فوبيا من الصعود جوا. وتضيف «لو لم نكن في قلب الطائرة لما صعدها أحد، فنحن حياتها ببسمتنا وتعاملنا واستقبالنا للركاب، ولولانا لكان معظم الركاب أصيبوا بأزمات قلبية». وتبرر قولها بأن «من يعيش في الأرض، ليس كمن يركب قنينة قابلة للانفجار في أي وقت». وتأسفت المتحدثة عن أن «المسؤولين الحاليين بالشركة أرادوا تبخيس هذه المهنة وتقزيمها في دور توزيع القهوة والشاي للركاب». تحمل الألم عند وصول المضيفات إلى المطار يكون هناك اجتماع لرئيس الطاقم معهن، وهو الاجتماع الذي يكون فيه تذكير بوسائل المراقبة وطريقة الإسعاف في حال وقوع أي حادث، ثم يتم توزيع المهام حسب مراتب الطائرة، لكن عمل المضيفة هو شامل، حسب من تحدثت إليهن «المساء»، فهو لا يقتصر على دور معين، فهن يقمن بكل شيء، وأهم شيء بالنسبة إليهن هو حرصهن على الحفاظ على الأمن داخل الطائرة، لكن «النظرة التي يحملها البعض للأسف عن المضيفة تم حصرها فقط في توزيع العصير والمأكولات. لكن هذا فقط جزء بسيط من اختصاصاتنا» تقول (س م).قبل أن تضيف «نحن هم رجال الأمن في الجو». كما تحدثت المضيفات، بحسرة تارة وبتذمر تارة أخرى، عن حالات العنف التي يتعرضن لها من طرف الركاب، الذين لا يستوعبوا عملهن وحرصهن على تطبيق القانون. عنف لفظي وجسدي، سواء كان موجها إليهن أو إلى غيرهن، يقابلنه بصبر وحزم وصرامة. مشاكل كثيرة عبت المضيفات عنها بتلقائية دون أن يكترثن بمعاناتهن، التي اعتدن عليها. وإلى جانب الدور الأمني الذي يعد من الأدوار الرئيسية للمضيفة، هناك الجانب المتعلق بالنفس البشرية التي تتعامل معها المضيفات، فهن طبيبات، إذ هناك من يصعد إلى الطائرة وينتابه خوف شديد، فتعمل المضيفة على طمأنته. تقول سوسن (اسم مستعار) إن «المضيفة تعرف شيئا واحدا هو البسمة المرسومة على وجهها، فحتى لو كانت تتألم داخليا يجب أن تنسى ذلك بمجرد الصعود إلى الطائرة». أما صحة المضيفة فحدث ولا حرج، إذ تحكي إحداهن أن قانون الشركة واضح بالنسبة إلى الجانب الصحي للمضيفة، فهناك قوانين وتعليمات يجب احترامها، وهناك مجموعة من الأمراض على المضيف والمضيفة أن يلتزما بها، ومن بينها الإعلام في حال ما كان هناك مرض يستعصي معه العلاج أو قابل للتفاقم في الطائرة. وضعية صعبة جدا لأنها في كثير من الأحيان تضيف (ن ا ) تستقبل بعدم الاكتراث من المسؤولين عن الطاقم، فصحة المضيفة ليست لها الأهمية كما هو الشأن بالنسبة إلى صحة الربان مثلا، فإذا تعرضت المضيفة لألم أو مصاب ما أثناء رحلتها يجب عليها الصبر، وأن تتألم في صمت حتى لو أن الأمر كان أشد خطورة، بل أكثر من ذلك، تضيف المتحدثة، «بعض رؤسائنا في العمل يمتنعون حتى عن المناداة عن الطبيب، فإصابة المضيفة في الطائرة معناها الموت» تتابع (ن ا). «بذلات» سفيرات المغرب مضيفات الطائرة يعتبرن أنفسهن سفيرات المغرب في جل الدول التي يزرنها، وفي الحديث الذي أجري