سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حاجة المناهج الدراسية في العالم الإسلامي إلى التنقية من شوائب النزعات المذهبية في أول مبادرة من نوعها شهدها اجتماع المجلس الاستشاري الأعلى للتقريب بين المذاهب
قرر الاجتماع الثالث للمجلس الاستشاري الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية، الذي اختتم أعماله بالرباط في الأسبوع الماضي، في أول مبادرة من نوعها بهدف تقريب الخلاف بين أتباع المذاهب المختلفة وجسر الهوة فيما بين هذه المذاهب، تشكيل لجنة مشتركة من مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ومنظمة الإيسيسكو لإعداد آليات ومنهج إصدار كتيبات عن أعلام آل البيت، وتكليف مجمع الفقه الإسلامي الدولي بوضع كتيبات عن المذاهب الإسلامية المشهورة، ودعوة منظمة الإيسيسكو إلى الإشراف على إصدار هذه الكتيبات ضمن خطة عملها، بالتنسيق مع اللجنة العلمية للمجلس. وشكلت هذه الخطوة الطموحة بداية جديدة للانتقال من مستوى الخطاب إلى مستوى الإجراء العملي، حيث قرر المجلس الذي شارك فيه عدد من العلماء والباحثين من السنة والشيعة إصدار مجلة حولية للتقريب بين المذاهب الإسلامية وتكليف لجنة علمية لدراسة مواصفاتها واهتماماتها، وإشراف الإدارة العامة للإيسيسكو على إصدارها بالتنسيق مع اللجنة الإعلامية للمجلس، وعرض مشروع عددها التجريبي على الاجتماع القادم للمجلس، وقد تم تكليف لجنة مشتركة بإعداد المادة العلمية اللازمة لتوظيف وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال في نشر فكر التقريب وقضاياه، ودعوة منظمة الإيسيسكو إلى توجيه مزيد من أنشطتها وبرامجها في مجال الإعلام والاتصال لتعزيز ثقافة التقريب بين المذاهب الإسلامية، كما تم تكليف فريق عمل بوضع منهاج لمشروع تأليف كتاب مدرسي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ثم تكليف لجنة بتأليف الكتاب من قبل الإيسيسكو ودعوتها إلى إدراجه في أنشطتها ضمن خطة عملها القادمة، وتم تكليف فريق من علماء المسلمين تحت إشراف الإيسيسكو أيضا بالعمل على تنقية المناهج التربوية الإسلامية من الأفكار والمعلومات التي تزرع الفرقة بين المذاهب الإسلامية وتسهم في إشغالهم عن بناء حاضرهم بقضايا جانبية وتاريخية، ودعوة نفس المنظمة إلى عرض نتائج أعمال الفريق على المؤتمر العام والمجلس التنفيذي للمنظمة. ومن ضمن التوصيات التي خلص إليها الملتقى الاستعانة بالعلماء الضالعين في قضايا التقريب بين المذاهب الإسلامية في تهدئة الأوضاع في البؤر التي تشهد التوتر الطائفي، والسعي من أجل تعزيز الثقة بين قادة الطوائف والمذاهب الإسلامية، والعمل على تخفيف أسباب التوتر والتعصب المذهبي والطائفي بالوسائل التي يرونها مناسبة، كما دعوا منظمة الإيسيسكو إلى اتخاذ التدابير الضرورية مع جهات الاختصاص في الدول الأعضاء لإدماج مادة ثقافة التقريب بين المذاهب الإسلامية في المناهج الدراسية، وبصورة أخص في المؤسسات التعليمية الدينية، وذلك وفق أسس تربوية وعلمية، والتركيز عليها بوصفها مادة أساسية في التقديرات النهائية. وقد طالب المجلس، الذي تأسس عام 2006، في بيانه الختامي باحترام المذهب السائد في كل بلد، ومنع الإساءة إلى المذهب الآخر والتطاول على أمهات المؤمنين وصحابة رسول الله، لما في ذلك من تشكيك في المذاهب الإسلامية، وتناقض مع روح التقريب ورسالته، فضلا عن تسببه في زرع الفتن وفي تمزيق عرى الروابط الروحية والاجتماعية والثقافية والفكرية بين المسلمين. وحذر المجلس من الفتاوى «التي يتخذها بعض المنحرفين عن جادة الحق، ذريعة شرعية تعين العابثين بدماء الأبرياء وتبرر أفعالهم المنكرة، وتعمق الصراع الطائفي والمذهبي بين المسلمين»، ودعا إلى إدانة هذه الفتاوى المغرضة التي تساند تلك الممارسات المحرمة شرعاً التي ترتكب في حق النفس البشرية، وينأى بالعلماء عن استخدامهم مطية للسياسات المنحرفة، وتشجيعهم لأصحابها، وتسويغ أعمالهم بإصدار فتاوى شرعية محققة لأغراضهم. وأكد المجلس أن على علماء كل مذهب علاج ظاهرة التعصب في كتب التراث في مذهبهم، بزيادة التوعية بظروف تأليفها، وتفنيد ما فيها من الإساءة إلى المذاهب الأخرى عن طريق الدرس والمناقشة الموضوعية، وتنبيه دارسيها إلى أن خطر التفريق بين المسلمين يستوجب التحفظ على ما ورد في هذه الكتب التراثية من دسائس مزروعة في عهود التعصب والفتن السابقة، وتخصيص مناهج وآليات لتنقية التراث الإسلامي من تلك الشوائب، كما نبه إلى خطورة ارتباط العدو الخارجي بمثيري الفتن الداخلية، ومده إياهم بأسبابِ تعميقِ الصِّراع المذهبي وتحويله إلى فتن أمنية وطائفية واجتماعية وسياسية، ودعا إلى ضرورة تفعيل «استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية» التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في ماليزيا سنة 2003، لكونها من أهم الوثائق التأسيسية التي تحظى بإجماع دول العالم الإسلامي، ولأنها وضعت الآليات الضروريةَ لتنفيذها تحت إشراف منظمة الإيسيسكو.