المغرب يجدد التأكيد أمام المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي على الرؤية الملكية التي تسعى من خلالها المملكة أن تكون الريادة لإفريقيا    البام بتطوان يباشر تسخينات الانتخابات المقبلة بتعزيز التنظيم الداخلي    صحيفة العرب اللندنية تتحدث عن فضيحة الجزائر وصنيعتها بوليساريو: كيف فشل النظام الجزائري في استعادة عسكريين وانفصاليين قاتلوا في صفوف الأسد    ترامب وبوتين يتفقان على بدء مفاوضات سلام "فورية" بشأن أوكرانيا    توقف مؤقت لبضع ساعات لحركة السير بين بدالي سيدي معروف وعين الشق ليلة الخميس إلى الجمعة    بعد مليلية المحتلة.. مرور أول شاحنة بضائع عبر معبر سبتة    تعيين عيسى اليحياوي وكيلا للملك لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة    إدارة حموشي تفتتح دائرة أمنية جديدة بخريبكة    المغرب يسجل عجزا في الميزانية ب3.9 مليار درهم في بداية العام    "لارام" تلغي رحلاتها من وإلى بروكسل بسبب إضراب مرتقب    الشرطة المغربية تعتقل كويتيا متورط في جرائم مالية واقتصادية    حادثة سير تقود إلى حجز كمية مهمة من الكوكايين والأقراص المهلوسة    وهبي للعدالة والتنمية: لو كنت في المعارضة لعرفت أين سأذهب بأخنوش الذي تتهمونه بتضارب المصالح    السيسي وملك الأردن يؤكدان وحدة الموقف بشأن غزة    تداولات البورصة تنتهي ب"الأخضر"    إسبانيا تمنح المغرب قرضًا بقيمة 750 مليون يورو لاقتناء 40 قطارًا    الدريوش تستقبل وفدًا برلمانيًا لمناقشة قضايا الصيد البحري بإقليم الناظور…    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي على رأس وفد وازن قريبا بالرباط و العيون    اختفاء مروان المقدم .. النيابة العامة تستمع الى شقيقه    جماعة طنجة تخصص 530 ألف درهم لتعزيز الإشعاع الثقافي والفني    النقابات الصحية تستنكر تهريب الأنظمة الأساسية من النقاش والتوافق والتعيينات بدون مساطر    «سفينة من ورق» لمحمد حمودان تسبح في طنجة    حركة "حماس" ترفض لغة التهديدات    الربيعة: المعتمرون غير مطالبين بالتلقيح.. وعلاقات المغرب والسعودية استثنائية    "التسويف وتعليق الحوار القطاعي" يغضبان نقابات تعليمية بالمغرب    مليلية تسجل حالات إصابة بالحصبة    توقيف سائق شاحنة مغربي بالجزيرة الخضراء بسبب القيادة تحت تأثير الكحول    القاهرة تحتضن قرعة بطولتي الناشئين وسيدات الفوتسال المغرب 2025    أزمة القطيع بالمغرب تتصاعد والحكومة في سباق مع الزمن قبل عيد الأضحى    سعيدة فكري تطلق جديدها "عندي أمل"    حقيقة طلاق بوسي شلبي من محمود عبد العزيز دون علمها    منخفض جوي يقترب من المغرب وتوقعات بعودة الأمطار والثلوج    المعهد الفرنسي بتطوان ينظم "ليلة الأفكار"    إبراهيم دياز يعود بقوة بعد الإصابة    مباحثات عسكرية مغربية أمريكية حول الأمن والتصدي للتهديدات الإقليمية    27 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمدن    بعد المغرب.. تفشي الحصبة "بوحمرون" في الولايات المتحدة الأمريكية    الدكتور عميريش مصطفى: التلقيح يعد الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للوقاية من داء الحصبة    نصف المتوجين بجائزة الكتاب العربي من المغاربة    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية يشيدان بدينامية التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة    سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024 – 2025    أشرف حكيمي.. ملك الأرقام القياسية في دوري أبطال أوروبا ب 56 مباراة!    