معهن تحسرن على أيام الزمن الجميل عندما كانت المضيفة ترتدي بذلة من النوع «الرفيع» وذات جودة عالية، مصممة بثوب يحمل طابع ماركة عالمية. تقول سوسن «اسم مستعار»: «عندما كنا ننزل في أي مطار يعرفوننا من بذلتنا: مضيفات المغرب. الكل كان يحترمنا، فالبذلة تعطي المضيفة طابعا عسكريا يجبر الجميع على احترامها. لكن اليوم، تضيف سوسن، تغيرت البذلة وأصبحت لا علاقة لها بالماركة العالمية، فثوبها «رديء» لا يتناسب مع مهنة مضيفة طائرة، ومع الشركة التي يمثلنها. تقول (س م): «احنا راية المغرب، لكن البذلة الحالية رديئة بمعنى الكلمة»، وتضيف «حبنا لبلدنا ولشركتنا هو الذي يجعلنا نضيف لها مجموعة من الرتوشات حتى نعيد إليها الحياة». أمر البذلة مرتبط أيضا بأمر طالما سمعناه عن مضيفات الطائرة، وهو إمكانية تعرضهن لتحرشات جنسية. سألنا المضيفات فنفين الأمر، لأن «لا أحد يجرؤ على ذلك، فنحن عسكريات في الجو. يمكن ذلك إذا كنا بلباسنا العادي، لكن بذلتنا الرسمية تفرض على الجميع احترامنا» تقول إحدى المضيفات. . المغادرة الإجبارية تقول (ح ن): «في البداية هناك برتوكول للموافقة، فإذا رغب شخص بطلب الانتقال من العمل جوا إلى العمل أرضا، يقوم بتقديم شهادة طبية». في هذه الحالة، تضيف المتحدثة، يتم إخباره أولا بأنه لا يمكنه الاستمرار في العمل في الطائرة، وبأنه إذا أراد المغادرة نهائيا سيحصل على تعويض خاص، ثم يقوم المسؤول بسؤاله إن كان يريد الاستمرار في العمل. ثم يخبره بأن التأمين الذي كان سيحصل عليه عند خروجه لن يحصل عليه لأنه قرر الاستمرار في العمل. أما الحالة الثانية، (ح ن)، فهي أنه يمكن للشخص أن يطلب الانتقال من عمله في الطائرة إلى العمل أرضا، لكن يتم استبدال عقد شغله بعقد آخر. أما بالنسبة لما تعرضت له المضيفات في عهد الإدارة الحالية لشركة الخطوط الملكية المغربية، فهو عملية «إجبار قسرية» على المغادرة لا علاقة لها بالمغادرة الطوعية، النابعة من إرادتهن واختيارهن، إذ تقول إحدى المضيفات إنهن يتعرضن لعملية إجبار على المغادرة، وفي حالة الرفض فإن الإدارة تمنحهن عطلة بدون راتب، وصلت إلى حد لا يعرف المضيفات مصيرهن وما ينتظرهن مستقبلا. واشتكت المضيفات في لقائهن ب«المساء» من سيدة تبلغ من العمر 64 سنة، تقول (س م) إن «هذه السيدة هي المكلفة بإخبارنا كمضيفين ومضيفات بالمغادرة وتلح عليها ولا نعلم من أعطاها ذلك الحق».وتتابع «في حديثها تؤكد على أننا مجبرون على المغادرة، علما أن عمرها يتجاوز 64، فيما أنا مجبرة على المغادرة، رغم أن عمري لا يتجاوز 33 سنة. الحماق هذا». لم يعد للمضيفات الاختيار ولا يعرفن مصيرهن المستقبلي بعد أن منحتهن الإدارة عطلة بدون راتب. هذا الراتب يتضاعف بالتعويضات المالية التي تتلقاها المضيفات عن الرحلات الجوية التي يقمن بها، لكن بأخذهن العطلة سيمنعن من مصدر رزقهن وسيحرمن منه لإعالة عائلاتهن. هذه