الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    حقوقيون مغاربيون يحملون الجزائر مسؤولية الانتهاكات في مخيمات تندوف        لفتيت يستعرض التدابير الاستباقية لمواجهة الآثار السلبية لموجات البرد    الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    في سابقة له.. طواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية يعبر صحراء الربع الخالي    السكوري يلتقي الفرق البرلمانية بخصوص تعديلات مشروع قانون الإضراب    تعزيز وتقوية التعاون الأمني يجمع الحموشي بالمديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية    الوالي التازي يترأس لجنة تتبع إنجاز مشروع مدينة محمد السادس "طنجة تيك"    الإنترنت.. معدل انتشار قياسي بلغ 112,7 في المائة عند متم شتنبر    المدعو ولد الشنوية يعجز عن إيجاد محامي يترافع عنه.. تفاصيل مثيرة عن أولى جلسات المحاكمة    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    تكريم منظمة مغربية في مؤتمر دولي    المغرب يفقد 12 مركزاً في مؤشر السياحة.. هل يحتاج إلى خارطة طريق جديدة؟    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    غرق مركب سياحي في مصر يحمل 45 شخصاً مع استمرار البحث عن المفقودين    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام        تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تحد سياسة ما بعد الدستور من القمار والمخدرات والخمر وسياحة الجنس؟
نشر في الوجدية يوم 16 - 07 - 2011


المغرب من بين الدول الأولى في السياحة الجنسية
الخمر بين التجريم القانوني والانتشار الواسع
القمار في المغرب والامتداد للمؤسسات الاستعمارية
شركات الخمور تضاعف وارداتها وتقترب أكثر من الأحياء الشعبية
المغرب الأول عالميا في إنتاج «الكيف» والرابع في استهلاكه
خلود السباعي
(أستاذة علم النفس الاجتماعي):
لا أرى إرادة واضحة لتغيير آفات الخمر والقمار والسياحة الجنسية
المغرب يحقق أرقاما كبيرة في إنتاج واستهلاك المخدرات والخمور، فضلا عن وجود حوالي 3 مليون ونصف مليون يتعاطون القمار، وارتفاع مؤشرات السياحة الجنسية.
آخر تقرير للأمم المتحدة حول المخدرات والجريمة لسنة 2011 يؤكد أن نحو 4,2 في المائة من المغاربة مدمنون على الكيف ومشتقاته، ويحتل المغرب الذي صنفه التقرير أول منتج لهذه المادة المخدرة في العالم إلى جانب أفغانستان، الرتبة الرابعة من حيث حجم الاستهلاك.
وعلى الرغم من أن تعداد سكان المغرب لا يتجاوز 32 مليون نسمة، إلا أن إنتاج الخمور يفوق بكثير هذا العدد، خصوصا أن شركة الخمور «سيلييي دو مكناس» تتوفر على وحدتين صناعيتين لهما قدرة على إنتاج 20 ألف قنينة خمر في الساعة الواحدة، بالإضافة إلى أنها تصنع 25 مليون قنينة سنويا.
وعلى الرغم من رفض المغاربة لظاهرة الخمور، إلا أن السلطات تستمر في تقديم رخص البيع سواء في المحلات المختصة في ذلك داخل المدن، أو في المساحات الكبرى أو الفنادق.
ووفق العديد من المتتبعين فليس هناك سياسات لمواجهة الظاهرة رغم ما تخلفه من تداعيات سلبية على الفرد والمجتمع.
وفي الوقت الذي تستمر فيه شركات القمار في تحقيق أرباحا كبيرة إذ وصلت مبيعات المغربية للألعاب والرياضة خلال سنة 2009 حوالي 789 مليون درهم واليانصيب الوطني حوالي 561 مليون درهم، فإن المجتمع ما زال يحصي خسائره، لاسيما في ظل الفراغات القانونية وتسهيلات الاستثمار في القطاع، والإعلانات في الصحافة والإعلام. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن هذه الشركات تعتزم استهداف الأفراد خصوصا الشباب والمرأة عبر الهاتف النقال والانترنيت. من جهة أخرى، تعمل بعض الأطراف على تحويل مراكش إلى عاصمة للقمار وذلك بتنظيم مسابقات شهرية ببعض الفنادق المدينة.