كوريا الشمالية: "اقتراح ترامب السيطرة على غزة سخيف والعالم يغلي الآن مثل قدر العصيدة يسببه"    "دوزيم" الأكثر مشاهدة خلال 2024 وسهرة رأس السنة تسجل أعلى نسبة    لافتة "ساخرة" تحفز فينيسيوس في فوز ريال مدريد على سيتي    جامعة الدول العربية ترفض التهجير    بعد الانتصار المثير علي السيتي... أنشيلوتي يعتذر لنجم ريال مدريد البديل الذهبي … !    الاتحاد الدولي للملاكمة يتجه لمقاضاة اللجنة الأولمبية على خلفية مشاركة الجزائرية إيمان خليف في باريس 2024    الاتحاد الدولي لألعاب القوى يلزم العداءات ب "مسحة الخد" لإثبات أنَّهنَّ إناث    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    ‬"أونكتاد" تتفحص اقتصاد المغرب    زيارة رئيس الاتحاد العربي للتايكوندو السيد إدريس الهلالي لمقر نادي كلباء الرياضي الثقافي بالإمارات العربيةالمتحدة    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد براءته بألمانيا.. واستبعاد متابعة أمريكا له .. المزوضي يحكي ل"التجديد" تفاصيل مثيرة عن محاكمته
نشر في التجديد يوم 27 - 06 - 2005

تداول اسمه كثيرا في وسائل الإعلام الدولية بعدما اتهم بالمشاركة في تفجيرات أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية، فوجه له القضاء الألماني تهمة تقديم الدعم اللوجيستيكي لمنفذي أحداث 11 شتنبر، واعتقلته السلطات الألمانية منذ سنة 2002 ، وبعدما ثبتت براءته، اختار عبد الغني المزوضي، التوجه إلى بلده المغرب. استقبلنا عبد الغني, ببيت أسرته بمدينة مراكش، وحكى في هذا الحوار الشامل للتجديد تفاصيل رحلته من أجل الدراسة بألمانيا مرورا بالاعتقال إلى حين تمتعه بالبراءة النهائية يوم 9 يونيو 2005, كما تحدث عن أسباب اعتقاله وأطوار محاكمة وصفها بالعادلة.
استبعد عبد الغني المزوضي أن تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بتسلمه من أجل المحاكمة، قائلا لو كانت أمريكا ترغب في محاكمتي لطالبت السلطات الألمانية قبل رحيلي إلى المغرب، موضحا أنه أثناء محاكمته توصل القضاء الألماني بتقرير من الاستخبارات الأمريكية يؤكد عدم مشاركته في أحداث 11 شتنبر من سنة .2001
وبخصوص احتمال التحقيق معه بالمغرب، أكد المزوضي، المغربي الذي برأته ألمانيا من المشاركة في أحداث 11 شتنبر يوم 9 من الشهر الجاري، أن أحد المسؤولين بالسفارة المغربية بألمانيا التقاه أثناء الحكم عليه بالبراءة ابتدائيا وطمأنه عن وضعه بالمغرب، مؤكدا له عدم وجود أي مشكل ينتظره بالمغرب. كما أوضح أنه استقبل أثناء عودته إلى المغرب بمطار أكادير استقبالا جيدا وزاره رجلا أمن بمنزله بمراكش وقالا له اطمئن أنت في بلدك.
وقال المزوضي، في حوار أجرته معه "التجديد" في منزله، إن دفاعه سيقاضي السلطات الألمانية لكونها لم تسمح له بالإقامة هناك، رغم أن الجامعة سمحت له بإتمام الدراسة إضافة إلى مطالبته بالتعويضات من الصحافة الألمانية التي قال إنها كانت متحيزة ومتحاملة ضده.كما سيطالب دفاعه بحذف اسمه من قائمة الممنوعين من فتح حساب بنكي في أوروبا.
ووصف المزوضي القضاء الألماني بالنزيه والمنصف، مشددا على أن السلطات الألمانية تعاملت معه بشكل جيد.
