لم يكن المدعو (ع) يظن في يوم من الأيام أنه سيقع بسرعة في قبضة العدالة، بل لم يكن ربما في باله أن التي ستوقع به ستكون امرأة، فقبل أسبوعين نظرت الغرفة الجنحية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالجديدة في قضية جنحية يتابع فيها المدعو (ع) بعد أن كانت المحكمة الابتدائية بالجديدة قد أصدرت في حقه حكما بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5000 درهم بعد متابعته في حالة اعتقال بتهمة النصب والاحتيال عن طريق إبرام عقود عرفية وهمية مع ضحاياه. وكان وكيل الملك قد أصدر تعليماته بفتح تحقيق في شكاية مرجعية تقدمت بها سيدة تدعى (ح) حول قضية تتهم فيها (ع) بالنصب عليها بعد أن وقعت معه عقدا يتضمن وعدا ببيع شقة توجد بأحد المركبات السكنية بمنطقة السعادة بطريق سيدي بوزيد وسلمته مبلغ البيع المتفق عليه كاملا. وبعد الاستماع إلى كل من المشتكية والمشتكى به تبين للضابطة القضائية أثناء التحقيق التمهيدي أن المعني بالأمر أسس شركة تجارية متخصصة في بيع وشراء العقارات بالجديدة، بعد أن أمضى قرابة أربع سنوات يشتغل وسيطا عقاريا (سمسار) لدى بعض المستثمرين العقاريين المعروفين بالمدينة، وكان أثناء تلك الفترة يتفق مع أصحاب المركبات السكنية والعمارات، الذين يتكلف بالوساطة لهم قصد بيع الشقق بها، حيث يتفق معهم على أن يخصصوا له شققا أو بقعا أرضية بهذه المشاريع السكنية أو القطع الأرضية على أن يمنح للمستثمرين شيكات على سبيل الضمان، بينما يشرع في بيع العقارات لأشخاص آخرين على أساس أنها ملكا له ويقوم بإطلاع الزبناء على العقار (شقة أو أرض...) وعلى مواصفاته ويحدد معه ثمن البيع، وعند التراضي حول ثمن البيع النهائي يطلب من المشتري مبلغا ماليا كتسبيق أولي، وكان يقوم بتحرير عقود الوعد بالبيع بشكل قانوني وكأنه بالفعل هو المالك الحقيقي للعقار وأنه مسجل باسمه. وكان المعني بالأمر قد أبرم عقودا من هذا النوع مع أشخاص معروفين بمدينة الجديدة، مستغلا في ذلك علاقاته الواسعة، وقام بحل بعضها وديا بعد أن تأكد بأن هؤلاء ليسوا بالصيد السهل وقام بإرجاع المبالغ التي تسلمها منهم بالتقسيط. وكان المدعو (ع) يوهم زبناءه بكونه مستثمرا كبيرا، إذ كان يركب السيارات الفارهة، كما يعد زبناءه بتسوية صفقات البيع التي يبرمها بعد عودته من السفر إلى الخارج. وكانت المبالغ المالية التي يتسلمها من زبنائه كتسبيق تتراوح بين 100 ألف درهم و200 ألف درهم. وفي حالة المشتكية (ح)، التي أوقعت بالمدعو (ع)، فقد تسلم منها مبلغا ماليا قدره 230 ألف درهم عن شقة مساحتها 71 مترا مربعا تسلمه بالكامل، وحرر معها العقود بالبيع في انتظار أن يستخرج صاحب المركب السكني الحقيقي الرسوم العقارية الفرعية للشقق لاستكمال عمليات البيع، لكنها فوجئت بأنها لم تبرم العقد مع المالك الأصلي للشقق بعد أن أحالها على الشركة المالكة للمشروع لإتمام عملية البيع، وتبين بعد ذلك أن العملية فيها نصب بعد أن اتضح أن المعني بالأمر لا يتوفر على أي وثيقة تثبت أن الشقق التي يبيعها توجد باسمه، وأن المبلغ الحقيقي للشقة أقل من المبلغ الذي سلمته له. وبعد تقديم المعنية بالأمر شكايتها ظهر أشخاص آخرون ضحايا أوقع بهم المعني بالأمر بنفس الطريقة، وظل يماطلهم شهورا عديدة بعد أن تسلم منهم مبالغ مالية مهمة كان يقوم بترويجها في شراء عقارات أخرى وعمليات تجارية أخرى.