في هذا الحوار، يتحدث محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، عن إيجابيات زيادة ساعة في توقيت المملكة، وعن أسباب تأخير إخراج هيئة محاربة الرشوة، ومشروع الوزارة لمراجعة الأجور. ويؤكد، بصفته قياديا في حزب التجمع الوطني للأحرار، أن عزيز أخنوش ورشيد الطالبي العلمي عادا إلى النشاط في صفوف الحزب بقوة. - حذفت الحكومة الساعة الإضافية من التوقيت قبل أن تستكمل المدة التي حددها المرسوم الذي أقر إضافتها، كيف وقع ذلك؟ < المرسوم، الصادر في 22 ماي 2008، حدد بداية تطبيق زيادة الساعة في التوقيت المغربي من فاتح يونيو إلى 27 شتنبر، ولكن مباشرة بعد العطلة الصيفية القصيرة بدأ نقاش بين عدة قطاعات وجرت مشاورات حول مبررات استمرار الساعة الإضافية في رمضان، واستقر رأي الجميع على أن الهدف من زيادة ساعة كان هو جعل المواطنين ينامون باكرا ويستيقظون باكرا لكي نربح ساعة من أجل اقتصاد الطاقة وقد تبين أن طقوس رمضان مختلفة، حيث إننا مرتبطون بصلاة التراويح وصلاة الفجر، إذن الفائدة من إضافة ساعة لن يكون لها مفعول في هذا الشهر المبارك، وهكذا تم الرجوع إلى توقيت غرينيتش، مراعاة لشهر رمضان وللدخول المدرسي كذلك. - هل هناك تقييم أولي للأثر الذي خلفته زيادة ساعة في التوقيت؟ < يمكن القول إننا نتوفر على معطيات إيجابية، فالهدف كان طاقيا بالدرجة الأولى، ولاحظنا أن زيادة ساعة قللت من تكرار انقطاع الطاقة في عدد من المناطق خاصة في ساعات الذروة، خاصة أنه في فصل الصيف يكثر استهلاك الطاقة، ورغم ذلك وقعت انقطاعات قليلة في الإنارة العمومية في بعض المناطق. وأعتقد أن وزارة الطاقة والمسؤولين في المكتب الوطني للكهرباء هم الذين سيقدمون المعطيات المدققة في هذا الشأن، ولكن المعطيات تشير إلى أن زيادة ساعة في التوقيت توفر طاقة تعادل ما يمكن أن تتطلبه مدينة متوسطة في المغرب. وهناك أيضا الجانب الاقتصادي الذي أتاح تقليص الفارق الزمني مع الشريك الأوربي، والدول العربية ودول الخليج، حيث أضيفت ساعة في المعاملات، وستعمل الحكومة على خلق لجنة مختلطة على مستوى الحكومة لتقييم النتائج. وفي نهاية هذا العام ستتضح الرؤية بخصوص التوقيت، حيث سيتم الاختيار بين اعتماد زيادة ساعة طيلة السنة، أو الإبقاء على التوقيت العادي، أو الإبقاء على الزيادة في الصيف فقط. - بخصوص الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة، لاحظنا أنه وقع تأخر في إخراجها إلى حيز الوجود، ما السبب وما دور وزارتكم المرتقب فيها؟ < لا بد من التذكير بأن المغرب وقع سنة 2003 على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، والتي تتضمن تنفيذ عدد من الإجراءات، منها تشكيل هيئة لمحاربة الرشوة، وأيضا خلق بوابة للصفقات العمومية لضمان الشفافية فيها. وللإشارة، فإن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة كانت تضع هذه الصفقات في المراتب الأولى من حيث الرشوة في المغرب، أما اليوم فقد تغير الوضع بسبب خلق بوابة الصفقات، بحيث إن كل الصفقات يمكن الاطلاع عليها وتتبعها. ويدخل ضمن الإجراءات قانون التصريح بالممتلكات، وقد صدر في يناير 2007 مرسوم إحداث الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة. أما سبب تأخيرها فيعود إلى أن تشكيلتها تضم 39 عضوا، يضاف إليها والي ديوان المظالم، ويفترض في الأعضاء توفرهم على المواصفات النزيهة والشريفة، لذلك تطلب ذلك بعض الوقت. وقد كانت هناك اقتراحات من مختلف الجهات ولا أخفي أنه كانت هناك تحفظات على بعض الأسماء، لذلك تطلب الأمر بعض الوقت. - لكن دور هذه الهيئة سيبقى محدودا، لأنها لا تتولى مهام التقصي ومتابعة الملفات أمام القضاء، بل لها فقط دور استشاري؟ < نعم هي هيئة لها دور استشاري، وتابعة للوزير الأول، لكنها من حيث تركيبتها تعتبر مستقلة. وطبعا، ستلعب دورا في اقتراح إجراءات على الحكومة، ولا ننسى أنه يوجد ضمن تركيبتها حقوقيون وممثلو نقابات إضافة إلى ممثلي القطاعات الحكومية. وأعتقد أن هذه بداية إيجابية يجب تشجيعها لأن آفاق التطور مفتوحة أمامها. - تسعى وزارتكم إلى إعادة النظر في منظومة الأجور في القطاع العام، هل يمكن أن تقدم لنا ملامح هذه المراجعة؟ < نعم، الوظفية العمومية تعرف خللا كبيرا وخطيرا في منظومة الأجور، إذ يمكن التأكيد اليوم على أن حوالي 60 في المائة من أجر الموظف يأتي على شكل تعويضات، أما الراتب الأساسي فيبقى في حدود 40 في المائة، ويمكن أن أؤكد أن هناك فئة من الموظفين يصل حجم التعويضات في أجورهم إلى 90 في المائة، مثل المناصب العليا، وهذا خلل كبير لأن العكس هو الذي يجب أن يحصل. هذا الواقع خلق حيفا وميزا بين الموظفين حسب الوزارات. مثلا، اليوم هناك ضغط كبير تمارسه المركزيات النقابية من أجل تسريع الترقيات لأن الانتقال من سلم إداري إلى آخر هو بمثابة استفادة من راتب جديد، فالانتقال من السلم ال10 إلى السلم ال11 يعني زيادة 3500 درهم في الأجر، أي 60 في المائة زيادة في الأجر، في حين أن الانتقال من السلم ال1 إلى السلم ال2 يعني زيادة 100 درهم فقط. هذا غير معقول، ولذلك فإن الموظف المرتب في السلم 10 يناضل في النقابات من أجل الوصول إلى السلم ال11. ولذلك فقد حان الوقت لمراجعة شاملة، تكون بمثابة ثورة في الوظيفة العمومية لإعادة النظر في منظومة الأجور كلها. وهذا القرار اتخذ منذ ثلاث سنوات، حيث تمت استشارة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية في دجنبر 2005. - إذن كان هناك تأخر؟ < كانت هناك بعض المشاكل المرتبطة بتمويل الدراسة، حيث كان من المفترض تمويلها من طرف مؤسسات مالية دولية، مثل البنك الدولي والاتحاد الأوربي بتنسيق مع وزارة المالية، وفيما بعد تبين أن هذه المؤسسات ترغب في فرض شروطها وتصوراتها التي لا تناسب خصوصية المغرب، ولذلك قررت الحكومة أن تتولى بنفسها تمويل الدراسة، من الميزانية العامة للدولة، ورصدت لها مبلغ 15 مليون درهم (ما يعادل ملياراً ونصف المليار سنتيم)، وقد رست الصفقة في أواخر مارس الماضي على مركز دراسات أجنبي. وسيتم إنجاز الدراسة على جزئين، وسيستمر الانجاز على مدى 18 شهرا، أي أنه خلال نهاية السنة المقبلة يجب أن نحصل على الجزء الأول من الدراسة، وفي السنة المقبلة ينبغي أن نحصل الجزء الثاني. - ما هي السيناريوهات المطروحة لإعادة النظر في الأجور؟ < ما هو مطروح هو إعادة النظر في منظومة الأجور كلها، بما فيها سلاليم الأجور. وبالمقارنة مع دول أخرى فإن منظومة الأجور، عندنا تشبه الهرم المقلوب، فاليوم في الوظيفة العمومية أكثر من نصف الموظفين مصنفون في خانة «الأطر»، وعندما نتحدث عن إطار فهذا يعني الحصول على شهادة الإجازة فما فوق، لكن الواقع عكس ذلك، حيث توجد في الإدارات اليوم سكرتيرات وصلن إلى درجة ما وراء السلم ال11، حيث ترقين استثنائيا رغم عدم حصولهن على الشهادة. وأنا أقول أن الترقيات الاستثنائية التي حصلت في السنوات الأخيرة تمت بطريقة عشوائية ووضعت الوظيفة العمومية في مأزق، حيث تتم ترقية من يستحق ومن لا يستحق. ولذلك حرصنا خلال الحوار الاجتماعي على عدم إدراج الترقيات الاستثنائية، وبالمقابل، سنزيد في الكوطا المخصصة للترقية. وقد بدأنا بإجراءات حول نظام الترقية يتحدث لأول مرة على اعتماد الكفاءة والمردودية وتكافؤ الفرص. وبخصوص نتائج الدراسة، فإننا ملتزمون بعرضها فور التوصل بها على الفرقاء الاجتماعيين، وسيتم تفعيلها مباشرة بعد التوافق بشأنها. وسنعمل على الفصل بين تحسين الدخل والترقية، فالموظف يكون هاجسه الوحيد لتحسين دخله هو الترقية، وسوف نحاول في النظام الجديد أن تكون هناك زيادات كل سنة أو سنتين في الأجور من أجل تحسين الدخل، على أن تبقى الترقية للأشخاص الذين يستحقونها. وهذا سيخفض الضغط على الترقية. - ماذا بخصوص مشروع الإدارة الالكترونية؟ < عندما التحقت بالوزارة وجدت أن موضوع الإدارة الإلكترونية يتسم بالغموض في ما يخص الجهة المكلفة بهذا المشروع، حيث كان هناك خلط بين وزارتنا ووزارة الشؤون العامة. وفي ظل هذه الحكومة، بدأت الرؤية تتضح، حيث سميت الوزارة التي يرأسها أحمد الشامي بوزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة. وقد عقدنا عدة اجتماعات مع المتدخلين، ووصلنا إلى أن كل ماهو إدارة الكترونية تتكلف به وزارة تحديث القطاعات العامة، وكل ما يتعلق بالشركات والقطاع الخاص تهتم به وزارة التجارة والصناعة. وفي وزارتنا، تم إحداث مديرية خاصة بالنظم المعلوماتية وتهتم بالإدارة الالكترونية. وقد تم خلق جائزة «امتياز»، التي تمنح للإدارات العمومية التي تبتكر في مجال الإدارة الإلكترونية بما يقدم خدمة عمومية، وهذه السنة سننظم في 30 أكتوبر منتدى الإدارة الإلكترونية. وقد أحدثت الوزارة بوابة إلكترونية، تتيح لكل مطلع معرفة 565 مسطرة إدارية مبسطة، كما أحدثت الوزارة مركز الاستقبال الإداري، بخط أخضر، للحصول على المعلومات الإدارية. - بصفتك عضوا في المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار، هل يمكن أن توضح لنا موقف الحزب من نشاط قيادات محسوبة عليه في حركة لكل الديمقراطيين، التي أسسها فؤاد عالي الهمة، ودور هذه القيادات في حزب الأصالة والمعاصرة؟ < يجب أن نعترف بأنه كان هناك بعض الغموض في البداية، ولكن أعتقد أن الرؤية اتضحت الآن. فبعد تأسيس حركة لكل الديمقراطيين، كان هناك قياديون في الحزب ينشطون في جمعية كما ينشط العديد من السياسيين في جمعيات مختلفة. وقد ناقشنا هذا الموضوع، وقلنا إن الأمر عادي. و لكن عندما تم تشكيل حزب جديد هو الأصالة والمعاصرة، اتضح أن قياديي الأحرار ليسوا ضمن هياكل الحزب الجديد، وأؤكد لك أن تأسيس الحزب جعل القيادات التي تتحدث عنها ترجع إلى العمل أكثر في حزبها وأذكر منها الإخوان مزوار وأخنوش وأنيس بيرو ورشيد الطالبي الذي عاد إلى النشاط في الحزب في تطوان. وأؤكد لك أن أخنوش عاد إلى العمل بحماس كبير في الحزب، ولدينا لقاء حزبي في أكادير، سيشارك فيه أخنوش، مخصص لدعم مرشح الأحرار في تزنيت، لأنها منطقة أخنوش. هذا رغم وجود مرشح حزب الأصالة والمعاصرة.