مولاي إدريس المودن أثار تحقيق تلفزيوني بثته قناة «كنال بليس»، الفرنسية، عشية أول أيام رمضان، خصصته للتجاوزات والممارسات التجارية المشبوهة التي تشهدها سوق المنتوجات «الحلال» في فرنسا جدلا واسعا وسط الجالية المسلمة، وصل حد مطالبة ثمانية منتخَبين محليين من أصول مسلمة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحري في حقيقة ما جاء في التقرير من تجاوزات كان ضحاياها المستهلكون المسلمون. وقد سلّط التحقيق الضوء على خبايا أكبر سوق ل«الحلال» في أوربا، كما استعرض طرق الاحتيال التي يعتمدها المستثمرون في المنتجات الغذائية التي تسوق تحت علامة «الحلال» وتشهد إقبالا كبيرا من قِبَل المسلمين في فرنسا، خاصة اللحوم الحمراء والبيضاء والحلويات المخصصة للأطفال. وطالب المنتخبون الثمانية، في بلاغ تداولته وسائل الإعلام الفرنسية، بالتحقيق في المعطيات التي تضمَّنها التحقيق، الذي كشف الكثير من أوجه القصور الخطيرة وغير الشرعية التي تتورط فيها العديد من الشركات. كما طالبوا بتقديم المتورطين فيها إلى المحاكمة، «لأن ما يحدث هو احتيال منظم على المستهلكين، لعدم وجود تشريعات واضحة ولا لبس فيها تحكم تجارة الحلال». وقد كشف التقرير التلفزي الذي غاص في طرق اشتغال عدد من المؤسسات التي تنشط في سوق المنتوجات «الحلال» في فرنسا، التي تضم جالية إسلامية كبيرة، أن القانون الفرنسي، وفي ظل غياب دفتر تحملات واضح ومحدد للشروط الواجب توفرها، لا يمنع أي مستثمر يرغب في إنشاء علامة «حلال» دون ضوابط تقيده تحدد شروط المنتوجات «الحلال»، كما هي متعارَف عليها حسب الشريعة الإسلامية. وفي حين يشير التقرير إلى أن المشرع الفرنسي يتشدد في كل ما يتعلق بالضوابط الصحية المتعلقة بالمنشأ ووسائل الإنتاج والنظافة، فإنه يبقى قاصرا عن تحديد أي ضوابط محددة لمراقبة كون المنتوجات التي تحمل علامة «حلال» مستوفية لشروط الذبح على الطريقة الإسلامية، والتي تفترض الذبح اليدوي على يد أشخاص ممارسين للشعائر الإسلامية، كما تمنع الذبح الآلي أو تخدير الخرفان أو الطيور المعدَّة للذبح. ووضعت الحقائق التي خلُص إليها التحقيق في القضية سوق «الحلال»، التي تقدر أرباحها سنويا بأزيد من 4 مليارات أورو بزيادة سنوية تبلغ 10 في المائة سنويا (وضعت) هيآت إصدار شهادات التصديق على «الحلال» على المحك، إذ ورّط التحقيق عددا من الجمعيات التي تقدم نفسها كمؤسسات لمراقبة احترام مقتضيات الشريعة، وضمنها مسجد باريس. كما خلُص التقرير إلى أن الأمر لا يتعلق بفرنسا وحدها أو بأوربا بل يتعداه إلى عدد من الدول الإسلامية في المشرق العربي، التي توزع فيها بعض الشركات منتوجاتها، ضمنها المملكة العربية السعودية، إذ قدم صورا لمنتوجات شركة «دو»، الفرنسية، توزع في مكةالمكرمة، وهي واحدة من الشركات التي قال التحقيق إنها متورطة في القضية. وكان النقاش حول الموضوع قد أثير قبل أشهر بعد اكتشاف احتواء بعض العبوات المسوقة في المحلات التجارية في فرنسا على لحوم الخنزير، المحرَّمة. وتزايدت الشكوك عقب إعلان اكتشاف مواد من لحوم الخنازير ضمن بعض عبوات منتجات شركة «هيرتا» بعد إخضاعها للتحاليل. ولتجاوز مشكلة المنتوجات الحلال، كانت فرنسا وعدد من الدول الأوربية قد سعت إلى إقناع عدد من الشركات المستقرة في دول إسلامية، والتي تملك خبرة وتجربة في المجال، للاستثمار في السوق الفرنسية، وسبق لمجموعة «كتبية»، المغربية، أن أعلنت عن توجهها إلى إحداث وحدتين لتحويل اللحوم الحلال في فرنساوكندا، إذ أشارت إلى أن ثلاثة بلدان اقترحت عليها إحداث وحدة لإنتاج اللحوم «الحلال» في أوربا، لتقوم باختيار فرنسا، كما أسست في الوقت نفسه شركة لإقامة وحدة إنتاجية في كندا.