وفي ظل هذه الصورة القاتمة، وفي ظل الحراك الشعبي والتحولات السياسية التي يشهدها المغرب، فهل ستعمل سياسات ما بعد الدستور على الحد من هذه الآفات تطبيقا لمقتضيات الدستور وانسجاما مع إرادة الشعب الذي صادق عليه؟
المغرب من بين الدول الأولى في السياحة الجنسية
وفق بيانات اليونيسيف يوجد حوالي 200.000 سائح، من رواد السياحة الجنسية عبر العالم، لا يتركون جهة من جهات العالم إلا حلوا بها وارتحلوا إليها،.
ويأتي غالبية هؤلاء من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا الغربية واليابان وأستراليا والصين... ويتوجه أربعة من كل عشرة منهم نحو تايلند، وتسافر أقلية صغيرة عبر شبكة جنسية منظمة، بينما الأغلبية يسافرون مستقلين عبر مسار قديم معروف أو عبر أسفار عمل.
وتستولي السياحة الجنسية على نصيب متصاعد من دعارة الأطفال القاصرين حسب معطيات اليونيسيف، إذ يوجد حوالي ثلاثة ملايين طفل تحت قبضة الاستغلال الجنسي كل سنة أغلبهم من أطفال الشوارع.
هذا وتشير تقارير غير حكومية أن المغرب يعد قبلة للسياحة الجنسية . وقد تلقى المسؤولون المغاربة تنبيهات محلية ومن دول صديقة، خاصة فرنسا (عبر تقارير خاصة أو منشورة أشهرها التقرير الفرنسي المنجز من قبل وزارة الأسرة والطفول والوزارة المكلفة بالسياحة) من احتمال كبير لأن يتحول المغرب إلى قبلة مفضلة للسياحة الجنسية.
لكن السلطات المغربية حسب عدد من المراقبين لم تبذل جهدا كافيا لمقاومة الغزو السياحي مخافة بوار برنامجها السياحي الذي كانت تراهن فيه على رقم 10 ملايين سائح في السنة الماضية، وهو الأمر الذي كشفت عنه عدد من وسائل الإعلام الغربية خاصة القنوات التلفزيونية. وكان أخرها تقرير مثير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية عن السياحة الجنسية بالمغرب وألقت فيه الضوء على إصابة الكثير من ممارسيها بمرض الايدز، وذكرت أن المغرب يستقطب قرابة ثمانية ملايين سائح كل سنة، ويعتبر قطاع السياحة من أهم ركائز الاقتصاد المغربي، فالسياحة تُدر على البلاد مليارات الدولارات، وتعتبر مراكش قلبها النابض ببيئتها المميزة وبما تعرضه من سياحة جنسية بما في ذلك تلك التي مع الأطفال ، حسب ما أرودته فرنس 24.
من جهة أخرى كشف تحقيق صحفي، نشرته مجلة "شوك" الفرنسية، منتصف سنة 2010، أن مدينة مراكش تتجه إلى إزاحة تايلاندا من على عرش السياحة الجنسية العالمي، بعد أن ضاعفت من عدد العاهرات إلى 20 ألف، اللواتي يستقطبن مليوني سائح سنويا، وأضاف معدو التحقيق أن أغلب السياح الغربيين تستقطبهم ممارسة الجنس مع المراهقين الذكور من المغاربة.
يشار أن مدينة مراكش تعيش بين الفينة والأخرى على إيقاع فضائح جنسية أبطالها سياح أجانب، وقد خلفت آثارا سلبية في أوساط المجتمع المراكشي خاصة والمغربي عامة الذي أصبح يراوده القلق والخوف من التفشي السريع لظاهرة استغلال الأطفال جنسيا، وهزت المدينة عدة أحداث جنسية رهيبة ضد مواطنين مغاربة كان أخرها الفضيحة الجنسية التي فجرها "لوك فيري" وزير التربية السابق في الحكومة الفرنسية سنة 2002 حين كان يتحدث في برنامج تلفزيوني على القناة الفرنسية "كنال بلوس". وقال الفيلسوف الفرنسي إنه يتوفر على شهادات في القضية من أعلى هرم في السلطة بباريس.لمتورط في ممارسة الشذوذ والاستغلال الجنسي للأطفال تم اعتقاله بمدينة مراكش متلبسا قبل أن تطوى القضية بتدخل بعض الجهات.
عوامل انتشار السياحة الجنسية
عوامل متعددة تشترك في انتشار السياحة الجنسية، من بينها عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، كالتخلف والنظام التربوي المنهار، وتداعيات التوسع العمراني المتوحش، والثقافات التقليدية والأبوية، والإيديولوجيات الاستهلاكية الغربية التي تريد التقليل من خطورة الظاهرة والتهوين من شأنها.
