ألغام أخرى مجهولةٌ خرائطها وُضِعت من قِبَل مهربين، كما أكدت مصادر عدة ل«المساء». وُضِعت هذه الألغام من قِبَل مافيات المخدرات والهجرة السرية، بشكل فردي أو بتنسيق مع البوليساريو، من أجل «تأمين» خطوط تهريب المخدرات والسجائر وحتى الأسلحة والبشر، دون أن يتمكن الجيش من تعقبهم، مخافة التعرض لانفجارات الألغام. غير أن هؤلاء المهربين يعمدون إلى ترك ممرات بين الألغام تحدد، بشكل تقني متطور، من ال«جي بي إر إس»، والذي يحدد، بدقة، مسار المهربين بين حقول الألغام. تتم تحركات المهربين حتى داخل نوع آخر من حقول الألغام وضعها الجيش المغربي نفسه خلال حربه مع الجزائر والبوليساريو. وعلى اعتبار أن الجيش المغربي جيش نظامي، فقد عمد إلى وضع هذه الألغام بشكل دقيق وفق خرائط يتوفر عليها بشكل حصري. وفق هذه الخرائط، يُجري الجيش، حاليا، عمليات لنزع الألغام. تتمركز هذه الألغام التي وضعها الجيش المغربي، أساسا، في الركن الشمالي الغربي من الصحراء المغربية، على طول جدران ترابية دفاعية يبلغ طولها 3 أمتار، وُضِعت ما بين 1982 لتأمين هذا الجزء من الصحراء. هذا ما ذكره تقرير صادر عن المرصد الدولي للألغام لسنة 2007. «هناك مهربون تمكنوا من اختراق هذه الحقول ومن معرفة مساراتها المؤمّنة باللجوء إلى «حيلة» تتمثل في تقديم جمال مُحمَّلة بالمخدرات والمواد المهربة أمامهم، فإنْ تمكنت هذه الجمال من المرور دون أن تتعرض لأذى، أصبح هذا الممر هو المستعمَل من قِبَل المهربين لتنفيذ عملياتهم»، يوضح مصدر «المساء»، قبل أن يضيف أن «الأخطر من ذلك هو أن مهربين يتمكنون من الحصول، بطرق معيّنة، على خرائط الألغام من الجيش، رغم سريتها، حتى ينفذوا عمليات التهريب بين حقول الألغام بشكل مؤمّن. هذا ما يفسره توقيت جنود، بين الفينة والأخرى، إثر عمليات تهريب». تكشف هذه التجربة «المرعبة» التي خاضتْها «المساء» داخل حقول الألغام في ضواحي مدينة السمارة حقيقة انتشار الألغام والقنابل العنقودية وبقايا الأسلحة والذخائر والصواريخ الخطرة في هذه المنطقة من المغرب. كما أن شهادات المصادر التي التقتها «المساء» أماطت اللثام عن حقائق مثيرة مرتبطة بخرائط الألغام، التي يحوزها الجيش المنيع عن أي «اختراق» صحافي، والذي لم تسعفنا الوسائل في التزود بمعطيات منه بخصوص هذا الموضوع، بحكم تكتمه على المعلومات، التي يتوفر عليها وحده... غير أن «المساء» لجأت إلى التنسيق مع منظمات دولية تمكّنت، بحكم وضعها الخاص، من الاتصال بقادة كبار في الجيش وأجهزة الدولة، المرتبط اهتمامها بموضوع الألغام. من بين هذه المنظمات التي اتصلت بها «المساء» منظمة الحماية من الأسلحة وآثارها، وهي منظمة غير حكومية تنشط في مجال مكافحة الألغام والقنابل العنقودية أساسا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. زودتنا هذه المنظمة بنسخة من تقرير، صدر قبل في شهر أبريل الماضي، حول وضع الألغام في المغرب، أعدّتْه لفائدة المرصد الدولي للألغام، يكشف حقائق مضبوطة حول الموضوع.