كشف رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو أن دولته تواجه أزمة اقتصادية صعبة، مشيرا إلى أن حكومته اتخذت بعض الإجراءات للتصدي لهذه الأزمة، حيث أكد مكتب العمل الإسباني في بيان له أن هذا الارتفاع في معدلات البطالة يعتبر الأكبر من نوعه خلال العشر سنوات الأخيرة. وأكد رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو أن اقتصاد بلاده قادر على تحقيق أهدافه وتجاوز الصعوبات التي يمر بها أسوة ببقية اقتصادات العالم. وقال ثاباتيرو، في مؤتمر صحفي نهاية الأسبوع، إن التوتر الناجم عن ارتفاع الأسعار سيتراجع خلال الأشهر المقبلة، موضحا أن الاقتصاد الإسباني كغيره من اقتصاديات العالم يتمتع بنقاط قوة جنبا إلى جنب مع نقاط ضعف. وحث ثاباتيرو على زيادة القدرة التنافسية والإنتاجية والتي شهدت تحسنا في السنوات الأخيرة إلا أنها في حاجة إلى التطور بصورة أكبر. تصريحات ثاباتيرو كانت ضمن التعليقات الرئيسية لخبراء المال والصحفيين المتخصصين في الملفات الاقتصادية الذين أجمعوا على أن «إسبانيا مقبلة على أزمة حقيقية سيكون من مظاهرها الرئيسية ارتفاع البطالة ومزيد من الانهيار في بعض القطاعات مثل العقار». وكان ثاباتيرو يرفض الحديث عن الأزمة الاقتصادية بل كان يفضل استعمال مصطلحات مثل «تراجع النمو»، وينسب ذلك إلى أسعار البترول التي ارتفعت وسببت تضخما في الميزانية، لكنه بعد العودة من العطلة الصيفية كشف أن البلاد تعيش فعلا أزمة، وأن الشهور المقبلة ستكون صعبة للغاية وأسوأ من سابقاتها. وتختلف الصحف المتخصصة في عالم المال والأعمال في تعاطيها مع هذه الأزمة، فصحيفة «سينكو دياس» (خمسة أيام) تعتبر أن الأزمة يعيشها العالم وأن بعض الدول الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وبريطانيا تشهد أزمات أعمق من إسبانيا، في حين ترى يومية «إكسبانسيون» أن حالة إسبانيا خاصة، وأن بعض القطاعات، مثل العقار، كانت تنهار تدريجيا دون أن تسرع الحكومة بالتدخل لإنقاذها، وأن النمو الاقتصادي سيصل بصعوبة إلى نسبة 1 في المائة إذا لم يتراجع أكثر. من جهتها، تقول مصادر إعلامية أخرى إن تراجع أسعار النفط في السوق الدولية وموسم التخفيضات في المتاجر جعل الحكومة تتنفس لأن التضخم تراجع لأول مرة خلال الشهور الأخيرة، لكن في المقابل هناك مشاكل كبرى، فالشركات الأجنبية تعتبر أن الاقتصاد الإسباني سيبقى غير مستقر خلال العشر سنوات المقبلة، وهذا يعني تراجع الاستثمارات الأجنبية، في حين أن الشركات الأجنبية المتواجدة في هذا البلد الأوروبي بدأت ترحل أو بدأت تخفض من إنتاجها وتعمل على تسريح العمال، وأبرزها شركات صناعة السيارات وهي جنرال موتورز وفورد وسيات ورونو. لكن الذي يقلق الحكومة الاشتراكية هو كيفية وقف تراجع قطاع العقار الذي شكل خلال العشر سنوات الأخيرة دعامة قوية للاقتصاد الإسباني، فمبيعات الشقق تراجعت بأكثر من 40 في المائة، وهذا يعني تراجع كل المهن المرتبطة بالعقار من بناء ونجارة وحدادة وكهرباء وبيع المعدات المنزلية. وتراهن الحكومة على تسهيلات ضرائبية وتقديم قروض بقيمة ثلاثة مليارات لشركات العقار لكي لا تفلس وتغلق أبوابها وتسرح مزيدا من العمال كما هو عليه الشأن حاليا، فيما يؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه الإجراءات الترقيعية تبقى للتخفيف فقط وليس لحل الأزمة التي ستطول. ثاباتيرو، الذي بدا محرجا، أوضح أنه أمام الوضع الاقتصادي الصعب «فمن المنطقي أن تتراجع نسبة المهاجرين الذين ستستقبلهم إسبانيا باستثناء أولئك الذين سيعملون في قطاعات يصعب العثور على اليد العاملة لتغطيتها»، في إشارة إلى جني المحاصيل الزراعية في بعض الأقاليم مثل ويلفا جنوب البلاد. أما وزير العمل والهجرة الإسباني ثيليستينو كورباتشو، فقد اعترف بدوره بارتفاع معدلات البطالة التي تعاني منها إسبانيا خاصة في قطاع التشييد، موضحا أن البطالة أثرت على قطاعات أخرى متصلة بهذا القطاع. وأوردت يومية «إلباييس» في عددها ليوم أمس الاثنين تحقيقا حول صعوبة الدخول المدرسي بالنسبة إلى أغلب العائلات الإسبانية، وثقل المصاريف التي لم يجد أغلبية الآباء موارد مالية لمواجهتها، موضحة أن أغلبية الأسر الإسبانية لم تقتن لأطفالها هذه السنة محافظ الدراسة ولا اللباس المدرسي، بل اكتفت بمستلزمات الدراسة للسنة الماضية. وهو التحقيق الذي يكشف عن مدى خطورة الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على المجتمع الإسباني.