وفوق ذلك تمثل السياحة الجنسية تجارة مربحة للمنظمات الإجرامية، ويتعلق الأمر بصناعة حقيقية تزن حوالي خمسة مليارات دولار.واليوم تستفيد من هذه المحطات دول الاستقبال التي تشكل السياحة الجنسية بالنسبة لها مصدر دخل وطني، ودول انطلاق سياح الشهوة الجنسية خاصة المستثمرون أمثال شركات الطيران ووكالات السياحة.
لكن الباحثين الغربيين على العموم لا ينتبهون إلى السبب الرئيس وراء استفحال المتاجرة بالأطفال والنساء في السياحة الجنسية، وحتى في صناعة الجنس العالمية، ألا وهو انهيار منظومة القيم الأخلاقية وإعلاء قيمة الجسد على جوهر الروح بعد ثورة التنوير والتحديث والتعقيل على مدى قرون متتالية، وفقدان نقطة التوازن والارتكاز بين حفنة التراب ونفخة الروح داخل الكيان الإنساني,
الخمر بين التجريم القانوني والانتشار الواسع
يمنع القانون المغربي، في المادة 28 من الظهير الملكي الصادر في يوليو1967 "استغلالا أو بيعا أو منحا مجانا للمشروبات الكحولية للمسلمين المغاربة".
كما يتضمن القانون أيضا جنحة السكر العلني التي يعاقب عليها بالحبس، غير أن ذلك لا يمنع المغاربة من التعايش بشكل يومي مع المشروبات الكحولية، التي يبلغ استهلاكها الوطني حوالي 85 في المائة من إجمالي الإنتاج.
لكن المحامي بهيئة الجديدة يوسف وهابي، يذهب في كتابه خمريات القانون المغربي إلى اعتبار أن المشرع المغربي أقرب إلى منع شرب واستهلاك الخمر من إباحته وذلك يضيف نفس الكاتب، إلى عدم وجود أي صورة من صور الإباحة الصريحة في النصوص التشريعية المغربية سواء اتخذت الإذن بالشرب أو تحليل الشرب أو الأمر أو التنصيص الصريح على أن شرب الخمر غير محظور.
وبالتالي فالثابت في هذا أن المشرع المغربي لم يمنع شرب الخمر وفي نفس الوقت لم يبحها، وفي غياب النص التشريعي الوضعي فإن هذا يجب أن لا يفسر بأنه إباحة، وإلا لأمكن القول أن المشرع يبيح الكذب والحسد لأنه لم يجرمها ولم يعاقب عليها حسب نفس الكاتب.
وعلى الصعيد الوطني تصاعد الجدل بشأن بيع الخمر للمغاربة المسلمين، وهي مسألة بالغة الحساسية في دولة يحظر فيها القانون بيع الكحول للمسلمين غير انه يتعرض يوميا للانتهاك، بالرغم من المناداة الشاذة والقائلة بان .القانون الذي يحظر على المغاربة استهلاك الكحول وشراءه يجب أن يلغى لان الأمر يتعلق بالحرية الفردية.
ومن المفارقات الأخرى في المغرب انه يتم إنتاج ما بين 30 و40 مليون لتر من الخمور أكثر من نصفها من النوعية الممتازة. ويتم استهلاك معظم هذا الإنتاج (85 بالمائة) محليا ،وبالتأكيد فان الأجانب لا يمكنهم استهلاك كل هذه الكميات من الخمر.
القمار في المغرب والامتداد للمؤسسات الاستعمارية
يعطي القانون 7123 المؤرخ بتاريخ 31 دجنبر ,1971 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 5 أبريل 1972 فكرة عن تطور مؤسسات القمار في المغرب، إذ بموجب هذا القانون، سيتم مغربة هذه المؤسسات، وسيصبح كل من أوراق وقسيمات اليانصيب الفرنسي، واليانصيب الخيري بطنجة ملغية بتاريخ العمل بهذا القانون الجديد الذي سيضمن للدولة التحكم في القطاع واحتكاره بالكامل. وهي الحقيقة التي تؤكد على أن مؤسسات القمار الموجودة في المغرب، هي ذاتها مؤسسات القمار الفرنسية، لكن مع مغربيتها واحتكار الدولة لها.
