إن الوضعية الرياضية في بلادنا غير ميؤوس منها رغم النتائج السلبية لأبطالنا في كل من غانا وبكين، ورغم تذمر الجميع فبوادر العمل متوفرة إذا ما توفرت الإرادة السياسية لدى المسؤولين، وهذه الإرادة يجب أن تتجلى في المخطط الذي نسعى إلى تطبيقه في ما يعرف بالمخطط الطويل المدى الممتد إلى ثلاثة استحقاقات أولمبية (2012 و2016 و2020)، وهي سياسة رياضية تبدو في شكلها مجرد ردود فعل لإقناع البعض بأن هناك تحركات للمسؤولة الأولى عن القطاع بخصوص ما جرى، فهل المسؤولة واعية بأهمية المرحلة أم الغاية ملء الفراغ وشغل الناس بمخطط غير مدروس وبالتالي غير واضح الأبعاد، إن المدة الزمنية المستهدفة تتطلب معالجتها عدة أشياء لا أعتقد أنها متوفرة الآن. أولها الدراسة المعمقة لواقعنا الرياضي في العديد من المجالات والاكتفاء بمناظرات جهوية مرتجلة وبتقارير مفبركة لتقسيم جهوي غريب، ففي المملكة 16 جهة أما الوزيرة فلا ترى الرياضة إلا في سبع جهات فقط، إن المنطق يقتضي الاحتفاظ على الجهات الرسمية والوقوف على الواقع الرياضي بها وآفاقه المستقبلية، مما يجعل السؤال الأكبر مطروحا بحدة عما تريد الوزارة من وراء هذا التحرك. لم نسمع إلا قراءات متناثرة لأسباب ومسببات الإخفاق، أما المخطط البعيد المدى فلا أعتقد أن شهر أكتوبر2008 كاف لملامسة هذا الواقع وتوفير الحلول الناجحة له، فلماذا هذه السرعة والهرولة نحو الحلول الجاهزة؟، فالمنطق يقضي بأن يكون لكل مخطط عقول مدبرة وبرنامج محدد، ولقد وقفنا على إمكانيات البلاد المادية والبشرية في الحلقات السابقة، إنها ربط بليد بين الدخول السياسي والدخول الرياضي، فالجامعات المتواجدة حاليا قد أعلنت عن برامجها وانطلقت الاستعدادات في العديد من المجالات، فلنترك تلك الجامعات وبرامجها تنطلق في الوقت المحدد لها، ولنستنفر المؤسسات الموجودة كاللجنة الأولمبية الوطنية والفعاليات الوطنية بكل هدوء، لتحديد الأهداف التي نرجو تحقيقها، فلا أحد لحد الآن يعرفها ومقتنع بأهميتها، رغم أن الظرفية تقتضي الشروع في العديد من الأوراش الضرورية. أولا الدراسة المعمقة للدستور الرياضي المغربي، فهذا الدستور الذي تمت المصادقة عليه في فاتح يونيو 1988، أي بعد مرور 30 سنة على الدستور الأول، لازال الغموض يلف الكثير من فصوله بحكم التقادم والإهمال ولازال في أمس الحاجة إلى تعديلات. أما الورش الثاني فيخصص لدراسة مشروع قانون الاستثمار في الميدان الرياضي، ولي اليقين أن رؤوس الأموال ستتجه إلى هذا الميدان باعتبار المحفزات التي سيوفرها هذا المشروع، ولما للمغرب من تجربة في هذا الباب، وتكفي الإشارة هنا إلى الاستثمارات التي أصبحت تتداول بين القارات، إن الساحة تعرف محاولات خجولة لتحويل الجمعيات الرياضية إلى مقاولات ولكن الرغبة المتسرعة حولت الرياضة إلى خوصصة جديدة. أما الورش الثالث فهو محاولة لتصنيف الرياضات الأولمبية 34 وتحديد الألعاب التي يمكن الاعتماد عليها في خلق التميز، وهذه الأوراش يمكن أن تنطلق في أقرب وقت شريطة إحاطتها بالمتابعة الإعلامية، وهو الدور الذي يجب أن تلعبه قناة الرياضية بتنسيق مع الوزارة المعنية واللجنة الأولمبية، إن عاهل البلاد سيكون سباقا ّإلى دعم هذه المبادرة إذا قدم له ملف متكامل.