قرر مجلس المستشارين إحالة مشروع القانون رقم 09 -32، المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لتعديله، بعد الاتصالات المكثفة التي أجراها أعضاء المكتب المسير للجمعية الوطنية للموثقين المتمرنين بأعضاء من المجلس قصد إدخال تعديلات على المواد التي تشكل، حسب الموثقين المتمرنين، «خطرا» على مهنتهم مستقبلا، وخاصة المادة ال128 منه. وقد مثلت هذه الخطوة التي خطاها مجلس المستشارين فرصة لتجديد الحياة داخل مكاتب اشتغال الموثقين المتمرنين، الذين اعتبروا القرار الذي اتخذته لجنة الرؤساء في مجلس المستشارين «قرارا تاريخيا وجريئا يُكتب بمداد من ذهب»، بعد أن خاضوا من أجل تحقيقه ثلاث وقفات متتالية أمام البرلمان في الرباط، أيام 11، 12 و13 من الشهر الجاري، رافعين شعارات تندد بما أسموه «احتكارا» لمهنة التوثيق العصري وتستنكر ما وصفوه ب»تواطؤ» من أجل إقصائهم. وحسب نص المذكرة، التي تتضمن مقترحا تعديليا لنص المادة ال128 من مشروع القانون رقم 09 -32، والتي توصلت «المساء» بنسخة منها، فإن هذه المادة تشكل إجهازا على وضعيات وحقوق اكتسبها الموثقون المتمرنون وأنتجت آثارا قانونية مهمة لهم، في ظل القانون الحالي وبسببها التزموا بالتمرين كخطوة لنجاحهم في الامتحان المهني، وبالتالي تعيينهم كموثقين. وقد كان هدف المقترح التعديلي الذي وجهته جمعية الموثقين المتمرنين إلى كل من رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان وإلى رؤساء الغرف البرلمانية، من خلال هذه المذكرة، هو إثارة انتباه هذه الجهات إلى المشاكل الناجمة عن هذه المادة في حال تمت المصادقة على المشروع دون تعديلها. وتتجلى هذه المشاكل -حسب الموثقين المتمرنين- في أن المادة ال128 يشوبها، على حد تعبيرهم، «خرق دستوري» يتعلق بمبدأ عدم رجعية القوانين، فقد حصرت، على حد قولهم، حق المتمرن في اجتياز الامتحان المهني في مرتين بدلا مما هو عليه الأمر حاليا في إطار ظهير 4 ماي 1925، المنظم لمهنة التوثيق العصري، الذي ينص في مقتضياته على حق المتمرن في التقدم إلى الامتحان على رأس كل سنة دون تحديد أو تقييد، فالمادة ال128 من المشروع لم تأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي عاناها المتمرنون، والتي تتجسد، بالأساس، في طول فترة سنوات التمرين، التي يؤكد الموثقون المتمرنون أنها تتجاوز في الغالب 14 سنة، مما يؤدي إلى ضياع حقوقهم، خاصة بعد إقصائهم من مشروع القانون الذي كانوا يأملون أن يحفظ حقوقهم بدل أن يضيعها. ويشتكي الموثقون الذين خرجوا عن صمتهم بعد الوقفات الاحتجاجية التي قاموا بها، والتي تعد الأولى من نوعها، من مجموعة الإكراهات التي تقف عائقا أمام تقدمهم، حيث يعانون من غياب إطار قانوني منظم لممارسة التمرين في دواوين التوثيق، فضلا على أنهم يتلقون تعويضات جد هزيلة لا ترقى إلى مستوى القيمة المضافة الناتجة عن الأعمال والمجهودات التي يقدمونها لمكاتب تمرينهم، والتي لا تلبي حاجياتهم الشخصية والتزاماتهم العائلية، بل هناك منهم من لا يتلقى أي تعويض يذكر.