سيرة: > 26 غشت 1979: رأى النور بقرية بولاية أكادير. > 1993: الانقطاع عن الدراسة ودخول المسجد. > 1994-1998: إتمام حفظ القرآن الكريم. > أكتوبر عام 1998: ولوج عالم الشغل. > 21 يناير2007: ولوج عالم التدوين. > 8 شتنبر 2008: دخول السجن. > 12 شتنبر 2008: الاستمتاع بالسراح المؤقت. في هذا الحوار الذي خص به المدون محمد الراجي جريدة «المساء» مباشرة بعد خروجه من السجن المحلي بإنزكان، عشية أول أمس الخميس، بعد أن قضت محكمة الاستئناف بتمتيعه بالسراح المؤقت، يتحدث الراجي ذي ال29 سنة، عن تفاصيل إيداعه السجن وعن وقع صدمة الحكم عليه بسنتين سجنا. وعبر عن سروره بحملة التضامن التي أطلقتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية للتنديد واستنكار الحكم الابتدائي غير العادل الذي صدر في حقه. وأعرب عن تمنيه أن تعود إليه كرامته، معتبرا أن تهمة «الإخلال بالاحترام الواجب للملك» خطيرة لكونها قد توحي بأن المتهم كاره لوطنه وملكه، وهو ما لا ينطبق على الراجي المغربي الذي يفتخر بمغربيته. - حول ماذا تم التحقيق معك وكيف؟ < عشية الأربعاء 3 شتنبر الجاري، حضرت عناصر من الاستعلامات العامة بولاية أمن أكادير إلى البيت الذي أقيم فيه، لكنها لم تجدني هناك فطلبت من عمي أن يخبرني بأن عليّ أتوجه إلى الولاية في اليوم الموالي. وهكذا، استمر التحقيق معي من الساعة العاشرة صباحا إلى الخامسة مساء يوم الخميس. كان المحققون لطفاء معي وعاملوني معاملة جيدة. طرحوا عليّ خلال فترات متقطعة مجموعة من الأسئلة من قبيل: «أين درست؟» و»هل لديك انتماء حزبي؟»... وفي الأخير أعادوني إلى بيتي على أن أعود عندهم في اليوم الموالي. وبعد أن عاودوا طرح نفس الأسئلة علي صباح الجمعة، أحالوني على الضابطة القضائية التي سألتني بدورها عن بعض المقالات السياسية التي كتبتها بالمدونة، مثل مقال تحدثت فيه عن عيد العرش ووصفته ب»عيد الإسراف والتبذير»، ومقال آخر عن «الولاء ديال بزّز»، وكذا مقال انتقدت فيه «تقبيل يد الملك»... وأرسلوني بعد ذلك إلى الحراسة النظرية بولاية أمن أكادير. وبنفس الشكل استمر معي التحقيق يوم السبت. وفي يوم الأحد أخذوني إلى بيتي لتفتيشه، فلم يعثروا سوى على حاسوب وبعض الجرائد والمجلات، صادروا منها مجلتين فقط، لتتم إحالتي على نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، مصفد اليدين، بعد أن وقعت على محضر الضابطة القضائية. - ماذا قال لك نائب وكيل الملك؟ < قرأ علي بعض الفقرات من مقال يتحدث عن الملك الراحل الحسن الثاني، وسألني لماذا أكتب بطريقة تخل بالاحترام الواجب للملك، فأجبته بأنني لم أكن أقصد الإساءة إلى شخص الملك عندما كتبت ذلك المقال، وأني كتبت ذلك جهلا مني بعواقب الأمر. بعد أقل من 4 دقائق خرجت وأخذوني إلى سجن إنزكان. وفي صباح الاثنين نقلت إلى المحكمة الابتدائية، وسألني القاضي عن رأيي في التهمة الموجهة إلي، فأجبت بنفس الجواب الذي أدليت به لنائب وكيل الملك، ثم سألني عن الدفاع فأجبته بأنني «معنديش باش نديرو». - كيف تلقيت خبر الحكم عليك بالسجن سنتين؟ < صدمت كثيرا لما سمعت منطوق الحكم علي بسنتين سجنا مع أداء غرامة مالية قدرها 5000 درهم. لم أستطع أن أتصور نفسي سجينا طيلة هذه المدة. - كيف أمضيت الأيام الخمسة بالسجن؟ < لقد أودعوني في زنزانة لا يتجاوز طولها 7 أمتار وعرضها 5 أمتار، يقبع بها 52 سجينا من سجناء الحق العام. زنزانة لا تتوفر فيها أدنى شروط النظافة، إلى درجة أنها مرتع لانتشار الأمراض الجلدية المُعدية. نزلاء تلك الزنزانة يعانون من وضع مزري وظروف صحية قاسية، تصور أن 40 سجينا منهم يدخنون في وقت واحد بعد آذان صلاة المغرب، في فضاء ضيق نتكدس فيه مثل السردين في العلب! بصراحة فإن السجن المحلي بإنزكان بالنسبة إلي هو بمثابة جحيم في الدنيا. - كيف تلقيت نبأ حملة التضامن العالمية مع قضيتك؟ < عندما أخبرني أخي وابن عمي بأن وسائل الإعلام وعدد من الهيئات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني متضامنة معي، شعرت بالأمل يعود إلي من جديد. وإذا كان من أحد يعرف بحق وسائل الإعلام وهذه الهيئات في مثل هذه الظروف فهو أنا، لأنه لولا حملة التضامن هاته لأمضيت عقوبتي السجنية دون أن يأبه بي أحد. كما أعتبر هذا التضامن أكبر منقذ لي من الجنون، لأنني لو بقيت هناك في نفس الزنزانة بضعة أيام أخرى، سأجن لا محالة. - كيف تعامل معك رفاقك في الزنزانة؟ < كانوا لُطفاء معي بعد أن تعرفوا عليّ من خلال الجرائد، وكثير منهم أبدى اهتمامه بقضيتي وأخذوا يسألونني عن عالم الإنترنيت الذي لا يعرفون عنه أي شيء. وأحد موظفي السجن سألني عن معنى كلمة «مُدوّن» التي سمعها في الأخبار. - بماذا شعرت عندما تم تمتيعك بالسراح المؤقت؟ < شعرت بسعادة لا توصف، ولو أنها سعادة مؤقتة وغير مكتملة، لأن مجرد التفكير في كوني سأعود إلى المحاكمة يوم الثلاثاء القادم (16 شتنبر) يشعرني بالخوف والقلق. - كيف تمت إجراءات طلب السراح المؤقت الذي تم تمتيعك به؟ < في صباح يوم الخميس، استدعاني مدير سجن إنزكان وطلب مني ملء طلب السراح المؤقت فقبلت. ثم التقيت بعد ذلك بالمحامي عبد اللطيف أوهمو، الذي نصبته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للدفاع عني، فطمأنني وأخبرني بأنه سيتقدم بدوره بطلب تمتيعي بالسراح المؤقت إلى محكمة الاستئناف بأكادير. وانتظرت زهاء ساعة ونصف في الزنزانة قبل أن ينقلوني إلى المحكمة ليخبرني القاضي بأن طلبي قد قبل. - هل سيؤثر هذا الحادث على أسلوبك في الكتابة مستقبلا أم إنك ستستمر عليه؟ < أنا حاليا أفكر في ترك الكتابة نهائيا. فبسبب الظروف القاسية التي أمضيتها في السجن أصبحت أخاف أن أمسك بالقلم والورقة. هذا ليس خوفا أو جبنا ولكن ظروف اعتقالي «كرهتني في الكتابة». كما أني أفضّل أن أتوقف عن الكتابة نهائيا على أن أتراجع عن الأسلوب الذي كنت أكتب به من قبل، ببساطة لأني لا أستطيع تكرار نفس التجربة. - ماذا تتوقع أن يصدر عليك من حكم في الجلسة المقبلة؟ < أتمنى أن أحصل على البراءة، وأنا لدي ثقة كبيرة في القضاء، رغم أن الحكم الابتدائي كان متسرعا وغير عادل. وأتمنى أن تعود إليّ كرامتي، لأن تهمة «الإخلال بالاحترام الواجب للملك» خطرة لكونها قد توحي بأن المتهم كاره لوطنه وملكه، وهذا لا ينطبق علي لأني مغربي وأفتخر بمغربيتي ولا أرضى أن أنتقد بلدي من الخارج، بل من الداخل كدليل على أني محب لوطني. كما أتمنى ألا تتكرر مثل هذه الحالات في المغرب مستقبلا، لأن صدور مثل هذا الحكم على مدون بسيط شيء مخيف جدا في بلد يقال عنه إنه يشهد حرية في التعبير وإبداء الرأي.