وعن علاقته بمحمد عطا ورمزي بن الشيبة، المتهمين في أحداث 11 شتنبر، أكد المتحدث نفسه أنها لا تتعدى علاقة الزمالة الدراسية. وكشف المزوضي أنه تلقى تهديدات من دفاع ضحايا أحداث 11 شتنبر بعد أن منحه القضاء الألماني السراح المؤقت، موضحا أن دفاع الضحايا استدعى شاهدا إيرانيا ثبت بعد ذلك أنه كذاب ينتحل صفة إيراني، ومخبر يعمل لصالح الاستخبارات الإيرانية بالهند.
وفي موضوع ذي صلة، منع القضاء الألماني المغربي منير المتصدق من متابعة دراسته في ألمانيا والتي قد يتم ترحيله منها حتى ولو ثبتت براءته. واعتبرت المحكمة الإدارية في هامبورغ أن السماح للمشتبه فيه منير المتصدق الذي تعاد محاكمته في هامبورغ بتهمة الاشتراك في اعتداءات الحادي عشر من شتنبر بمعاودة دراسته في مجال الالكترونيات يمكن أن يساهم في إطالة بقائه في البلاد. وأكد مصدر مطلع أنه سيتم النطق بالحكم في قضية منير المتصدق يوم 20 من شهر غشت المقبل، وكانت المحكمة العليا الألمانية بكارلسروه قد قررت إعادة محاكمة المغربي منير المتصدق في شهر مارس الماضي، بعد أن صدر في حقه حكم بالسجن لمدة 15 سنة بعد أن أدين بتهمة الضلوع في هجمات الحادي عشر من شتنبر .2001
وكان القضاء الألماني قد أصدر الحكم على المتصدق دون الاستماع إلى المتهم اليمني رمزي بن الشيبة، الذي يعتبر حسب هيأة الدفاع، الشاهد الأساسي في القضية، وذلك بسبب رفض الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتقله في سجونها، وهو الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول أسلوب تعامل المحكمة الألمانية مع ملف المتهم المغربي، دفع حينها محامي المتصدق جيرارد سترات إلى القول بأن محاكمة موكله خالفت مساطر المحاكمة العادلة.
ما هي أول مرة تغادر فيها المغرب اتجاه الخارج؟
أول مرة غادرت فيها المغرب كانت سنة 1993 بعدما حصلت على البكالوريا سنة ,1991 إذ كنت أدرس الفزياء بالجامعة هنا بالمغرب، وبعدها راسلت جامعة ألمانية من أجل الدراسة هناك فوافقت على ذلك، فدرست بداية اللغة الألمانية ثم سنة تحضيرية من أجل معادلة البكالوريا وولجت الجامعة سنة 1995 تخصص الهندسة التطبيقية.
هل كان لك أي انتماء لأي جماعة إسلامية؟
لم يكن لدي أي انتماء لأي جماعة، ولكن كأي مسلم نشأ في بلد إسلامي، فقد كنت أؤدي الفرائض الدينية، غير أنه لما هاجرت إلى ألمانيا تشبثت أكثر بهويتي حتى أتحصن من اتباع الشهوات والشبهات، وكان كل وقتي مقسم بين الدراسة والعمل.
هل كان أول اعتقال تتعرضون له هو الاعتقال الذي له علاقة بخلية هامبورغ؟
لا، بل تم اعتقالي في قضية ما يسمى بمكتبة التوحيد وهي مكتبة كانت تبيع الكتب والأشرطة الإسلامية، إذ تم استدعائي لمركز الشرطة وقالوا لي: لقد كنت تتحدث مع أصدقائك عن شهيد، وكانت المعطيات التي قدموها خاطئة، إذا صادف يوم الاعتقال 4 شتنبر 2002 وهو يوم استقلال أمريكا، وعلمت بعدها أن الاعتقال كان سياسيا أكثر من أي شيء. وتم التحقيق معي حينها عن رواد المكتبة فأطلق سراحي.
