يعيش حزب الاستقلال في مدينة سلا، وهو يُحضّر للانتخابات التشريعية والجماعية القادمة، على صفيح ساخن في ظل الوضع التنظيمي الصعب الذي يعيشه بالمدينة، والمتسم ببروز تناقضات تهدد بتفجر خلافات بين الاستقلاليين تُذكّر بتلك التي وقعت عشية الانتخابات الجماعية لسنة 2009، حين انقسم الحزب إلى استقلاليين مساندين لإدريس السنتيسي، العمدة السابق، بزعامة عبد القادر الكيحل، عضو اللجنة التنفيذية، واستقلاليين مؤيدين للتحالف المسير حاليا لمجلس المدينة، والمشكل من التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية. ووفق مصادر حزبية مطّلعة، فإن الوضع التنظيمي الصعب الذي يعيشه حزب الوزير الأول في سلا يدلل عليه ما تعرفه عملية تجديد الفروع التي شرع فيها الحزب استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة من صعوبات وصلت إلى حد تكوين فرعين في بعض المقاطعات، كما هو حال مقاطعتي «بطانة» و»تابريكت»، فيما تعرف عملية تكوين فرع مقاطعة «العيايدة» تعثرا كبيرا. غير أن ما يدلل بدرجة أكبر على ما بلغه الوضع التنظيمي لحزب علال الفاسي في مدينة سلا من مأزق، تقول مصادرنا، هو ما عاشته منطقة «قرية أولاد موسى» يوم الجمعة الماضية، حينما فوجئ مفتش الحزب خالد الطرابلسي، بأعداد غفيرة من الاستقلاليين يحتجون على ما أسموه الخروقات التي شابت عملية تكوين الدوائر التي تم «تهريبها» إلى منازل أشخاص معروفين بولائهم لحزب الحركة الشعبية وإلى المقاهي، مطالبين بإبعاد حزب الحركة الشعبية عن تسيير الشؤون التنظيمية لحزب الاستقلال في سلا. وحسب المصادر، فإن مفتش الحزب لم يجد من بد أمام الاحتجاجات غير الانسحاب ونقل الاجتماع إلى سلاالجديدة، محاولا تكوين الفرع هناك، غير أن مسعاه لم يكلل بالنجاح لينفض جمع الاستقلاليين في الساعة الثالثة من صباح السبت الماضي، دون تكوين الفرع. واعتبر قيادي استقلالي، طلب عدم ذكر اسمه، أن الاحتجاجات التي سجلت يوم الجمعة الماضي أثناء تشكيل فرع الحزب وبحضور مفتش الحزب هي انعكاس للتناقضات التي يعيشها منذ التحاق عمر السنتيسي، النائب البرلماني الحركي الأسبق بحزب «الميزان»، وهو الالتحاق الذي لم يكن مرحَّباً به من قِبَل الكثير من الاستقلاليين، الذين لم تُنسِهم المصاهرة بين أمينهم العام عباس الفاسي وشقيق عمر عمدة سلا الأسبق، إدريس السنتيسي، صراعهم التاريخي في المدينة، مطالبين، في رسالة موجهة إلى الفاسي، بطرده من الحزب. وفي رأي المصدر ذاته، فإن «عدم التجانس بين الوجوه الاستقلالية والقادمين من الحركة يهدد بتفجير الحزب في المدينة، كما يؤشر على أن الصراع سيكون على أشده مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب بين الاستقلاليين، المنقسمين بين عبد القادر الكيحل وعمر السنتيسي، من جهة، وبين الاستقلاليين المشاركين في تسيير مجلس المدينة بثلاث نواب للعمدة، من جهة أخرى». وفضلا على الصعوبات والتناقضات والصراعات التي يعيشها الاستقلاليون في مدينة سلا، تُطرَح أكثر من علامة استفهام حول عدم تجديد فرع الحزب في بوقنادل، التي يترأس مجلسَها الحزب بأغلبية مريحة، خاصة في ظل معرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء التأجيل وعدم تمكن مفتش الحزب من تجديد الفرع. وفيما تنتظر قيادة حزب الاستقلال مهمة صعبة للحسم في وكيل لائحة الحزب لانتخابات مجلس النواب في دائرة سلا، في ظل التناقضات التي يعيشها وتواجد أسماء عدة تُبدي رغبتها في ترؤس اللائحة، اعتبرت مصادر استقلالية أن «الانفتاح على غير الاستقلاليين في الترشح خط أحمر وخطوة ستثير غضب واستياء القواعد الاستقلالية وكذا طعنة في الظهر»، في إشارة إلى الأنباء التي تتحدث عن مفاوضات بين الحزب وعمدة الرباط السابق، الحركي عمر البحراوي، لترؤس لائحة الحزب في دائرة «شالة» في الرباط. ووفقا لمصادر «المساء»، فإن وراء المفاوضات مع البحراوي رغبة بعض الاستقلاليين في قطع الطريق على «إخوان لهم» لترؤس لائحة الحزب، من أبرزهم مصطفى بوخريص، مدير ديوان وزير الإسكان توفيق احجيرة، الذي كان قد ترأس اللائحة في انتخابات 2007، والمعروف بكونه خصما تقليديا للبحراوي.