اجتازت «رقية»، البالغة من العمر حوالي 42 سنة، رفقة زوجها، أول أمس السبت، يوم وجع «تاريخيا» سيصعب على مر السنون أن يمحى من ذاكرتهما. فقد «أجبر» الإهمال هذه السيدة على وضع مولودتها في «الشارع العام» على الساعة العاشرة والنصف من صباح أول أمس السبت بالقرب من المستشفى الإقليمي لوزارة الصحة في فاس، فيما أشرفت رفيقة لها على عملية قطع حبل السرة للمولودة، وسط احتجاجات تلقائية لمواطنين عاينوا «المشهد» وتبرموا من «مَشاهِد» أخرى قالوا إن عنوانها الأكبر هو «الاستخفاف» بالمرضى الذين يقصدون أحد أكبر مستشفيات الجهة، والذي تحتضن بنايته مقر كل من المندوبيتين الإقليمية والجهوية لوزارة الصحة، وهما المندوبيتان اللتان يشرف على تدبير شؤونهما مسؤولون ينتمون إلى حزب الاستقلال، الحزب نفسه الذي تنتمي إليه وزيرة الصحة، ياسمينة بادو. وكانت «رقية»،التي تقطن ب«دوار البورصي»، وهو دوار صفيحي حديث الإلحاق بالمجال الحضري لفاس، قد أحست بوجع الولادة في وقت مبكر من صباح أول أمس السبت، مما اضطر عائلتها إلى مرافقتها إلى دار للولادة في جماعة «أولاد الطيب»، القروية، لكن هذا المركز رفض استقبالها بمبرر أن ارتفاع ضغطها الدموي يستلزم نقلها إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني. وانتقلت عائلتها إلى هذا المركز، لكن تأخر النظر في حالتها دفع زوجها إلى مرافقتها إلى المستشفى الإقليمي. وفي مركز الولادة في هذا المستشفى أُخبِرت العائلة أن الوقت المحدد للولادة لم يحن بعد وطلب الأطباء من الأسرة إخراجها من الفضاء، وما إن خطت خطواتها الأولى خارج البناية حتى أحست بوجع حاد وأعيد إدخالها إلى المركز، لكن الأطباء أخبروا العائلة، من جديد، أن يغادروا، لأن فحص السيدة «أثبت» أن وقت الولادة لم يصل بعدُ. وما إن غادرت هذا المركز هذه المرة حتى أجبرت على «الجلوس» في الفضاء العام لوضع مولودتها. هذا وقع المشهد أمام العشرات من المواطنين الذين نظّموا احتجاجات تلقائية لإدانة الإهمال داخل المستشفيات العمومية. وقد اضطر المسؤول الإقليمي لوزارة الصحة إلى الاستعانة بمستشار اتحادي سابق (الحسين علا) لإقناع العائلة بجدوى إدخالها إلى المركز ل«الاعتناء» بوضعها الصحي. وقال هذا المستشار الاتحادي السابق ل«المساء» إنه عاين حالات من الإهمال في مركز الولادة داخل المستشفى الإقليمي، مضيفا أن عددا من الشهود الذين عاينوا الحادث قد وضعوا أنفسهم رهن إشارة هذه العائلة إذا ما قررت رفع دعوى قضائية ضد مسؤولي هذا المستشفى الذي تُجمع كل الشهادات على أنه يعاني من «الإهمال» بعدما أحدث المستشفى الجامعي في فاس، في وقت كان من الممكن أن يكون متنفسا مُهمّاً للمستشفى الجامعي، الذي يعاني من ضغط كبير.