أقدمت الإدارة العامة للأمن الوطني على إصدار عقوبات في حق عدد من رجال الأمن في مدينة العيون، تراوحت بين الفصل والتوقيف والتنقيل. وجاءت هذه التأديبات والعقوبات الزجرية بعد أن وجه رجال الأمن المعنيون تقريرا إلى الجهات المسؤولة عنهم يطالبون فيه بتحسين وضعيتهم الاجتماعية المزرية وبتعويضهم عن ساعات العمل الإضافية، لكن ولاية الأمن في المدينة اعتبرت ما أقدم عليه هؤلاء المتضررون «عصيانا» يستوجب العقاب، فتم استدعاؤهم والاستماع إليهم ورفع تقرير في شأنهم أدى إلى اتخاذ تدابير تأديبية في حقهم. وهذه مناسبة لنقول إنه ليس معقولا على الإطلاق أن يظل رجل الأمن في بلادنا مخنوقا من خلال وضع حاجز سميك بينه وبين التعبير عن مطالبه المشروعه؛ وليس معقولا أن تظل هذه الفئة من المواطنين مقموعة بنصوص قوانين جائرة تحرمها من حقها في تأسيس إطارات مهنية ونقابية تدافع عن حقوقها المشروعة وتضمن لها مواطنتها الكاملة. هل هي جريمة أن يلجأ رجال أمن إلى تدبيج تقرير ورفعه إلى المسؤولين كي يرقوا لأحوالهم البائسة. ما أقدم عليه المعنيون بالأمر حق مشروع لأنهم ظلوا ملتزمين بالانضباط ولم يعمموا هذا التقرير على الرأي العام ولم يقودوا حملة تشهيرية، ومع ذلك اعتبر المسؤولون أن ما قاموا به «عصيان» يستحق العقاب، وبدل أن يستدعوا المعنيين بالأمر لكي يستمعوا إليهم مباشرة تم استدعاؤهم فعلا ولكن كخارجين عن القانون وبنية معاقبتهم. هذا الأسلوب في التجاوب مع مطالب رجال الأمن بمختلف درجاتهم أسلوب غير مجد وقد يؤدي إلى حالة من الاحتقان، وما لجوء بعض أفراد هذه الفئة إلى شبكة الأنترنت لنشر الغسيل الداخلي أو تعميم مطالبهم المشروعة إلا محاولة لإيصال أصواتهم بغير الطرق القانونية، خوفا من الانتقام والعقوبات. ليس هناك من حل سوى أسلوب الإنصات، خاصة وأن المغرب بدأ يتجاوز أساليب العهود الماضية المبنية على الكبت وخنق الحريات.