ولكن كيف تم اعتقالك في حادث المكتبة؟
كنت أجلس مع أصدقائي الطلبة بمقصف الجامعة نتناول وجبة الفطور، فأتى عندي رجل أمن بزي مدني فقال لي: أريد أن أتكلم معك على انفراد، فعرف أصدقائي أنه من الشرطة، وظننت حينها أنه أتى دوري بعد اعتقال منير المتصدق، فطلب مني رجل الأمن أن أصاحبه إلى مركز الشرطة فاستجبت لهم، وبعد وصولنا تم التحقيق معي بعد أن طمأنتني المحامية بأن الأمر جد عادي، إذا أعطوني لائحة تضم أسماء فقلت لهم: هل هؤلاء شهود ضدي، فقالوا لي هؤلاء كونت معهم جماعة إرهابية تحت إشراف محمد عطا وكنتم تعقدون لقاءاتكم بمكتبة التوحيد، وكان كل ذلك غير صحيح في الحقيقة.
متى كان أول لقاء لك بالشرطة الألمانية؟
بعد أحداث 11 شتنبر 2001 بأربعة أيام أي يوم 14 شتنبر قامت الشرطة الألمانية بتفتيش شقتي ولم تجد فيه أي شيء، وقامت باستدعاء صديقي عبد الرزاق كشاهد ضدي في اليوم الموالي فرافقته للشرطة، رغم أنه لم يتم استدعائي، استغربت الشرطة لمجيئي، فأجبتهم أنني أتيت لأوضح رأيي فحققوا معي حوالي ثماني ساعات، سألوني فيها عن منير المتصدق وعن محمد عطا، وعما إذا كانوا ينتمون لجماعات متطرفة، فأجبتهم بما أعرف كما لم أنكر معرفتي بهم.
ما هي علاقتك بمحمد عطا ومنير المتصدق؟
كما فسرت دائما التقيت بمحمد عطا (مواطن مصري، متهم رقم واحد في تفجيرات 11 شتنبر حسب التقارير الأمريكية) بالمكتبة بجامعة هامبورغ، وتعرفنا على بعضنا البعض كعرب يوجدون في بلد المهجر، أما منير فهو أولا ابن بلدي وزميل لي وابن مدينتي، وتعرفت عليه بمدينة ويستر وانتقلنا نحن الاثنين لأجل الدراسة بهامبورغ.
منذ تحقيق أحداث 11 شتنبر إلى التحقيق المتعلق بالمكتبة ألم يتم استدعاؤك؟
تم استدعائي مرة واحدة، فأخذوا بصماتي والتقطوا لي صورا، كما طرحوا علي بعض الأسئلة العادية.
وماذا عن الاعتقال الذي جاء بعد اعتقال مكتبة التوحيد؟
ثاني مرة اعتقلت فيه كان يوم 9 أكتوبر من سنة ,2002 إذ كنت عند أحد أصدقائي، فأتى رجال الأمن وقدموا لي مذكرة الاعتقال، ولما أخذوني إلى مركز الشرطة قضيت ليلة هناك فتم إحضاري صباحا إلى المحكمة الفيدرالية العليا بمدينة كورسل وول.
ما هي التهم التي وجهت إليك؟
وجهوا لي ثلاث تهم الأولى تتعلق بتقديم الدعم اللوجيستيكي لمنفذي أحداث 11 شتنبر، والثانية هي تهييء مكان لاختباء رمزي بن الشيبة (يمني متهم في أحداث 11 شتنبر) والثالثة اتهامي بالذهاب إلى أفغانستان. والحقيقة أن التهمة الأولى تم توجيهها بناء على سحب زكرياء الصبار (مغربي متهم في أحداث 11 شتنبر) من حسابي البنكي مبلغا مالي (1000 مارك ألماني) أي ما يعادل خمسة آلاف درهم مغربي، بعدما اقترضتها منه، واعتبروا سحب زكرياء المبلغ دون ذكر السبب دعما له، واتهموني بأنني ساعدته على أن يدرس في مدرسة الطيران. أما توفير مكان لاختباء رمزي بن الشيبة فهو أمر مضحك، إذ إن المكان الذي بات فيه رمزي هو حي جامعي خاص بالطلبة، فلو كنت أريد توفير مكان لرمزي لوفرت له المبيت في مكان آخر وليس في الحي الجامعي.
