ساد الهدوء، يوم الأحد الأخير، في القاهرة عقب صدامات دامية أوقعت أكثر من مائتي جريح أثناء محاولة متظاهرين بلوغ مقر المجلس العسكري. وقد أُعلن أن النيابة العسكرية ستحقق في الصدامات، في حين دعت الحكومة إلى التهدئة والحوار. ويخيم هدوء حذر على ميدان التحرير الذي انطلقت منه مساء أول أمس المسيرة التي حاولت بلوغ وزارة الدفاع، حيث مقر المجلس العسكري. وقد أعلن مصدر قضائي أن النيابة العسكرية ستحقق في صدامات العباسية للوصول إلى المتسببين فيها، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة «الأهرام». وقبل هذا الإعلان بساعات كان 18 حزبا وائتلافا قد دعت إلى تشكيل لجنة محايدة للتحقيق فورا في ما قالوا إنه اعتداءات استهدفت المشاركين في المسيرة. وقالت القوى الموقعة على البيان إنه يتعين على المجلس وعلى حكومة رئيس الوزراء عصام شرف تحمل مسؤولية الأحداث التي شبهتها ب«موقعة الجمال» في الهجوم الذي تعرض له المتظاهرون في ميدان التحرير من قبل «بلطجية» يوم 2 فبراير الماضي، واستخدمت فيه الجمال والخيل. وجاء في البيان ذاته أن التحقيق ينبغي أن يشمل من حرض في وسائل الإعلام ضد المتظاهرين. ومن بين الموقعين على البيان ائتلاف شباب الثورة وتحالف القوى الثورية وأحزاب التجمع والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي. أما رئيس الوزراء عصام شرف فحث القوى السياسية والحركات الثورية والشبابية، في بيان له، على العمل لتحقيق الهدوء والاستقرار واعتماد لغة الحوار لتحقيق أهداف الثورة. ووعد رئيس شرف بترجمة أهداف الثورة، وأكد أن العمل سيسير في المرحلة المقبلة في إطار التنسيق الكامل بين الحكومة والقوى والحركات السياسية. وكان رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي، قد قال، في كلمة موجهة إلى الشعب المصري في ذكرى ثورة 23 يوليوز، إن المجلس عازم على بناء دولة مدنية وترسيخ أركان الدولة الديمقراطية من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة. وكانت وزارة الصحة قد ذكرت أن 231 شخصا أصيبوا في الصدامات العنيفة التي جرت في العباسية بين مؤيدين للمجلس العسكري الحاكم ومحتجين من ائتلافات شبابية تطالب بتسريع وتيرة الاستجابة لمطالب الثورة. وقالت إن 39 من بين المصابين تلقوا العلاج في المستشفيات، وكان عدد منهم مصابا على الأرجح بارتجاج في المخ. واندلعت الصدامات في حي العباسية، مساء يوم السبت الفارط، عندما حاول بضعة آلاف من مجموعات شبابية -بينها حركة 6 أبريل- الوصول إلى وزارة الدفاع حيث مقر المجلس العسكري. وبينما أغلق الجيش المنافذ المؤدية إلى وزارة الدفاع، اصطدم المتظاهرون -الذين انطلقوا من ميدان التحرير- بمئات المناهضين للمسيرة، لتبدأ مواجهات استمرت ساعات واستخدمت فيها الحجارة وأسلحة بيضاء. وأثناء محاولتهم الوصول إلى مقر المجلس العسكري، ردد المتظاهرون شعارات مناهضة للمجلس بلغت حد المطالبة بحله، في حين رد الفريق الآخر بهتافات مؤيدة للمجلس وللجيش. وجاءت الصدامات العنيفة في العباسية عقب اتهام المجلس العسكري، للمرة الأولى، حركة 6 أبريل بالسعي إلى إثارة الفتنة والوقيعة بين الجيش والشعب. وسبق هذا الاتهام اتهام آخر من تيارات إسلامية للحركة بكونها تعمل على ضرب الاستقرار. لكن الحركة نفت تلك الاتهامات وقالت إنها أرادت، عبر المسيرة التي نظمتها، إبلاغ المجلس العسكري رسالة واضحة بضرورة نقل السلطة في مصر إلى مؤسسات مدنية منتخبة وتلبية مطالب الثورة، ومن بينها محاكمة رموز النظام السابق، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك وقتلة الشهداء. وقد أثار تصعيد الاحتجاجات ضد المجلس انتقادات من قوى سياسية، ومنها بعض الجماعات الإسلامية التي اتهمت حركة 6 أبريل والمتحالفين معها بالسعي إلى إشعال مواجهة مع الجيش. وكانت جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى قد رفضت المشاركة في مظاهرات الجمعة الماضية التي سميت «جمعة الحسم». ودعا الإسلاميون إلى مليونية الجمعة المقبلة، تركز على رفض المجلس العسكري تشكيل لجنة لوضع مبادئ حاكمة للدستور.