ما زال موضوع الانتخابات المقبلة يطرح الكثير من الإشكالات داخل المشهد السياسي المغربي، إذ يبدو أن لا أحد يعلم إلى حد الساعة تاريخا محددا لإجراء الاستحقاقات القادمة بعد التصويت على الدستور الجديد، على الرغم من النقاش المستفيض حولها قبل الاستفتاء والتشديد على أهمية أن تكون انتخابات تعكس المناخ الجديد الذي انخرطت فيه البلاد بعد نجاح محطة الاستشارة الشعبية حول الدستور الجديد الذي يرى فيه الكثيرون إطارا مغايرا لممارسة سياسية وانتخابية مختلفة عما شهدته بلادنا في السنوات الماضية. وقد ازداد الأمر غموضا عندما صرح وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن موعد الانتخابات المقبلة سيتطلب توافقات سياسية بين مختلف المكونات. كلمة «التوافق» تنتمي إلى مرحلة أخرى من تاريخ المغرب، نعتقد أنها طويت اليوم، والأكثر من ذلك أنها توحي للمغاربة بأمور ليست كلها إيجابية، لأن التوافق قد يشير إلى اللعب خارج الإطار الذي يحدده القانون ويوحي بأن هناك أمورا يتم السكوت عنها. والحال أن بلادنا دخلت حقبة جديدة بعد دستور 2011 الذي يجب أن تليه إجراءات سياسية واضحة وملموسة، ومن ضمن هذه الإجراءات تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة في وقتها، لأن الجميع يتطلع الآن إلى ما يمكن أن ينتج عن الممارسة السياسية الجديدة من فرز سياسي واضح من شأنه أن يكشف عن الخريطة السياسية المقبلة في البلاد. وفي الوقت الذي يسود فيه نوع من التردد في موعد إجراءات الانتخابات، ويروج فيه الحديث عن إمكانية التأجيل بسبب الوقت الذي قد يستغرقه النقاش حول قانون الانتخابات والتقطيع الانتخابي بين الفرقاء السياسيين، هناك من يرى أهمية تقديم الانتخابات الجماعية على الانتخابات التشريعية، رغم أننا عشنا تجربة الجماعيات قبل أقل من ثلاث سنوات فقط، لكن المطلوب هو أن يتم الحسم في الانتخابات التشريعية التي تعد المرآة العاكسة لحقيقة المشهد السياسي في البلاد. صحيح أن الانتخابات الجماعية هذه المرة سيكون لها طابع جديد، نظرا إلى ارتباط ذلك بورش الجهوية، إلا أن الانتخابات التشريعية تبقى المحك الرئيسي لأي خريطة سياسية حقيقية في البلاد.