كيف كانت مراحل المحاكمة؟
في يو م10 أكتوبر من سنة 2002 استمعت لي قاضية التحقيق، ونصحني المحامي بأن لا أرد على التهم وأترك المجال للقضاء كي يقوم بتحرياته، وأصبر على السجن، فامتثلت لأمر الدفاع، وطلبت مني قاضية التحقيق حينها بأن أتصل بعائلتي بمراكش لأخبرهم بأمر اعتقالي ففعلت.
لماذا لم تتصل بالسفارة المغربية؟
كانت اللحظة حرجة، فالقاضية طلبت مني الاتصال بعائلتي ففعلت، ولم أستطع أن أطلب أي شيء منهم، إضافة إلى أن الخبر أذيع بسرعة كبيرة إذا سمعت الخبر في المذياع قبل أن أصل إلى مركز الشرطة.
ماذا بعد الاستماع إليك من قبل قاضية التحقيق؟
أخذوني إلى السجن بمدينة كالسولد وبقيت هناك لمدة شهر في زنزانة انفرادية، والفسحة لمدة ساعة في اليوم، وممنوع من الكلام مع أي أحد وأخضع للتفتيش الدقيق يوميا عند خروجي للفسحة، وعند العودة إلى الزنزانة، وبعد شهر تم ترحيلي إلى سجن قريب من مدينة هامبورغ بناء على طلب محاميتي من أجل أن تزورني كل أسبوع، ولو أن زيارة المحامية كانت تمر في ظروف جد صعبة، إذ إن المتهم بقانون الإرهاب لا يجلس مباشرة إلى دفاعه، بل يكون التواصل بينهما عبر مكبر الصوت ويكون حاجزين واحد من زجاج وآخر من حديد.
وبعد ترحيلي إلى مدينة قريبة من مدينة هانوفر مكثت هناك خمسة أشهر فتم وضعي في جناح يضم متهمين بالقتل، غير أن هؤلاء كانوا يعاملونني جيدا وكانوا كلهم يقولون لي أنت ستمتع بالبراءة لا محالة. وبعدها انتقلت إلى سجن بهامبورغ في منتصف شهر فبراير من سنة 2003 .
بعدما تم التحقيق معك من قبل قاضية التحقيق، في أول محاكمة لك في شهر غشت من سنة ,2003 هل يمكن أن تصف لنا أطوار المحاكمة؟
قبل أن تبدأ محاكمتي في شهر غشت من سنة 2003 استدعني القاضي وعرفني بنفسه، وأخبرني أن المحاكمة ستبدأ يوم 14 غشت من سنة ,2003 وبعدها أتت عندي المحامية، فشرحت لي كل إجراءات المحاكمة وطقوسها بتفصيل، وأخبرتني بأن الصحافة ستحضر، ولما أتى يوم المحاكمة عرفت بداية بنفسي ثم بدأت النيابة العامة تتلو التهم الموجهةإلي، وهي التهم نفسها تقديم الدعم لجماعة إرهابية والذهاب لأفغانستان وتوفير مكان لاختباء رمزي بن الشيبة. وبخصوص الذهاب لأفغانستان كانت النيابة العامة نفسها تقول إن الذهاب لأفغانستان ليس جريمة أو تهمة، ولكن ما يهمنا نحن هو توقيت الذهاب.وبعد ذلك جاء دور الشهود وعددهم 36 شاهدا .
هل أنت من طالب بحضور الشهود أم المحكمة؟ وكيف كانت شهاداتهم هل معك أم ضدك؟
المحكمة هي من قام باستدعاء الشهود، وبعض الشهود طلب دفاعي حضورهم فاستجابت له المحكمة، ولكن والحمد لله، كل الشهادات كانت لصالحي باستثناء شهادة واحدة وكانت لألماني كان يسكن بجواري غير أن شهادته لم تكن ذات تأثير، لأنه قال للمحكمة هذا رجل طيب وجيد، ولكنه متشدد ومتطرف ولما سألته المحكمة عن معنى التطرف كان جوابه: إنه يذهب للمسجد يوميا ويصوم في رمضان.
