من أهم إفرازات الجولة السادسة من الدوري المغربي الأول للمحترفين وأكثرها غرابة الأحداث التي أعقبت مباراة أولمبيك خريبكة والنادي القنيطري، والتي آلت نتيجتها لفائدة الفريق الزائر بهدف دون رد حمل توقيع اللاعب الضو، في الأنفاس الأخيرة من المباراة. أما وجه الغرابة في هذه المباراة فهو الاحتجاج المبالغ فيه الذي تعرض له مدربا الفريقين معا، يوسف المريني وعبد العزيز كركاش. وبغض النظر عن الكيفية التي تم بها الاحتجاج على الرجلين وكذا مبرراته، فإن المريني على الأقل انقاد للخسارة على أرضه وأمام جمهوره، أما كركاش فيقود فريقه بحنكة كبيرة حولته إلى أحد أفضل أندية الدوري، حيث يحتل المركز الثالث بمجموع 10 نقط، على بعد ثلاث نقط فقط من المتزعم. هذا السلوك هو الذي جعل كركاش يلوح بالاستقالة، بل وطلب من رئيس الفريق إعفاءه من مهامه، لكن الأخير هو الذي آثر الاحتفاظ به، ودعاه إلى إبداء ما يكفي من النضج، على اعتبار أن الشرذمة التي احتجت عليه بأسلوب غير لائق، وصل إلى حد البصق عليه، أمام أعين عدد من اللاعبين وبعض الإداريين تراهن فقط على إرباكه ودفعه لاتخاذ قرارات من هذا النحو. والأنكى من ذلك أن المشاحنات بين الطرفين امتدت إلى إحدى المناطق غير البعيدة عن مدينة خريبكة والمسماة ب«ثلاثاء الأولاد» والتي اختارها الفريق لتناول وجبة العشاء، إذ تجددت الملاسنات وكادت تصل إلى ما لا تحمد عقباه لولا تدخل بعض الإداريين والتقنيين وبعض أصحاب النوايا الحسنة. هذا الاعتداء دفع رئيس الفريق إلى مقاضاة أحد الأشخاص الذين تم التعرف على هويته، وذلك كرد فعل على إهانة مدرب ذنبه الوحيد هو أنه يقود فريقه نحو احتلال أفضل درجات الترتيب في أول نسخة من الدوري الاحترافي. أما الوجه الثاني من هذه القصة الكاريكاتيرية فتمثل في الأحداث التي دعت يوسف المريني إلى إعلان استقالته، والمتمثلة في الهجوم الذي تعرض له بيته بالحجارة، في الوقت الذي كان بمعية بعض أعضاء المكتب يتشاورون حول مستقبل النادي، وكانوا يخففون من وطأة الهزيمة على اللاعبين. في هذه اللحظة بالذات توصل المريني باستغاثة من زوجته عبر مكالمة تلفونية، خصوصا أنها كانت توجد لوحدها بالبيت إلى جانب طفلتها الصغيرة. وعندما توجه مسرعا إلى البيت وجده مملوءا بالحجارة. هذا الحادث دعاه إلى إخبار رئيس الفريق وبعض أعضاء المكتب المسير، الذين تفهموا رغبته في مغادرة الفريق. هذا دون إغفال ما تعرض له المدرب السابق لوداد فاس أمين بنهاشم الذي تلقى تهديدات بالقتل، وهي أمور دفعته إلى الاستقالة. هذه الحوادث تظهر بجلاء المخاطر والمشاكل التي أصبحت تلف وتميز ممارسة مهنة التدريب في المغرب، حيث تغيب كليا التحليلات العميقة لاستكناه أسباب النتائج السلبية، وحتى المسير يعمد إلى مسايرة رغبات الجمهور ويتنكر لتحليلات العارفين، وذلك حتى يتجنب أي مسؤولية أو متابعة. كما أن الحادثين يعتبران أول امتحان حقيقي لقانون الشغب، الذي تم تنزيله بداية من شهر أكتوبر الماضي. لكن أولى المؤشرات لا تدعو بتاتا إلى التفاؤل، حيث لم تتحرك إطلاقا السلطات المحلية التنفيذية منها والقضائية في كلتا المدينتين، وبقي الحال على ما هو عليه، وفي هذا تشجيع ورعاية حقيقية للشغب وللمشاغبين.