في يوم الجمعة الماضي، الموافق لفاتح يوليوز، احتفلت كندا بعيدها الوطني، وفيه انطلقت في ملعب «لارجانتيار» بفرنسا مسابقات العالم لقوارب الكياك. في الفاتح من يوليوز أيضا، دشنت الصين الخط فائق السرعة الرابط بين بكين وشنغاي والذي يربط المدينتين في أقل من خمس ساعات. وقد كلف إنجاز هذا الخط، الذي يبلغ طوله 1320 كلم، 23 مليار أورو. في اليوم ذاته تولت بولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي، كما طرحت في هذا اليوم شركة «هيولت باكار» في السوق الأمريكي، لأول مرة، لوحتها الرقمية في اسم «توتش باد» بثمن 499,99 دولار. في الفاتح من يوليوز، قاربت الحرارة 45 درجة في مدينة خريبكة فيما أعلنت الأرصاد الجوية 41! مما يدفعنا إلى التساؤل عن ديمقراطية أحوال الطقس في بلد يطمح إلى الديمقراطية. في الجمعة الماضي، الموافق لفاتح يوليوز، تزوج أمير موناكو من الآنسة شارلين ويتستوك، بطلة السباحة... المهم عرف هذا اليوم دزينة من الأحداث.. لكن أهم حدث عرفه يوم الجمعة الماضي، هو حفل زفافي بالآنسة عيشة بوطوكس، «صانها الله من كل أذى»، كما جاء في الإعلان الذي نشرناه بصورتينا، بثمن محترم في إحدى الجرائد الوطنية! نعم، قمت بالواجب، أكملت ديني وأنتظر البقية.. إقامة حفل الزفاف يوم الجمعة، وكما جاء في إحدى فتاوى الشيخ لعوينة، يضاعف، والله أعلم، من الحسنات ويبطل المعاصي.. ولي في باب المعاصي سجل حافل. خلافا لأناس كثيرين يبدون التبرم والحيطة من يوم الجمعة، فأنا أعتبره من الأيام العادية. فأيام الله عندي «كيف كيف» مع أفضلية لهذا اليوم الذي تبقى له في مخيلتي نكهة مقدسة نظرا إلى ارتباطه بسوق «جمعة سحيم» المعروفة بجودة «الفكوس» و«الكرعة»، لارتباطه بصلاة الجمعة ووجبة الكسكس الخالدة التي تهيئ الجسد والروح لقيلولة ساعة أو ساعتين. و«اللي بغا يربح العام طويل»! آه، كدت أنسى -وهي من علامات ألزايمر، الله يحفظ- عرف المغرب في هذا اليوم حدثا في غاية الأهمية، ألا وهو تنظيم الاستفتاء على الدستور! تزوجت إذن ولم أصوت. شخصيا، لا رأي لي في الموضوع، واستعصى علي التمييز بين أصحاب «إيه» وأصحاب «لا»، وبقيت في حيرة من أمري. فأنا من أصحاب «نعم» إذا تعلق الأمر بالزيادة في الأجور، الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، «ديما أوكي، بل ألف أوكي». وعليه، لما شاهدت عباس الفاسي، الله يكون في عونو، يخر من التعب مرددا «عييت»، قلت في قرارة نفسي إن السياسة في البلاد «شرفات» وابتعدت عن أصحاب السياسة. تزوجت إذن ولم أصوت. لكن أليس الزواج أداء لواجب؟ لكنني، ما تخدوهاش مني قلة صواب، تداركت الموقف بالقيام بواجبي الوطني، وذلك باللجوء إلى التصويت الافتراضي. لا أدري إن كنتم مثلي ميالين إلى التكنولوجيات الحديثة والتي توفر لنا حياة افتراضية تعوض الحياة الواقعية البسيطة، بل المبتذلة، والتي لا يعرفك فيها الآخرون ولا يعترفون بك. اكتشفت مؤخرا لعبة افتراضية جهنمية بموجبها يمكنك أن تصنع شبيها لك، تمنحه ما تفتقده في الحياة الطبيعية، من الوسامة والذكاء والقوة العضلية.. هكذا ابتكرت «أفاتار» في اسم معيطي، هو نسخة منقحة لي... وقد تطلب مني إعداد ال«أفاتار» أسبوعين من العمل المتواصل. يوم حفل الزفاف، تركت «الفقهة» في الصالون يقرؤون سورة النمل وتسللت إلى غرفة النوم. قصدت جهاز الكومبيوتر لتحريك الأفاتار معيطي، بالصوت والصورة، وسط مجتمع احتمالي رتبت أشخاصه بعناية تامة، وهو الذي ناب عني في عملية التصويت على الدستور. استنسخت مدينة خريبكة زنكة زنكة. وفي الشارع الرئيسي، ركبت مشهدا بثلاثة أبعاد، بطابور من المتظاهرين يتقدمهم «كارو»، اعتلته «شلة» من الشبان التحفوا العلم الوطني وهم يرقصون و«يردحون»، مرددين «زيد دردك، عاود دردك..». لما اقتربوا من النافورة (كاين غير نافورة وحدة في خريبكة)، استقبلهم وفد من لمقدمين والشيوخ (ما عندهم بترول!). كنت في الصف الأول، أحمل بوقا بصفتي رئيسا للتنسيقية. رفعت يدي لإيقاف أصحاب الجرة، طالبا الصمت والانتباه قبل أن أخاطب الحضور: «واعباد الله، الحق بان والزفوط طار. والديمقراطية جات تاتحبو عندنا». تعالت الزغاريد، وانفجر الحضور بالتصفيقات... تابعت صادحا في البوق: «هادوك موالين عشرين فبراير غادي يعشش لكمل فروسهم...». زغاريد من جديد.. طلب رئيس «لمقدمية» مرة أخرى الصمت من الحضور. «نعم وألف نعم... ما فيها تخرشيش. راحنا رابحين»... فجأة، دخلت عيشة بوطوكس إلى البيت لتجدني، أمام الكومبيوتر، سابحا في عالمي الافتراضي. خاطبتني معاتبة: «أيوا يا المعطي: خليتي الفقهة يضربو كسكسو وجيتي تلعب مع ميخيات !!».