هل كان ضمن الشهود مغاربة؟
نعم كان سبعة مغاربة وبعض العرب وألمانيين.
ما هي الشهادة التي خلفت أثرا في نفسك؟
ما آثر في نفسي هي شهادة رجل ألماني مسن كنت أستأجر منه الشقة، فقد قال للمحكمة لم أر أحسن منه في المعاملة في حياتي، فنظر إلي نظرات شفقة ورحمة وبعد مغادرته القاعة أغمي عليه من شدة التأثر، ثم استدعت المحكمة سيارة الإسعاف فحملوه من أجل تلقي العلاج.
هل لنا أن نعرف بعض الأمور الغريبة في محاكمتك؟
من بين الأمور التي أضحكتني بالمحكمة هي قولهم: إننا كنا ننشد الأناشيد الإسلامية بإحدى الأعراس، وقالوا لقد كانوا ينشدون أناشيد لعبد الله بن مبارك (وهو عالم رحمه الله) غير أن النيابة العامة كانت تقول إن عبد الله بن المبارك من المحتلين (يقصدون الفتوحات الإسلامية).
هل كنت تستقبل الزوار بالسجن؟
نعم كان يزورني بعض الطلبة، ومرة زارني خالي المقيم بهولندا، ودائما كان يحضر الزيارة رجلا أمن ومترجم.
هل كانت الزيارة مباشرة؟
نعم كانت مباشرة، ولكن كانوا يمنعوننا من العناق، وكانوا يقولون عليكم بالسلام الأوروبي فقط، غير أنهم سمحوا لصديقي عبد الرزاق بالسلام علي ومعانقتي في مناسبة العيد.
كيف تم منحك السراح المؤقت وكيف تلقيته؟
قبل أن تبدأ المحاكمة صرح رئيس حماية الدستور الألماني لوسائل الإعلام أن التخطيط لأحداث 11 شتنبر لم يكن في ألمانيا، بل كان في أفغانستان، وقال إن ألمانيا لا توجد بها جماعة متطرفة، وأضاف أنه قد يكون أشخاص إسلاميون لكن لم يؤسسوا أي جماعة.
وبعد ذلك، كان بيان لوزير الداخلية في شهر دجنبر وتمت تلاوته بالمحكمة وجاء فيه أنه تم التحقيق مع أحد المتهمين في أحداث 11 شتنبر (يقصدون رمزي بن الشيبة) وقالوا إن الخلية تتكون من محمد وزياد ومروان ورمزي بن الشيبة وأن منير المتصدق وعبد الغني المزوضي لا علاقة لهما بهذه الخلية، ولما تمت تلاوة بيان وزير الداخلية الألماني طالب دفاعي منحي السراح المؤقت، فأصدر القاضي حكمه بمنحي السراح المؤقت، فأثار القرار غضب النيابة العامة.
لقد تلقيت قرار السراح المؤقت بفرح كبير ولقد علمت أنه سيأتي يوم يظهر فيه أني بريء، و لما منحت السراح المؤقت استقبلني أصدقائي الطلبة، ولما خرجت للمسجد من أجل الصلاة هنأني المصلون، كما أن بعض الشباب المغاربة قدموا من مدينة أخرى يبحثون عني من أجل تقديم التهاني، رغم أنني لا أعرفهم.
طبعا استمرت المحاكمة بعد منحك السراح المؤقت، هل كنت تواظب على جلسات المحاكمة؟
بعد السراح المؤقت كنت أواظب على حضور الجلسة أسبوعيا، ولما اقترب النطق بالحكم استدعت المحكمة أحد الشهود، وهو إيراني بناء على طلب الادعاء الفرعي (المطالب بالحقوق لضحايا أحداث 11 شتنبر)، وصرح الشاهد أنه سبق أن شاهدني في إيران، وهذا كذب، غير أن المحكمة قامت بتحرياتها بتعاون مع الاستخبارات الإيرانية فتبين بعد ذلك أن الشاهد انتحل صفة إيراني يعمل لصالح الاستخبارات الإيرانية بالهند.
