تراجع المخزون السمكي المغربي بشكل كبير خلال السبعة أشهر الماضية، حيث تشير إحصائيات وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى أن الإنتاج الوطني من الأسماك لم يتعد 420 ألف طن أي بانخفاض فاق 32 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من العام 2010، ويعزى سبب هذا التراجع حسب بلاغ الوزارة الذي نشر أول أمس الثلاثاء، إلى الضغط القوي على المنتجات البحرية منذ عدة أسابيع، والناتج عن تزايد الطلب وانخفاض نسبي للعرض بالنسبة لعدد من الأنواع . وإذا كانت ندرة العرض قد أشعلت أسعار السمك في أسواق التقسيط بالمغرب، حيث يتراوح سعر السردين بمدينة الدارالبيضاء ما بين 20 درهما و30 درهما، إلا أن الأسعار في المغرب لا ترتبط بقانون العرض والطلب لوحده، بل بتواجد عدة مسببات، حسب رأي مهنيي القطاع، حيث فسر عبد الرحمان بوسري، نائب رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، الأمر بتداخل عدة إشكاليات ولعل أهمها أن الوزارة الوصية لم تف بوعودها أمام البحارة، خصوصا ما يتعلق بمكتب البحث العلمي الخاص بالصيد البحري والذي يقوم بدراسة قبلية حول أماكن تواجد الأسماك وخصوصا «السردين» و«الأنشوبا» ليتم إرشاد البحارة إليها، «لكننا لا حظنا كمهنيين أن الدراسة كانت مغلوطة حيث يتم توجيهنا إلى أماكن تصل درجة حرارة المياه بها إلى 25 درجة في حين أن أسماك السردين تفضل المياه التي تقل حرارتها عن 20، وبلغنا هذه الملاحظات لمندوبيات الوزارة الوصية، إلا أن لا شيء تغير» يضيف بوسري. وأوضح عبد الرحمان بوسري في اتصال مع «المساء»، أن سمك السردين الذي كان يسمى فيما قبل ب«سمك الفقراء» أصبح غير موجود بمدينة أكادير، «بل إن الناس يريدون شراءه بثمن قد يصل إلى 70 درهما ولكنهم لا يعثرون عليه في الأسواق»، مضيفا أن الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة المغربية مع الأساطيل الأجنبية، تكون لها انعكاسات وخيمة على الثورة السمكية المغربية، بحيث تستحوذ هذه الأساطيل الضخمة على أهم المصايد الساحلية ومنها المصايد في أعالي البحار، والتي تكون في الغالب مجهزة بأحدث التقنيات الخاصة التي يكون هدفها الأساسي حصد كل ما جاء في طريقها وبالتالي الحيلولة دون تسلل الأسماك نحو الشواطئ الساحلية المغربية، بل حتى الدولة لا تستفيد من المستحقات الضريبية القانونية، إذ تلزم الاتفاقيات بأن تفرغ جزءا من إنتاجها بالموانئ المغربية، في حين أن تلك الأساطيل تقوم بتصدير السمك في عرض مياه البحر، ليخلص بوسري في الأخير إلى أن «المراقبة منعدمة في هذا المجال ». وفي تعليقه على الإحصائيات الأخيرة للمكتب الوطني للصيد، أشار نوح الهرموزي، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في اتصال مع «المساء»، إلى أن تراجع إنتاج الصيد الساحلي والتقليدي خلال هذه السنة بناقص 37 في المائة فيما يخص الوزن وناقص 22 في المائة من حيث القيمة إذ لم يتعد المدخول 848 ألف درهم مقابل مليون و86 ألف درهم في 2010، ينعكس أوتوماتيكيا على الأسعار بالتقسيط، حيث ينضاف إلى قلة العرض عامل آخر يتمثل في المضاربات مما يجعل الأسعار ترتفع بطريقة مصطنعة، كما لاحظ الهرموزي أن نسبة الأسماك الموجهة للتجميد قد عرفت زيادة بنسبة 14 في المائة خلال هذه السنة، وهو ما يحيل على أن التوجه إلى خزن السلع يراد منه الضغط على الأسعار لترتفع، وبالتالي يجب على المسؤولين طرح السؤال: «لماذا هذا الانخفاض المهول في المنتوج السمكي المغربي خلال 2011؟ خصوصا وأن الظروف المناخية كانت مواتية، يضيف الهرموزي.