السيدة التي تتحدث عنها المتضررات، تقول ( ح ن)، تجاوزت سن التقاعد بأربع سنوات ومازالت تعمل وتتدخل في المسائل الإدارية، «فهي ليست معينة بظهير حتى تظل في مكانها، ونستغرب كيف أنها هي التي تجبر الأشخاص على المغادرة». وتتابع قائلة: «إدارة الشركة تستغل ظروف المضيفات المريضات اللواتي يتقدمن بشهادات طبية، وآنذاك يتم إخبارهن بأن الشركة لم تعد في حاجة إلى عملهن». وليس هذا فحسب، بل تؤكد المتحدثة، أن المسوولين «يفرضون على المضيفين والمضيفات حتى توقيت المغادرة: «غاتمشي قبل ديسمبر» وللإجابة عن السؤال يمهلون الشخص 24 ساعة، وفي حالة رفضه يمنح عطلة بدون أجر» تتابع متذمرة . وحسب المضيفات، فقد تم إخبار حوالي 240 شخصا بضرورة المغادرة، على الرغم من الارتباطات العائلية والأسرية التي تحكم العديد منهم، سواء كانوا مضيفين أو مضيفات، خاصة أن من بينهم أرامل ومطلقات لديهن أطفال مازالوا يدرسون بالمدارس الخاصة. هذا الوضع الذي تعيشه معظم مضيفات «لارام « جعل الأمور تسير، في نظرهن، في اتجاه يجهلن مصيره ، فلا عملهن أصبح كما يجب، إذ أن كثيرات منهم بدأت تنتابهن موجات غضب وقلق، وأصبحن مهووسات بهذا الموضوع، ولا يعرفن أين يذهبن وماذا يفعلن، وهن يشعرن بأن مصيرهن المهني في خطر في سن لا يستطعن فيها البحث عن بديل آخر، فغالبية المضيفات، الموجهة إليهن طلبات المغادرة تتراوح أعمارهن بين 29 و45 سنة، وقد تم «تبخيس العمل الذي يقمن به، وضرب تجربتهن عرض الحائط «. تقول «س م» : «ما تفعله الشركة معنا سيدفعنا إلى الهجرة، وقد كان بمستطاعنا ذلك، لكن نستغرب كيف أنهم يدفعون بنا إلى التخلي عن عملنا وتجربتنا في الوقت الذي يتم استقبال مضيفات من السينغال. ما الجرم الذي اقترفناه حتى يتم التعامل معنا بهذه الطريقة؟» تتساءل المتحدثة. من جهة ثانية، أكدت رجاء بنسعود، مديرة التواصل في شركة الخطوط الملكية المغربية، في تصريح سابق ل«المساء»، أن الشركة وضعت مخططا من أجل ترشيد وعقلنة إمكانياتها ومواردها. وفي هذا الإطار -أضافت المتحدثة- ستقوم الشركة بالتخلي عن 10 طائرات من الجيل القديم، وسيكون نتيجة هذا التخلي ظهور فائض في عدد الموظفين يقدر بحوالي 200 مضيف ومضيفة لن يمارسوا عملهم جوا، وهذا الفائض-استطردت مسؤولة التواصل- سيجعل الإدارة تقوم بتغيير مهام هؤلاء المضيفين، حيث سيواصلون مزاولة العمل داخل الشركة، ولكن هذه المرة أرضا. ونفت المتحدثة الأخبار التي تروج حول عملية التسريح القسري، وأكدت أن عملية المغادرة تتم عن اختيار وطواعية ضمن البرنامج الذي وضعته الشركة، والذي تم تحديده باتفاق مع المركزيات النقابية والفرقاء الاجتماعيين. من جهته، سبق أن أكد إدريس بنهيمة، الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية، على أن المخطط الاجتماعي القاضي بمغادرة 1560 مستخدما خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2011 