وتبين بعد ذلك أن هذا الادعاء الفرعي هو من طالب بهذا الشاهد الإيراني، إضافة إلى سعيه الدائم من أجل تأجيل جلسة النطق بالحكم، وبعد أن منحت السراح المؤقت هددني محامي ضحايا أحداث 11 شتنبر بالقول إذا برأتك ألمانيا فسنتبعك في العالم بأسره ولم أرد عليه فأخبرني دفاعي بعد ذلك أن ذلك المحامي كان يحاول استفزازي.
النيابة العامة كانت تطالب بسجنك 15 سنة والقضاء نطق بالبراءة يوم 4 فبراير، هل كانت مؤشرات تدل على منحك البراءة؟
أول مؤشر على براءتي هو منحي السراح المؤقت، وثانيا كان يطالب الادعاء الفرعي بحضور رمزي بن الشيبة كشاهد في القضية وحضور وزير الداخلية، فرفضت المحكمة ذلك، وبعد النطق بالبراءة يوم 4 فبراير من سنة ,2005 استأنفت النيابة العامة بألمانيا الحكم، وبعد استئناف الحكم حكمت المحكمة نهائيا ببراءتي يوم 9 يونيو .2005
بعد منحك السراح المؤقت هل عدت للدراسة بالجامعة؟
لقد رفعت دعوى ضد الجامعة من أجل استئناف الدراسة فحكمت المحكمة لصالحي، فالتحقت بالجامعة فأديت رسوم التسجيل والوثائق، غير أنني فوجئت بالسلطات تمنحني شهادة الإقامة وتكتب عليها العمل والدراسة ممنوعة، فرفعت دعوى ضد السلطات الألمانية بخصوص الإقامة، فحكمت المحكمة بمغادرة ألمانيا مجرد انتهاء محاكمتي، وبعد الحكم النهائي ببراءتي منحتني السلطات الألمانية مدة أسبوعين من أجل مغادرة ألمانيا، وصرح حينها وزير الداخلية الألماني أنه علي مغادرة ألمانيا إما طوعا أو كرها.
ألم تطلب اللجوء السياسي هناك؟
لا لم أفكر في هذا الأمر فأنا ليس لدي مشكل بالمغرب، ففضلت العودة إلى بلدي وعائلتي رغم أن أحد المحامين حذرني من العودة إلى المغرب وقال لي: إنه إذا ذهبت هناك قد تتعرض للاعتقال.
هل عانيت من معاملة سيئة أثناء اعتقالك أو في السجن؟
من باب الإنصاف فالقضاء الألماني منصف ونزيه، فقد عاملتني السلطات الألمانية معاملة جيدة لدرجة أنه لما تم اعتقالي أول مرة، قال لي رجال الأمن المرافقين لي إذا كانت تضايقك رائحة التدخين نكف عنه، كما أن المحققين لما يشرعوا في التحقيق معي كانوا يقولون لي: إذا أتى وقت الصلاة أخبرنا لنتوقف عن التحقيق، وكنت أصلي فكانوا يكتبون ذلك في التقرير، أي منحناه عشر دقائق من أجل الصلاة. أما طريقة الاعتقال فكانت عادية يضعون القيد في يدي ومرة واحدة وضعوه في رجلي، غير أنه مرة لما دخلت للسجن أجروا لي فحصا طبيا فشكوا أني مصاب بالسل، فحملوني إلى سجن يتوفر على مستشفى أكثر تجهيزا، فلما رافقني رجال الأمن إلى المستشفى أصبحوا يرافقوني وشهروا أسلحتهم وكأنني سأهرب وكان المشهد شبيه بفيلم بوليسي. كما أن بعض نزلاء السجن الألمانيين كانوا يوجهون لي احيانا بعض كلمات السب مثلا يقول لي بعضهم: ابن لادن وآخر الآن ستنفجر قنبلة ولكن عموما هذه كانت حالات شاذة.
