تجري المفتشية العامة لوزارة الداخلية تحقيقا في فضيحة فساد سياسي ومالي شاركت فيه عدة جهات في أكادير، و«بطلها» رئيس إحدى الجماعات القروية في الإقليم، تتّهمه شركة لصناعة سفن الصيد البحري في أعالي البحار بالتلاعب في وثيقة إبراء ذمة، استحوذ من خلالها على مبلغ مالي يقدر ب225 مليون سنتيم. ويأتي الشروع في إجراء هذا التحقيق بعدما توصلت المفتشية العامة لوزارة الداخلية، بتاريخ 14 أكتوبر الجاري، من دفاع شركة «كاناف»، المتخصصة في صناعة وتجهيز مراكب الصيد في أعالي البحار بمعايير دولية، بشكاية ضد رئيس الجماعة القروية، يتّهم من خلالها هذا الأخير ومدير الشركة ورئيس مصلحة في ميناء أكادير بالنصب والاحتيال وبتزوير وثائق واستعمالها أمام الجهات الإدارية والقضائية في مدينة أكادير. وجاء في شكاية المقاولة أنها تعرضت لعملية نصب واحتيال مُركَّبة «بطلها» رئيس جماعة في الإقليم، أبرم مع الشركة عقدا لبناء مركّب صيد من النوع الحديث، بقيمة إجمالية قدرها 650 مليون سنتيم، تَسلَّم منها المقاول 374 مليونا وبقي في ذمته مبلغ 225 مليون سنتيم، اتفق بشأنه، كما هو منصوص عليه في الفصل السابع من العقد، على تسديده عندما يكون المركّب جاهزا للتسليم. وكشفت مراقبة داخلية للدفاتر الحسابية ومصلحة المالية والتدقيق لدى الشركة عن عدم استخلاصها مبلغ 2.255.000 درهم، لكن رئيس الجماعة المذكور يتوفر على وثائق رسمية موقَّعة ومصححة الإمضاء تشهد ببراءة ذمته من المبلغ المذكور، كما يتوفر، أيضا، على وثيقة تلغي الفصل السابع من العقدة، الذي ينص على أن التسليم لن يتم إلا بعد إتمام الصفقة. وقد توصلت المقاولة إلى أن رئيس الجماعة (المشتري) يتوفر على ورقة التصريح بالملكية، مسلَّمة من قِبَل كتابة الضبط لدى المحكمة التجارية في أكادير. وقد مكنت هذه الوثائق، التي شهد رئيس الجماعة المذكور بنفسه على صحتها، من الحصول على وثائق تدل على ملكيته للمركب و»قام باقتحام ورشة التصنيع التابعة للشركة وإنزال المركب إلى مياه ميناء مدينة أكادير عن طريق القوة، معتمدا في ذلك على سواعد أتباعه وأعوان من القوة العمومية»، يقول دفاع الشركة. وقد قامت الشركة مباشرة برفع دعوى قضائية بالترامي واستعمال القوة في الاستيلاء على مركّب الصيد، الذي لم يتم بعدُ إتمام صفقة البيع بشأنه. وفي ما يشبه الغموض في تحريات النيابة العامة، تم إيقاف المدير السابق للشركة لكونه المتهم بالمشاركة في التلاعب بالوثائق الإدارية وتقديمه إلى المحكمة، ثم أفرج عنه مباشرة بكفالة 20.000 درهم، دون أن تثار مسؤولية الفاعل الرئيسي في قضية التلاعب، رغم الحجة القاطعة أمام العدالة، والمتمثلة في أن كل الوثائق المدلى بها، تتوفر «المساء» على نسخة منها، تحمل توقيعه كمشتر وإشهاده الشخصي كرئيس جماعة على صحة الإمضاء، مما يثير الشكوك حول عدم تحريك مسطرة البحث والمتابعة ضده وتحديد مسؤولياته في النازلة. والأكيد -تقول الشكاية- إن «نية المعنيّ بالأمر في طمس آثار الجريمة كانت واضحة، حيث استولى، بطريقة مفاجئة، على حق كراء البقعة الأرضية التي كانت تتواجد فيها الباخرة موضوع الشكاية، والتي كانت الشركة تكتريها من مصالح الوكالة الوطنية للموانئ، التابعة لوزارة التجهيز في أكادير، وأن المشتري قام بتسديد السومة الكرائية بعد يوم واحد من الاستيلاء على الباخرة وإنزالها إلى مياه البحر، وأن مصلحة الوكالة قامت بالتعاقد مع المعني بالأمر في شأن البقعة المعنية دون استشارة الشركة المتعاقدة معها أو إعلامها.