و2013 يرمي إلى تقويم وتطوير الشركة، مما يفرض -حسب قوله- اتخاذ عدة تدابير بسبب الوضعية الحرجة التي تجتازها الشركة، والتي، من أجل مواجهتها، تم إطلاق هذا المخطط وفق شروط تفضيلية بالنسبة إلى المستفيدين. لكن تصريح مديرة التواصل وخطة رئيس الشركة استقبلته المضيفات باستغراب، مؤكدات في تصريحات متفرقة أنهن ما زلن يعملن بطائرات شركة «أطلس بلو» التي تمت تصفيتها، وبأن لا أحد أخبرهن بضرورة الالتحاق بالعمل أرضا، بل أجبرن على المغادرة قسرا وليس اختيارا، وبأن مخطط الشركة هو محوهن من خريطة «لارام»، وبالتالي أصبحن في طريقهن إلى الانقراض، تضيف (ن ا) غاضبة. في قلب طائرات لارام من الذكريات الجميلة التي تتذكرها المضيفات حالة ولادة طفل في قلب طائرة «لارام». كان ذلك في إحدى الرحلات الجوية التي انطلقت من الدارالبيضاء إلى نيويورك، حين اشتد ألم المخاض على امرأة حامل، من جنسية إفريقية، فقامت بولادة طفلتها في الطائرة بعد أن تدخل طاقمها، المكون من الرئيس والمضيفات، بمساعدة ممرضة، حيث، تم تقديم المساعدة، تضيف المضيفات، للمرأة الحامل حتى وضعت مولودها في أحسن الظروف وقامت بتسميته باسم رئيسة الطاقم التي ساعدتها أثناء الولادة. أما من الحوادث المؤلمة التي شهدتها المضيفات في الطائرة، فهي حالات الموت، والحالات التي يصاب بها أشخاص بأزمات قلبية، فتضطر المضيفة، التي تلقت تكوينا في مجال الإسعافات، إلى القيام بتدليك عضلة القلب حتى نزول المصاب في أقرب مطار، ولا يتم الإعلان عن وفاته إلا بحضور طبيب. أما بالنسبة للحوادث التي قد تقع في الطائرة نفسها فهي كثيرة، ومن بينها تلك التي وقعت سنة 2001 حين كانت الطائرة ستنطلق من مطار وجدة إلى مطار شارل دوغول بفرنسا، حين قام سرب من الطيور بالدخول في محرك الطائرة والتصق بأحد أجنحتها، مما أدى، حسب المضيفات، إلى اشتعال النار فيه، وقد كان الأمر سيزداد تأزما أكثر لولا تدخل الربان وقيامه بالنزول في مطار الدارالبيضاء حيث استغرقت الرحلة حوالي ساعتين بمحرك واحد فقط. نفس الشيء تكرر، لكن هذه المرة تسبب الأمر في حالة هلع وخوف شديدين لطائرة يستقلها حول 200 راكب بعد أن توقفت عجلات الطائرة في الوسط، الأمر الذي أنذر، حسب مضيفة شهدت الحادث، بخطر كبير وبقابلية الطائرة للانفجار في حال ما اصطدمت عجلاتها بالأرض أثناء النزول، ولتفادي ذلك قام ربان الطائرة بعملية صعود قوية جوا لاستهلاك مادة الفيول ثم النزول أرضا، «الأمر الذي كان سيعرض حياة الكل للموت. «في تلك الأثناء، تحكي المضيفة، انت مخلوع وربي اللي عالم بيك وخاصك تشد راسك وتبرد الناس، وأتذكر في هذه الحالة واحد الراكبة لصقت لي في يدي وما طلقاتنيش وكانت تتقول لي واش غانبقاو حيين؟ واش غنزلو لكازا؟». وبعد نزول الطائرة بسلام قامت المضيفات والطاقم بتهدئة المسافرين وتم استبدال الطائرة بأخرى وتم القيام بالرحلة.