كيف تعاملت معكم وسائل الإعلام الألمانية؟
أغلب الصحف الألمانية كانت متحيزة ومتحاملة ضدي، وكانت تصدر أحكاما قبل القضاء، وقد رفعت دعوى قضائية ضد جريدة تسمى أول شتاين بعد أن كتبت عني قتال بدم بارد، والحمد لله فقد أنصفني القضاء إذ منحتها المحكمة إنذارا بأن لا تكرر مثل ذلك العمل، كما أن صحفا أخرى كانت دائما تضع صورتي، وأنا أضحك إلى جانب صورة منير وبجانبنا صور ضحايا لأحداث 11 شتنبر. وقد رفع المحامي المكلف بالصحافة دعوى ضد صحيفة أول شتاين من أجل التعويضات، وما يزال القضاء لم يبت فيها.
كيف تلقيت خبر أحداث 16 ماي؟
الأمر كان محزنا جدا وتأسفت كثيرا، فهذه الأحداث أدخلت المغرب في متاهات هو في غنى عنها.
هل أنت التي اخترت محاميك؟
نعم أنا الذي اخترت محاميتي غول بينار، وهي محامية ألمانية تركية الأصل وكذلك دفاعي روزنتال ميكائيل وثلاث محامين آخرين كل حسب تخصصه، وبعد حصولي على البراءة أخذوا تعويضاتهم من الدولة، وكانوا دائما يقولون لي نحن: سنصبح أغنياء من قضيتك كما أننا سنصبح مشهورين.
لماذ اختار دفاعك مرافقتك إلى هل كان خائف على اعتقالك؟
لا أبدا، فدفاعي روزنتال ميكائيل سبق أن زار مدينة مراكش من قبل، ولما أردت العودة إلى المغرب طلبت مني عائلتي أن أدعوه للإقامة عندنا.
كيف تمت معاملتك لما عدت للمغرب؟
التقيت أحد رجال السلطة بمطار أكادير (الثلاثاء الماضي) فقال لي: مرحبا بك في بلدك، كما أنه أثناء وصولنا للمطار كانت الإجراءات عادية، ولم ننتظر كثيرا، وبعدما أتيت للبيت هنا بالمغرب أتى عندي رجلا أمن بزي مدني وقالا لي اطمئن أنت آمن في بلدك.
ألم تتوقع أن يتم التحقيق معك بالمغرب؟
لا مشكلة لدي مع المغرب، كما أنه بعد الحكم علي بالبراءة ابتدائيا زارني أحد المسؤولين بالسفارة المغربية، فقال لي ينبغي أن تصبر إلى حين النطق بالبراءة نهائيا، وبعد أن أردت الرحيل من ألمانيا اتصلت بالمسؤول المذكور لأخبره بمغادرتي لألمانيا، فهنأني وقال لي: ليس هناك أي مشكل يتعلق بك بالمغرب.
بعد الحكم عليك بالبراءة هل ستقاضي ألمانيا؟
أخبرني دفاعي أنه سيقاضي السلطات الألمانية، كما سيطالب بحذف اسمي من قائمة الممنوعين من فتح حساب بنكي في أوروبا، وقد راسل المستشار الألماني في الموضوع.
ألا تتوقع أن تطالب أمريكا بمحاكمتك من جديد؟
أستبعد ذلك، فلو كانت تريد محاكمتي لطالبت ألمانيا بتسليمي، كما أنه أثناء محاكمتي توصل القضاء الألماني بتقرير من الاستخبارات الأمريكية (أف بي أي) تفيد أنه لا علاقة لي بأحداث 11 شتنبر.
في ماذا يفكر عبد الغني المزوضي حاليا بعد رحيله لبلده؟
ما أفكر فيه حاليا هو أن أرتاح مع أسرتي، كما أنه بقي لي عن إنهاء دراستي بألمانيا سنة قبل اعتقالي وكنت حينها سأحصل على شهادة مهندس في الكهرباء التطبيقية، وأخبرني دفاعي أنه يمكن أن أتابع الدراسة عبر المراسلة مادام من حقي متابعة الدراسة بالجامعة بألمانيا.
حاورته: خديجة عليموسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.