وعلى نفس النسق، ستعمد الدولة إلى توسيع احتكارها للمجال، وبشكل خاص، لعبة الخيول، الذي كانت تهيمن عليها شركة (بيم ) الفرنسية، وستؤسس سنة 2003 الشركة الملكية لتشجيع الخيول (سدز) بمقتضى مرسوم 0203262 الصادر بتاريخ 13 ماي 2003 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 5 يونيو ,2003 حيث ستكتتب الدولة في رأسمال هذه الشركة ب 75,99 في المائة، وستنهي بذلك احتكار فرنسا لهذا اللون من ألوان القمار، إذ سيكون من مهام هذه الشركة حسب نص المرسوم: تدبير الرهانات على الخيول خارج حلبات الخيول بالنسبة إلى السباقات الوطنية والرهانات على الخيول في سباقات فرنسا. وهكذا يلاحظ أن الدولة ستتخذ من تشجيع الخيول وتنمية المتعلق به وتحسين أصناف الخيول عنوانا ومبررا لإنشاء هذه المؤسسة وإنهاء حالة الهيمنة الفرنسية على ألعاب الحظ وسباقات الخيول.
شركات الخمور تضاعف وارداتها وتقترب أكثر من الأحياء الشعبية
المغرب يحقق إنتاجا كبيرا في قطاع الخمور، وهو الأمر الذي لم يستطع تحقيقه في قطاعات أخرى مهمة، مثل الصناعة الغذائية، أو توفير بعض الاحتياجات من أجل تحقيق اكتفاءه الذاتي في الحبوب مثلا أو المواد الغذائية الأولية. وضاعف المغرب من واردات الخمور خلال النصف الأول من السنة الحالية، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، منتقلة من 3542 إلى 7749 طن. وصدر المغرب حوالي 3822 طن من الخمور إلى الخارج مقارنة مع 3839 طن خلال نفس الفترة من السنة الماضية، حسب ما أكده مكتب الصرف.
وعلى الرغم من أن تعداد سكان المغرب لا يتجاوز 32 مليون نسمة، حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط، إلا أن إنتاج الخمور يفوق بكثير هذا العدد، خصوصا أن شركة الخمور «سيلييي دو مكناس» تتوفر على وحدتين صناعيتين لهما قدرة على إنتاج 20 ألف قنينة خمر في الساعة الواحدة، بالإضافة إلى أنها تصنع 25 مليون قنينة سنويا.
وتوفر هذه الشركة التي يعود تأسيسها إلى 1964، حوالي 60 في المائة من العنب المخصص للخمور بالمغرب (نواحي مكناس). وتتوفر هذه الشركة على 2000 هكتار مخصصة لزراعة العنب الذي يخصص كمادة خام للمشروبات الكحولية.
وعلى الرغم من التداعيات السلبية للمشروبات الكحولية على المستوى الاجتماعي والنفسي والأسري والصحي والأمني على المواطن، فإن وتيرة إنتاج هذه المشروبات ما زالت في ارتفاع، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول هذه السياسة التي تسهم في اختلالات اجتماعية كبيرة، بالأسر والمجتمع برمته، وفق العديد من الدراسات والأبحاث.
وكانت دراسة أنجزت من لدن كلية الطب بالرباط، قد أكدت أن الإصابة بالسرطان في صفوف
المدمنين على التبغ والخمور، تصل إلى ما بين 65 بالمائة و 95 بالمائة، وأضافت الدراسة أن الخمور سببا أساسيا في الإصابة بسرطان "الكبد"، هذا الأخير يرتفع عند المدمنين على الخمور القوية، خاصة "الويسكي"، بينما يتسبب "الروج" في سرطان "المعدة". وفي هذا الإطار، يمثل السكر العلني 16 بالمائة من مجموع الحالات الإجرامية خلال 10 أشهر من سنة 2008 في المدن، وفق المعطيات الرسمية. ويحتل الخمر والمخدرات المرتبة الثانية في سبب حوادث الطرق التي وقعت بمدن المغرب خلال 2007، حسب دراسة لجنة حوادث السير.
وعلى الرغم من رفض المغاربة لظاهرة الخمور، إلا أن السلطات تستمر في تقديم رخص البيع سواء في المحلات المختصة في ذلك داخل المدن، أو في المساحات الكبرى أو الفنادق.
ووفق العديد من المتتبعين فليس هناك سياسات لمواجهة الظاهرة رغم ما تخلفه من تداعيات سلبية على الفرد والمجتمع.
وما زالت العديد من الشركات الأجنية تستثمر بالمغرب في هذا القطاع، إذ تمكنت شركة «كاستل» الفرنسية من الاستحواذ على 60 بالمائة من رأسمال شركة «ساب ميلر»، فرع المغرب والجزائر، في إطار اتفاق شراكة سيتم بموجبه تنفيذ مشاريع استثمار بقيمة 21 مليون دولار في المغرب و25 مليون دولار في الجارة الجزائر، حسب ما أورده موقع «رايون بواسون».
