في الوقت الذي خرج عشرات الآلاف، يوم الأحد الماضي، للمطالبة بسقوط الفساد وبرحيل شركة «أمانديس»، التي تدير قطاعات الماء والكهرباء والتطهير في طنجة، سارع بيان أصدره مكتب عمدة المدينة إلى الإعلان عن مجموعة إجراءات لتخفيف الغضب الشعبي ضد الشركة. وقال بيان العمدة، الذي تم تعميمه على وسائل الإعلام، إن «أمانديس» أعلنت استعدادها الالتزام بعدد من الإجراءات من أجل تحسين خدماتها، بعد حوار جمع مسؤولي الشركة مع منتخَبين وفاعلين جمعويين. ولاحظ المتتبعون أن هذا البيان جاء 24 ساعة فقط بعد المظاهرة الحاشدة التي عرفتْها طنجة مساء يوم الأحد الماضي، والتي رفعت مطالب سياسية واجتماعية، من بينها ضرورة رحيل شركة «أمانديس» عن المدينة. ويَعتبر سكان طنجة رحيل «أمانديس» من أَولى أولوياتهم وسبق لهم أن نظموا مئات التجمعات والمظاهرات ضدها، غير أن الحماية الوازنة التي تتمتع بها هذه الشركة جعلها في منأى عن أي محاسبة. وفي الوقت الذي بدا أن اجتماع العمدة، فؤاد العماري، بمسؤولي «أمانديس»، مجردُ محاولة للالتفاف على مطالب السكان، فإن مَردَّ الاستغراب الأكبر بين السكان كان وجود رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين في هذا الحوار، وهي الجمعية التي أعلنت، غير ما مرة، معارضتها رحيلَ «أمانديس» عن المدينة. ويعتبر وقوف رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين إلى جانب «أمانديس» سابقة في تاريخ جمعيات الدفاع عن حقوق المستهلكين، حيث إنه في كل مرة ترتفع دعوات السكان من أجل رحيل هذه الشركة ومحاسبتها، تبادر الجمعية إلى إعلان موقف منحاز إلى الشركة، عبر الدعوة إلى مراجعة جزئية للفواتير، وأيضا، ل«تفهم الإكراهات» التي تتعرض لها هذه الشركة. ويصف سكان طنجة الحوار الأخير ما بين العمدة ورئيس جمعية الدفاع عن حقوق المستهلكين، من جهة، وبين شركة «أمانديس»، بأن هذه الأخيرة «حاورت نفسَها فقط»، على اعتبار أن موقفها هو نفس الموقف الذي يتبناه «محاوِروها». وكان بيان عمدة طنجة قد أشار إلى مجموعة إجراءات ستقوم بها شركة «أمانديس» مستقبلا، من أجل لجم السخط العارم ضدها، من بينها قراءة العدادات على رأس كل شهر وإصلاح الأضرار الناتجة عن الأعطاب الكهربائية التي تتسبب فيها الشركة الفرنسية وتغيير العدادات الكهربائية وحل مشاكل اختناق الصرف الصحي وتسليم أرقام الشكايات إلى المشتكين والرد على الشكايات في أجَل لا يتعدى أسبوعا ومراجعة الفواتير التي تَرِد فيها أخطاء. غير أن كل هذه الالتزامات توجد في دفتر تحملات شركة «أمانديس» منذ بداية عملها في طنجة، غير أنها لا تلتزم بها بالمرة. ولوحظ في بيان العمدة أنه لم يتطرق بالمرة إلى ما يصفه السكان بوسائل الاحتيال التي تقوم بها هذه الشركة، وذلك عبر قطع إمدادات الماء والكهرباء عن السكان بدون إشعار، من أجل تنمية مداخيل الشركة، على اعتبار أن كل عملية قطع تكلف المستهلك مبلغا إضافيا يقارب المائة درهم. كما أن الشركة تعمد إلى «ترهيب» السكان عبر قطع إمدادات الماء والكهرباء عنهم في مناسبات حساسة وبالغة الأهمية، مثل شهر رمضان وعيدَي الفطر والأضحى، وهو ما يؤجّج الغضب الشعبيَّ ضدها.