أقدم ضابط للشرطة في مدينة خريبكة، أول أمس، على محاولة إحراق نفسه أمام باب الإدارة الإقليمية للأمن في المدينة، قبل أن يتم إنقاذه في اللحظة الأخيرة بعد تدخل رجال الأمن وبعض المواطنين. هذا المشهد المرعب لرجل أمن، من المفروض أنه يحمي المواطنين، يعيد التذكير بأن رجال الأمن في بلادنا هم في حاجة إلى من يحميهم هم أيضا. ومهما كانت الأسباب المباشرة التي دفعت ضابط خريبكة إلى الإقدام على هذا العمل كنوع من الاحتجاج، فإن هذا العمل في حد ذاته يدق ناقوس الإنذار بشأن وضع فئة مهمة من المواطنين لها هي الأخرى شكاواها ومشاكلها الطاحنة. لا يجب أن ننسى أن عدم تطبيق القانون والتعدي على مقتضياته عن طريق الإخلال بها وانتشار الرشوة والفساد أدت كلها مجتمعة إلى سقوط هيبة القانون، وبسقوط هذه الهيبة سقطت هيبة رجل الأمن الذي أصبح يتعرض للكثير من الممارسات من لدن البعض ممن يعتقدون أنفسهم فوق القانون، بل وأصبح يقع أحيانا ضحية التطاول على القانون والتلاعب به، حيث لم يعد هو نفسه مطمئنا على مصيره، وهو يرى باستمرار المساطر القانونية يتم خرقها أمام عينيه. رجال الأمن اليوم أمام حاجتين، الحاجة الأولى هي إعادة الاعتبار إلى القانون في حياتنا اليومية، وأن تكون سلطة القانون فوق كل شيء، والثانية هي إعادة الاعتبار إليهم كفئة اجتماعية لديها حاجيات، فالكثيرون يعتبرون أن الزيادة في الرواتب التي استفادوا منها قبل أشهر قليلة لم تكن كافية، والأكثر من ذلك أن تلك الزيادة لن تحتسب في نظام المعاش لأنها لم تكن زيادة في الأجر الأصلي، بل كانت فقط بمثابة نوع من التعويضات التي تسقط بإحالة الموظف على التقاعد.