المغرب الأول عالميا في إنتاج «الكيف» والرابع في استهلاكه
آخر تقرير للأمم المتحدة حول المخدرات والجريمة لسنة 2011 يؤكد أن نحو 4,2 في المائة من المغاربة مدمنون على الكيف ومشتقاته، ويحتل المغرب الذي صنفه التقرير أول منتج لهذه المادة المخدرة في العالم إلى جانب أفغانستان، الرتبة الرابعة من حيث حجم الاستهلاك، وذلك بعد مصر ثم الجزائر تليها الإمارات العربية المتحدة. وتأتي بعد المغرب كل من الكويت والأردن ولبنان ثم السعودية.
وأكد التقرير أن إنتاج الكيف لا يزال متركزا في بلدين اثنين فقط، المغرب الذي يزود بلدان أوربا الغربية وافريقيا الشمالية، ويزرع مساحة تقدر ب 47500 هكتار، وأفغانستان التي تزود دول جنوب غرب آسيا.
وأبرز التقرير أن المغرب حجز سنة 2009 نحو 188 طن، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق خلال الفترة ما بين 1999 و2009، في حين حجزت السلطات الإسبانية نحو 445 طن فوق أراضيها، وقال التقرير إن الكيف الذي ينتجه المغرب يتم تهريبه إلى اسبانيا ومنها إلى أسواق بدول أوربا الغريبة.
من جهة أخرى، كشفت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أمس الإثنين بالرباط، أن الجمارك حجزت خلال السنة الماضية حوالي 99 مليون سيجارة و67 طن من المخدرات.
واعتبر الشرفي خلال الندوة الصحفية الذي عقدها من أجل عرض حصيلة عمل الجمارك لسنة 2010، وتطلعاتها لسنة 2011 ومشاريع الإصلاح، أن نسبة هذه المحجوزات عرفت ارتفاعا كبيرا بالنسبة للسجائر بعدما كانت في حدود 26 مليون سيجارة خلال سنة 2009، وتقلصت بخصوص المخدرات بعدما تم حجز حوالي 91 طن خلال سنة 2009.
وارتفعت المحجوزات من مخدر الكوكايين سنة 2010 حيث بلغت 58 كيلوغراما السنة الماضية مقابل 22 كيلوغراما سنة 2009، وتم خلال نفس الفترة حجز ما يزيد عن 90 ألف وحدة من الحبوب المهلوسة مقابل 61 ألف وحدة سنة 2009 حسب إحصائيات رسمية، وهو ما يبرز تفشي مخدر الكوكايين والحبوب المهلوسة بالمغرب، ويؤكد تحول المغرب إلى سوق استهلاكية.
وفي المقابل، بلغت كمية المحجوزات من مخدر الشيرا السنة الماضية (2010) أكثر من 118 طن، مقابل 187 طنا بالنسبة لسنة 2009، نفس الانخفاظ عرفته كميات مخدر الكيف المحجوزة، حيث استطاعت الجهات المعنية حجز 173 طنا مقابل 223 طنا بالنسبة لسنة 2009.
في حين شهدت المحجوزات من الهروين انخفاظا مثيرا، انتقل المحجوز منه من 31 كيلغراما سنة 2009 إلى كيلوغرامين ونصف فقط سنة 2010.
وأكدت الدكتورة أمال بنعزوز، أخصائية نفسانية ومستشارة بجمعية ضحايا الإدمان والمخدرات أن ارتفاع نسبة المحجوزات من مخدر الكوكايين والأقراص المهلوسة يجعل المغرب في تحد كبير لمواجهة إدمان هذه الأصناف من المخدرات.
وأوضحت بنعزوز في تصريح سابق ل»التجديد» أن «الكوكايين والأقراص المهلوسة من المخدرات القوية المفعول، يصعب على مدمنيها العلاج منها بسهولة، بل جرعة إضافية من الكوكايين قد تؤدي إلى وفاة متعاطيها، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على الشباب، سيما وأن الكوكايين حديث العهد بالمغرب، وفي مسيرة عملي بجمعية ضحايا الإدمان والمخدرات (4 سنوات مضت) لم يكن لهذا المخدر حضورا كبيرا عكس الأنواع الأخرى المتمثلة في الشيرا و»السيليسيون» والقنب الهندي..».
وفي السياق ذاته، أتلفت السلطات العمومية ما يناهز 9400 هكتارا من محاصيل القنب الهندي السنة الماضية (2010)، في إطارحملاتها ضد انتشار زراعة القنب الهندي بأقاليم تاونات والحسيمة ووزان والعرائش.
