تعتبر ثمرة التفاح واحدة من الثمار المحببة للكبار والصغار على السواء، وهي فاكهة قديمة لها فوائد صحية عديدة، قد تلخصها المقولة التي تقول «تفاحة في اليوم تغنيك عن الطبيب»، وهي إشارة يُستدل بها على أن فوائد التفاح جد فعالة ومؤثرة، فتناول الثمرة بانتظام يجعلها مصدرا خاصا لتخليص الجسم من السموم. كما أن لعصيرها القدرة على قتل الفيروسات. وفي هذا السياق، تشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن تناول 100 غرام من ثمرة التفاح يمد جسم الإنسان بنفس فاعلية مضادات الأكسدة، التي يتم الحصول عليها عند تناول 1.5 مليغرام من فيتامين «c»، لكنْ في المقابل، فإن ثمرة التفاح قد تصبح عند أشخاص آخرين مصدراً لجلب البؤس والشقاء، خاصة لدى أولئك الذين لديهم الاستعداد للإصابة بحساسية التفاح. فما هي، إذن، حقيقة حساسية التفاح؟ وما هي أعراضها؟ ولماذا يصاب بها البعض؟ تشرح الشابة الألمانية تيفاني بليول حقيقة حساسية التفاح التي تعرضت لها بقولها إنها لم تكن لتصدق على الإطلاق أن ثمرة التفاح خضراءَ اللون، التي تناولتها في مساء أحد الأيام ستُحيل حياتها إلى «جحيم» مطلق عانت منه لمدة سنة، فبعد وقت قصير للغاية من تناولها تلك الثمرة الجميلة، شعرت باحمرار شديد في الوجه وانتفاخ في الشفتين وبآلام شديدة في الحلق، ثم ظهر طفح أحمر حول فمها، مصحوب بضيق في التنفس، ما استدعى نقلها، على الفور، إلى المستشفى، الذي مكثت فيه أسبوعين، خوفا من إصابتها بالربو، بعد أن تكررت نفس الأعراض في كل مرة تناولت فيها ثمار التفاح الأخضر.. غير أنه لم يكن هناك من يستطيع تشخيص الحالة على الفور، فأطباء المستشفى لم يكن بمقدورهم إعطاء جواب سريع عن «حالة تيفاني بالنظر إلي قوة الحساسية التي كانت تعاني منها، لكن الدلائل كلها كانت تشير إلى أن الفتاة تعاني من أحد أنواع الحساسية الحادة، إذ إن الأعراض التي تظهر عليها توضح ذلك. كان الأطباء، في ما قبلُ، يعرّفون الحساسية على أنها خلل في وظيفة جهاز المناعة لدى الإنسان، حيث يقوم ذلك الجهاز بتحديد بروتينات بعينها في المادة الغذائية التي تم تناولها على أنها ضارة، وبالتالي يقوم بتحفيز الجسم لإفراز الأجسام المضادة، لمعادلة البروتين المسبب للحساسية. وفى المرة التالية التي يتعرض فيها الجسم لهذه البروتينات، فإن الأجسام المضادة «تتعرف» عليها من تلقاء نفسها وتُرسل إشارة إلى الجهاز المناعي من أجل إصدار مضادات «الهستامين» وغيرها من المواد الكيميائية الأخرى. ومعروف أن «الهستامين» هو المسؤول بشكل جزئي عن كافة استجابات الجسم للحساسية، بما فيها رشح الأنف والهرش في العين وجفاف الحلق والطفح والغثيان والإسهال وكذلك صعوبة التنفس. بعد إجراء الفحوصات العديدة لستيفاني على مدار الأسبوعين، توصّلَ الأطباء إلى أنها تعانى من حساسية حبوب اللقاح وليس من التفاح بشكل مباشر، غير أن الطبيب فريدريش ريفليان يشرح مدى العلاقة بين حساسية التفاح وحساسية حبوب اللقاح والرابط الذي يربطهم معاً، خاصة أنه يعاني من حساسية حبوب اللقاح الملايين، وهي أكثر أنواع الحساسية شهرة. إلا أنه ليس كل من يعاني من حساسية حبوب اللقاح قد يصاب بحساسية التفاح، بالضرورة، ولكنْ، يقول الطبيب عن ذلك إن بروتينات التفاح مشابهة، إلى حد كبير، لبروتينات حبوب اللقاح، وهو الأمر الذي لا يستطيع الجهاز المناعي في جسم الإنسان التأكد منه بشكل دقيق، فيقوم الجسم بإفراز الأجسام المضادة على أساس أنها مضادة للبروتينات الموجودة في حبوب اللقاح، وعندئذ، تظهر أعراض الحساسية على المصاب بشكل كامل. ولا ينحصر الأمر على التفاح فقط، بل إنه قد ثبت لدى الباحثين أن بروتينات بعض أنواع الأطعمة تتشابه مع تلك البروتينات الموجودة في بعض أنواع اللقاحات، أي أنه إذا كان لدى الشخص حساسية من حبوب اللقاح، فإنه -ولا شك- سيعاني من الحساسية عند تناول بعض أنواع الفواكه. وإذا كانت لديه حساسية من لقاحات «البتولا» تحديداً، على سبيل المثال لا الحصر ، فإنه سيعاني من حساسية التفاح.. وفي هذا السياق، ينصح الأطباء الأشخاصَ الذين يُعانون من تلك الأنواع المختلفة من الحساسية بالقيام بطهي الخضر والفاكهة قبل تناولها، لأن ذلك سيساعد في تجنُّب الإنسان معاناة الحساسية. وجدير التذكير هنا أن غالبية أنواع الفاكهة والخضر لا تسبب هذه الاستجابة المركبة من أعراض الحساسية. وينصح الدكتور فريدرش الأشخاص الذين يتخوفون من حساسية الفواكه، بشكل عامّ، أن يتناولوا حجم ملعقة من التفاح أو الفاكهة الأخرى ومن ثم المضغ بشكل جيد، ثم عليهم الانتظار قليلاً، لأن أول أعراض الحساسية في حالة توافرها ستظهر على الفم مباشرة.. وإذا لم يظهر أي شيء، عليهم البدء في زيادة الكمية شيئا فشيئا. نائلة المصلوحي بتصرف عن موقع إيلاف