من المتوقع أن يحال مهربو البوليساريو، الذين ألقي عليهم القبض مؤخرا بتهمة المتاجرة في المخدرات وتهريب السجائر، على المحكمة العسكرية الدائمة التابعة للقوات المسلحة الملكية. وكان المهربون يستعدون للتسلل، في منتصف يناير المنصرم، إلى التراب المغربي عبر سيارات «جيب» ودراجة نارية، حينما لاحقتهم دورية من الفيلق العاشر المكلف بحراسة الحدود، عند المنطقة المعروفة ب «واد الناموس» على بعد50 كلم جنوب بلدة فم زغيد بإقليم طاطا، مما أجبر هؤلاء على محاولة الإفلات باستعمال أسلحة حربية من نوع (كلاشنيكوف)، وإطلاق عشرات الخراطيش على الدورية العسكرية. وقد كشفت التحقيقات التي تمت مباشرتها على إثر هذه القضية- حسب ما أفاد بلاغ للداخلية- عن تورط ثمانية أشخاص من بينهم موريتاني، حيث تم إلقاء القبض على أربعة منهم، في حين يجري البحث بشكل مكثف عن الأربعة الآخرين الذين تم تحديد هويتهم، وهم كما أفضى البحث البوليسي مجموعة من المهربين الذين يقيمون بتندوف. وليست هذه المرة الأولى التي تتورط فيها عناصر مساندة للبوليساريو في المتاجرة في المخدرات وتهريب السجائر، إذ سبق لمصالح الشرطة القضائية بمراكش أن اعتقلت بحي «كدية العبيد» 12 عنصرا، من بينهم فتاة، كانوا يروجون الكوكايين بملاهي وحانات مراكش. وأثبت التحقيق أن يد البوليساريو غير بعيدة عن العملية. كما سبق للأمن الموريتاني أن أوقف في مدينة ازويرات ثمانية عناصر تنتمي لجبهة البوليساريو بتهمة تهريب وترويج المخدرات، وقد كان هؤلاء على متن شاحنتين محملتين بأطنان من المواد المهربة. وتقوم السلطات الموريتانية، منذ سنوات، بمحاصرة مجموعات البوليساريو التي تقف وراء اعمال التهريب في المنطقة، بما في ذلك تهريب المهاجرين السريين والسجائر وسائر أنواع السلع المشبوهة. وبالنظر إلى كثافة نشاط المهربين الذين تمكنوا من إقامة نظام مضاد لأنظمة الدفاع والمراقبة بالمناطق الحدودية، وخاصة اعتمادهم على جماعة «الإسناد والدعم» المحلية التي مكنتهم، أيضا، من إقامة «منطقة تبادل حر»، فإن قوات الجيشين، المغربي والموريتاني، استطاعت، عبر حملات التمشيط المنظمة، تضييق الخناق على مافيا السجائر، خاصة تلك التي تنشط بالزويرات. وقد تمكن الجيشان فعلا من مصادرة كميات هائلة من خراطيش «الكولواز» و«ليجوند» و«روتمونس» التي قطع المهربون مئات الكيلومترات في طريق مُؤمّن من أجل إدخالها دون الاصطدام بحواجز الرقابة. ولا يقتصر نشاط عناصر البوليساريو على تهريب المخدرات والسجائر، بل الأخطر هو تمكن هؤلاء بتواطؤ مكشوف مع بعض عناصر الحرس الحدودي من مختلف الضفاف من إقامة منطقة تبادل حر يستغلونها في المتاجرة في الألغام المضادة للأفراد، وخراطيش الرصاص والبارود والأسلحة الفردية. ومعلوم أن تقريرا أمنيا جزائريا أعدته قيادة الدرك الوطني كشف أنه، خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية، برز نشاط مضطرد في تهريب الأسلحة والمواد المتفجرة بين الحدود المغربية الجزائرية، حيث حجزت السلطات الجزائرية 4 بنادق صيد و800 لغم مضاد للأفراد، إضافة إلى 400 متر من الفتيل و54 خرطوشة عيار 12 و 16 مم وحامل ذخيرة وذلك بولايتي عين تموشنت وتلمسان فقط. أما إذا انتقلنا إلى الحدود الجنوبيةالشرقية، فإن معلومات من أبناء المنطقة تفشي أن تسرب بعض الأسلحة إلى التراب الوطني، وإن بكميات قليلة، يتم عبر منطقة آسا ومحاميد الغزلان واشكاكة وعلق ليهودي، وهي مناطق معروفة بكثرة المسالك المؤدية إلى الحدود الجزائرية.