وفي موضوع ذي صلة، احتل عدد السجناء على خلفية الاتجار في المخدرات المرتبة الثانية بنسبة 27,05 في المائة من النسبة الإجمالية(17074 ) سجينا، في حين يبلغ عدد المعتقلين على خلفية استهلاكهم للمخدرات المرتبة الأخيرة بنسبة 1,56 في المائة(983 معتقلا)-حسب تقرير للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج-، وبرسم نفس السنة، احتل الإسبان خلال السنة الماضية الرتبة الأولى مقارنة مع عدد الأجانب الموقوفين في جرائم الاتجار الدولي في المخدرات، يليهم الفرنسيون، إذ بلغ عدد الأجانب الموقوفين في جرائم المخدرات 487 شخصا من بينهم 151 إسبانيا و135 فرنسيا و43 برتغاليا و19 نيجيريا و18 رومانيا و12 بلجيكيا و10 إيطاليين-حسب إحصائيات رسمية.
خلود السباعي
(أستاذة علم النفس الاجتماعي):
لا أرى إرادة واضحة لتغيير آفات الخمر والقمار والسياحة الجنسية
قالت خلود السباعي، الأستاذة والباحثة في علم النفس والاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، إن من بين أهم أسباب تفاقم ظواهر القمار والسياحة الجنسية والمخدرات والخمور في المجتمع المغربي هو هيمنة المنطق الاستهلاكي على الحياة العامة، وهو منطق أصبح فيه كل شيء يباع ويشترى وأصبحت قيم الاستهلاك تغلب وتقدم على القيم الإنسانية. وأضافت الباحثة السوسيولوجية في هذا الحوار لجريدة "التجديد"، أنه حينما نوجه الإنسان إلى أن يصبح مصيره ومستقبله في يد الحظ فهذا بطبيعة الحال يعد ضربا للقيم الأساسية التي وجد من أجلها الإنسان. وأضافت الباحثة أننا نعيش اليوم وبشكل واضح فشل السياسات العمومية الوطنية وكذلك الدولية في التعاطي مع هذه الآفات. كما سجلت خلود سجلت، ما أسمته بالتواطؤ والسكوت سواء من طرف المنظمات الدولية بشكل عام أو من طرف الجهات المسؤولة على الصعيد الوطني حول عدد من الجرائم ذات الصلة بالسياحة الجنسية والمخدرات وغيرها خاصة في مراحل يكون فيها الجناة معروفون والضحايا كذلك، مما يعتبر في نظرها تناقضا وشرخا بين القول والفعل لا ينبغي السكوت عنه،
ما هي قراءتكم الأولية لظواهر الخمر والقمار والمخدرات والسياحة الجنسية أمام معطيات العديد من التقارير الوطنية والدولية التي تؤكد تفاقم انتشار هذه المعضلات المجتمعية والكوارث التي تسببها ؟
بداية أشير إلى تناقض كبير في هذا الموضوع، فعلى المستوى العلمي والبحثي هناك العديد من التقارير الوطنية والدولية التي تشير إلى هذه الأعطاب المجتمعية وتحدد المشاكل التي تنجم عنها غير أنه وعلى مستوى الواقع نسجل التعاطي المحدود والمحتشم للجهات المعنية وطنية كانت أو دولية مع التجاوزات التي تحصل على هذه المستويات، وآخر مثال يمكن ضربه في هذا الموضوع هو تورط الوزير الفرنسي في موضوع اغتصاب الأطفال وحجم الصمت الذي يشهده هذا الملف، وهكذا نجد أنه عندما يتم الحديث عن ظاهرة السياحة الجنسية مثلا بشكل مجرد أو عمومي وشمولي نجد التعرض لذلك والحديث بل المرافعة فيه، لكن عندما يتعلق الأمر بالنزول للواقع ومعالجة بعض القضايا الخاصة التي تحتاج إلى التدخل ويكون معروفا فيها من هم الفاعلون ومن المفعول بهم، نجد نوعا من التواطؤ ونوع من السكوت سواء من طرف المنظمات الدولية بشكل عام أو من طرف الجهات المسؤولة على الصعيد الوطني. وهذا في تقديري يشكل شرخا وتناقضا حقيقيا بين ما يصرح به وما يتم على أرض الواقع من ما يجب من تدخلات فعلية لوضع حد للعديد من تلك التجاوزات التي تتم على مستويات مختلفة.
