لم تفتح الزاوية الكبرى للطريقة البودشيشية أبوابها في مداغ في وجه مريديها، كما كان منتظَرا، مساء يوم أول أمس السبت، لإحياء الليلة الكبرى للمصادقة على الدستور الجديد. فقد دخل شيخ الزاوية في خلوته في قرية «النعيمة» في ضواحي وجدة وأصدر تعليماته لمريديه في فروع الزاوية في كل من الرباطوالدارالبيضاء وفاس ومراكش وأكادير وطنجة وبني ملال لإحياء هذه الليلة التي قرئ فيها القرآن ودلائل الخيرات وصحيح البخاري، واستمرت من صلاة المغرب إلى منتصف الليل. وقال لحسن السباعي، المسؤول الإعلامي للزاوية، إن ظرفية الصيف وارتباط المريدين والأتباع بالعطلة دفع الزاوية إلى الاكتفاء بتنظيم هذه الليلة في الفروع. واسترجع السباعي، في حديثه عن هذه الليلة، صورا متألقة من تاريخ الزوايا في المغرب. وأورد أن القبائل في مراكش قرأت «اللطيف» في الزوايا والمساجد قبل المشاركة في معركة وادي المخازن، وتذكر أبو المحاسن الفاسي، وهو في القصر الكبير رفقة أتباعه، معركة «بدر» ضد المشركين، كما قامت الحركة الوطنية بقراءة «اللطيف» في المساجد والزوايا ضد الاستعمار الفرنسي. وقال إن «المعركة الآن ليست ضد أحد، لكن الزاوية تطلب الرحمة والسكينة والاستقرار لهذا البلد الآمن». وعادة ما تتحول مدينة بركان، وفي ضاحيتها بلدة مداغ، التي يوجد فيها المقر الأم للزاوية، في مثل هذه المناسبات، إلى قِبلة للمريدين والأتباع وعدد كبير من وسائل الإعلام الوطنية والدولية التي تحج إلى الزاوية لمواكبة مثل هذه الأحداث. وقبل أن تحيي الزاوية البودشيشية ليلة الدستور، سبق لها أن جندت أتباعها للمشاركة في مسيرة ضخمة في الدارالبيضاء يوم السبت، 26 يونيو الماضي، للدعوة إلى التصويت ب«نعم» على الدستور الجديد. وقد قُرئت هذه الخرجات على أن الزاوية ترد بطريقتها الخاصة على خرجات جماعة العدل والإحسان، في إطار حركة 20 فبراير، للتعبير عن معارضتها الدستور الجديد. وقلل لحسن السباعي، المسؤول الإعلامي للزاوية، من قيمة هذه القراءة، موردا، في تصريحات ل«المساء»، أن إحياء مثل هذه الليالي يدخل في «تقاليد» الزاوية. وأشار إلى أن البودشيشيين عادة ما يُحْيُون كل سبت ليلتهم، لكنهم في بعض الأحيان يحيون ليالي خاصة، من قبيل ليالي «الصحراء المغربية». واعتبر السباعي أن الزاوية تتكيف مع المستجدات، و«الدستور يتطلب مساندة الجميع». وقال في جوابه عن سؤال ل«المساء» يتعلق بربط هذه الخرجات باحتجاجات جماعة العدل والإحسان، الجماعة الإسلامية المعارضة غير المرخصة التي خرج زعيمها عبد السلام ياسين من رحم الزاوية، إن «العدل والإحسان خرجت إلى الشارع وعبّرت، ونحن كذلك نُعبّر. وقد عبّرنا بقوة».