أصبح الانفلات الأمني ظاهرة خطيرة في العديد من المدن المغربية، خاصة في الأحياء الشعبية، حيث سجلت في الآونة الأخيرة الكثير من الاعتداءات على المواطنين والسرقات التي يتم بعضها باستعمال الأسلحة البيضاء، بعيدا عن أي مراقبة أمنية، وعلى مرأى ومسمع من المواطنين الذين يستحوذ عليهم الشعور بالعجز وبأن لا حول لهم ولا قوة وهم يعاينون غياب أبسط مظاهر وجود السلطة الأمنية. ويمكن لأي ملاحظ يتجول في بعض الأحياء الشعبية في المدن الكبرى، مثلا، أن يرى بعينيه نوعا من التسيب، حيث يتم أمام الملأ بيع المخدرات والاعتداء على المارة واعتراض سبيل المواطنين، بل إن بعض المنحرفين والمجرمين من ذوي السوابق أصبحوا يتجولون في الشارع العام شاهرين سيوفهم وسكاكينهم غير بعيد من مراكز الأمن. وأكثر من هذا، فقد أصبح عاديا جدا أن نسمع بأن بعض اللصوص قاموا ب«تقسيم إداري» للمدينة التي يحكمونها، بحيث يصبح ممنوعا على أي لص آخر من خارج المدينة المذكورة أن يباشر «مهام» السرقة والاعتداء في مناطق نفوذهم. والخطير في هذا كله هو أن المسؤولين عن الأمن على دراية بهذا الواقع، لكنهم يكتفون بالتفرج على مآسي البؤساء من المواطنين، ويبقى الشيء الوحيد الذي تستنفر أجهزة الأمن على إثره مصالحها هو وقوع بعض اللصوص في «الخطأ» بإقدامهم على الاعتداء على بعض الأسماء النافذة في السلطة. من غير المقبول البتة، خصوصا أمام مظاهر الانفلات الأمني وتكرار الممارسات الإجرامية، أن تظل السلطات الأمنية مكتوفة الأيدي، مكتفية بالتفرج، والمطلوب منها التدخل من أجل الضبط متوخية في ذلك الصرامة حتى لا يستمر اقتراف هذه الممارسات المخلة بالأمن العام وبأمن المواطن والأسر، وحتى لا يتسع هذا الانفلات ويصبح تطويقه فيما بعد مهمة صعبة. بقي فقط أن نقول إن مهمة استتباب الأمن لا يمكن يقوم بها شرطي مجرد من الإمكانيات ويقتسم غرفة مع «الجيران» في الأحياء الفقيرة.