في تقديركم ما هي العناصر التي تساهم في انتشار ظواهر القمار والسياحة الجنسية وتعاطي المخدرات والخمور؟
حسب رأي فإن السبب المباشر هو هيمنة الثقافة الاستهلاكية على الحياة العامة، وهو ثقافة أصبح فيها كل شيء يباع ويشترى، مجتمع أصبحت فيه المصالح الاقتصادية والسياسية تتوفر على الأولوية والصدارة على حساب أولويات الإنسان وكرامته، وهكذا أصبح المنطق الاستهلاكي في المجتمعات الاستهلاكية يحطم الإنسان بحيث لم يعد هناك وجود للإنسان ولقيمه العليا ولا لكينونته باعتباره هو مصدر أي تقدم وهو أساس أي تنمية. لكن كل ذلك مع الأسف الشديد يضيع أمام تسبيق القيم المصلحية والاقتصادية على ما هو إنساني، فأصبح وضع البيع والشراء هو المتحكم فمن لديه القدرة فهو يشتري ما يرد وذي الحاجة أو من يختار يبيع ما يريدان أيضا، فأصبح منطق التجارة هو المستحكم بما في ذلك الجسد والأطفال والكرامة والقيم والتي لم يعد لها حضور كمبادئ عليا سامية لا يمكننا المتاجرة فيها، وأعتبر أن تحولنا إلى مجتمع استهلاكي هو السبب في كل هذه الظواهر. وبطبيعة الحال لما يتعلق الأمر بدول عالمية استهلاكية عولمية ودول أخرى تعاني من الفقر ومن الاحتياج ومن الأمية والتفكك الأسري فهذا يشكل مجالا خصبا لتفاقم الظاهرة أكثر فأكثر وحالكلام في هذا الواقع لا يخرج عن دائرة الشعارات.
أمام هذا الانتشار لهذه الظواهر المعيقة لتقدم المجتمع، هل يعكس ذلك في نظركم فشل السياسات العمومية المتبعة في هذا المجال؟
نحن نعيش اليوم وبشكل واضح فشل السياسات العمومية الوطنية وكذلك الدولية في التعاطي مع هذه الآفات والدليل على ذلك أننا أصبحنا أمام دول معروفة في هذا المجال مثل التيلاند وبعض الدول الأسيوية الأخرى، وأمام هذه المعطيات المتوفرة وإن لم تتخذ الإجراءات والتدابير الكافية فإننا لن نبقى استثناءا في موضوع السياحة الجنسية وغيرها من الآفات موضوع حديثنا اليوم. ولذلك يبدوا لي أن الدور اليوم هو على المجتمع المدني وخاصة في مجالات الدعارة والسياحة الجنسية ومع الأسف حتى على مستوى المجتمع المدني فإن المبادرات تبقى قليلة ومحدودة في هذا المجال، أما الجريء منها والحيوي فيبقى جد محدود. وهكذا نلاحظ أن سمعة المرأة المغربية مثلا اليوم أصبحت لها سمعة سيئة في بلدان الخليج نموذجا، غير أنه وإذا استثنينا الصحف كمتحدث عن هذه المواضيع قلما نجد من يتابع هذه الظواهر ويحاربها. وكأنها ما تزال موضوعا يشكل طابو، ويبدوا أن للعامل الاقتصادي دور في كل هذا لأن هو من يدفع العديد من الناس إلى مثل هذه المخاطر، فالفقر واضح اليوم والكل ساكت عن هذه المواضيع على اعتبار أنه يحل جزء من مشاكل اقتصادية معينة.
