- ماهي قراءتكم للحكم الصادر في حق محمد الراجي؟ < الحكم بمثابة صاعقة تلقاها جميع المدافعين عن حرية الرأي والتعبير بأسى بالغ لاعتبارين: الأول هو أن المغرب أعلن بصفة رسمية عن مد يد الرقابة لتشمل النشر الإلكتروني. «الراجي» هو أول مدون مغربي ينال عقوبته حبسية بالنظر إلى نشره المقال موضوع الملف. لم يعد إعمال مقتضيات الفصل 41 في مواجهة الصحافيين يشمل الصحافة المكتوبة بل امتد الآن إلى التدوين والصحافة الإلكترونية. أعتقد أنه قد تم تغييب جميع ضمانات المحاكمة العادية، لأن الأمر لا يتعلق بجريمة من الجرائم المعتادة وإنما يتعلق بقضية تهم حرية الرأي والتعبير وكون البحث تم باستعجال وفي ظروف أحاطتها السرية التامة حسب تصريحات العائلة التي لم تبلغ قط باعتقال ابنها وتوجيه التهمة له إلا يوم المحاكمة التي شابتها مجموعة من الخروقات أبطلت أية مصداقية للحكم وجردته من أية مشروعية، بسبب تغييب هيئة الدفاع وعدم تمكينه من ربط الاتصال بمحاميه. السبب في نظري يعود إلى الضغط النفسي الذي مورس عليه أثناء البحث التمهيدي لمدة طويلة تجاوزت 8 ساعات. صدر هذا الحكم في غفلة عن الرأي العام وكل من تلقاه أصيب بهول الصدمة بالنظر إلى قساوته وبالنظر إلى كون القضاء قد توسع في تفسير المادة الصحفية موضوع الحكم. - ماهي الحدود التي يتم بها تأويل الفصل 41 من قانون الصحافة؟ < يتعامل القضاء بصرامة في تطبيق مقتضيات الفصل 41 أكثر من حالات الجرائم الأخرى. الأحكام الصادرة في حق الصحافيين تشوبها الشكوك وهي في ظاهرها أحكام جاهزة. القاضي المستقل هو الذي يحكم نظره وقناعته الوجدانية أثناء معالجة قضية من هذا النوع وفي تحليل المقال الصحفي ودون الخضوع لتوجه من النيابة العامة التي اعتادت تحرير متابعات بشكل صارم وتلقائي. - كيف مست هاته المحاكمة صورة حرية الرأي والتعبير بالمغرب؟ < للأسف، الحكم يعيد المغرب إلى ماضيه سواء بالعقوبة أو بظروف المحاكمة. يمتلك المدونون الجدد الباحثون عن الحقيقة وسائل تجعلهم قادرين على التأثير القوي في الرأي العام عبر شبكة الأنترنيت التي لا تحدها حدود ولا تمعنها عوائق الرقابة. المرحلة التي دشنها الراجي شبيهة بما يقع في مصر من اعتقال للمدونين. تقارير المنظمات الحقوقية حول حرية الرأي بالمغرب كشفت عن إشكالية خطيرة بدأتها مؤخرا الغرامات الثقيلة في حق عدد من الصحف وهي أحكام لا تتماشى مع توجهات الملك الذي يسعى إلى توسيع نطاق الحرية وإشراك مكونات المجتمع المغربي في اتخاذ القرارات. في اعتقادي لن يرضى الملك بصدور هذا الحكم لأنه ملك ولد في صلب الحداثة ومؤمن بقيم الانفتاح. *محامي بهيئة الرباط ومكون في الحماية القانونية للصحافيين