إلى أي حد يمكن أن نعتبر أن هناك تواطؤ بين واضعي السياسات العمومية للدولة والمستفيدين من تفشي هذه المعضلات من قبيل التساهل مع هذه الظواهر ودعمها والمساعدة على انتشارها؟
أنا شخصيا لا أستطيع أن أتحدث عن وجود تواطؤ، لأن الأمر يتطلب مني التوفر على العديد من المعطيات، ولكن يمكن أن نقول أن هناك صمت وإهمال، خاصة أننا أمام ظواهر يمكن التحكم فيها، فالبنسبة مثلا للقمار والألعاب التي تدور في فلكه فإننا نجد اليوم في بعض لعب الأطفال والبعض من الحلويات التي يشترونها وفي أغلفتها بعض المسابقات التي تعتمد على الحظ، وهذه مسألة خطيرة حيث أننا نعلم الطفل منذ البداية الاعتماد على الحظ وأنه بإمكانه أن يربح بدون جهد، أضف إلى ذلك العديد من البرامج الإعلامية في التلفزيون والإذاعات التي لا أدري هل يمكن أن نتحدث عن وجود تواطؤ؟ لكن عموما لا أرى بأن هناك إرادة راغبة وواضحة تريد تغيير هذه الظواهر وهذا ما يؤكده الإعلام من خلال لهته وراء هذه الأشياء وما يتم من تربية للناس على الوهم خاصة في صفوف الضعفاء والفقراء لأن الأميين بشكل أساس هم من يكون أكثر عرض لهذه المخاطر وضعفهم المعرفي ذاك ñوالإنسان عموما ضعيف- هو ما يجعلهم يتلهفون أكثر على أمور القمار والربح الذي لا يستند إلى جده ولا كد ولا تعب. وهكذا وبدلا من أن ندفع الناس إلى العمل وبدل المجهود في التحصيل المادي وتحسين الوضعية نوهمهم أنه بواسطة اللعب والحظ يمكن أن نصل إلى ذلك، ويتم خلط هذا الأمر بالموسيقى وغيرها، وعليه فأنا شخصيا لا ألاحظ أن هناك سياسة واضحة لتغيير هذا الواقع وتجاوز هذه الظواهر بل بالعكس هناك نوع من تسهيل الوصول واللجوء إلى هاته الظواهر وكأنها أصبحت من أمور المتعة أو الترفيه ومن الأمور العادية والتي لا مشكل فيها.
إذن ترون أن في هذه الأمور ضربا وتهديما لقيم الجد والاجتهاد والمسؤولية؟
طبعا وبدون أدنى شك، فلما نوجه الإنسان إلى أن يصبح مصيره ومستقبله في يد الحظ فهذا بطبيعة الحال يعد ضربا للقيم الأساسية التي وجد من أجلها الإنسان، والتي على رأسها أن يكون فاعلا لأن قيمته في فعاليته، وفعاليته ينبغي استثمارها عبر تنمية قدراته وتوجيهه إلى اكتشاف هذه القدرات حتى وإن كان هذا الإنسان يرى أنه لا قدرات له، ومن هنا يأتي دور التربية والتعليم ووسائل التنشئة ليجعل الإنسان يكتشف قدراته وينمها حتى يصبح فاعلا، أما حينما نوجهه نحو الحظ فإننا نضرب كل هذه القيم عرض الحائط،؟ ونصبح ندور في دائرة مفرغة لأن الإنسان إذا دخل في تعاطي الدعارة أو القمار أو المخدرات فإننا نكون ندور في الفراغ لأن انتظار الأحلام الوهمية لن تولد إلا الضعف السيكولوجي وخسران الإنسان لنفسه وعندما يخسر نفسه سيخسر حياته، لأن مع هذه المرحلة يصعب حتى التأثير عليه بالموعظة التربوية أو بالخطاب أو بالتوعية وغيرها، لأنه كلما دخل تلك المجالات وتمكنت منه كلما خسر صورة ذاته وكلما خسرت صورة الذات كلما ارتبط بهذا المجال أكثر وكلما فشلنا في إخراجه من هذا المجال.
ما هي بعض المقترحات التي ترين أنها يمكن أن تشكل مدخلا للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة في مجتمعنا أو على الأقل للحد منها؟
عندا نريد الحديث عن المقترحات ينبغي أن نسجل بداية أن هذه الظواهر كانت موجودة منذ القدم، فهي ظواهر مرتبطة بضعف الإنسان وبأناس لهم ميولات معينة وشخصيات هشة وضعيفة وشخصيات أخرى مريضة، وبالتالي فإن القضاء على هذه الظواهر بشكل نهائي ير ممكن لأنها مصاحبة لوجود الإنسان، لكن الخطير في تقديري هو أن تتحول هذه الظواهر إلى ظواهر عامة تمس شرائح واسعة من الناس وهنا نتحدث عن ظاهرة خطيرة تدل على أن هناك خلل، والخلل بالنسبة للمغرب وبالنسبة للأطفال على وجه الخصوص وما يتعلق من سياحة جنسية وقمار ودعارة فهذا أمر يرتبط أولا وقبل كل شيء بالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بالعدل للقضاء ليس على الفقر ولكن على الفوارق الطبقية الصارخة التي هي في تزايد حتى اليوم، فالإنسان كلما شعر بالإقصاء كلما اتجه إلى الخيال وإلى الطرق الغير السليمة للرفع من صورة الذات ومن قيمتها وهذا أمر يشمل اليوم حتى بعض المتعلمين عندما يشعرون بالإقصاء فما بالنا بالإنسان الفقير وغير المتعلم، ثم بعد ذلك يأتي التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم في المدارس بصفة خاصة وثم في وسائل الإعلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.