اهتزت منطقة الكاموني على وقع جريمة قتل أسبابها تبقى تافهة، حسب ساكنة المنطقة، التي استنكرت وقوعها في ظروف سريعة ومتسرعة لقي فيها (ا.ك) مصرعه بجماعة سيدي علال البحراوي، التابعة لدائرة تيفلت بإقليم الخميسات، متأثرا بجروح جد خطيرة أصيب على إثرها بعد الاعتداء عليه من طرف شابين يقطنان بنفس الجماعة بواسطة الأسلحة البيضاء، التي كانت بحوزتهما بالسوق اليومي الخاص ببيع البطيخ الأحمر(الدلاح) المعروفة به منطقة الكاموني. وخلفت الحادثة حزنا وتذمرا لدى كل من تابعوها، والتي وقعت في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال، وتميزت بوقوع اعتداء خطير على الضحية البالغ من العمر 18 سنة، الذي تم نقله إلى المستشفى المحلي لمدينة تيفلت، حيث فارق الحياة بقسم المستعجلات نظرا للإصابات الخطيرة، التي كان يحملها في جميع أنحاء جسمه، وخصوصا جهة رأسه وبطنه جراء الطعنات القوية التي أصيب بها حينها من طرف الشابين، اللذين كانا في حالة هستيرية. ويتعلق الأمر بالمتهم الأول المعروف لدى الأوساط المحلية بولد «الحز كور» والمتهم الثاني الملقب ب«ولد اللماز». وقوع الجريمة كان الضحية دائم الشجار مع الشابين، وكان يحتقرهما ويستعمل معهما القوة، ويرفض مزاولتهما مهنة بيع «الدلاح»، وهي التجارة التي تعرف رواجا تجاريا بالمنطقة الزمورية في فترة العطلة الصيفية.وخلال صباح وقوع الجريمة، وقع خصام وشجار حادان ما بين الهالك والشابين، وهو ما دفعهما إلى مغادرة السوق وهما يشتمان في الضحية ويصرخان بأنه أصبح يشكل لهما حجر عثرة للبحث عن قوت يومهما.وبعد إحساسهما بالحكرة والغبن والتشويش عليهما أمام أنظار تجار نفس السوق والزبناء، الذين كانوا يتوقفون لشراء «الدلاح» قرر الشابان عدم التسامح معه هذه المرة، حيث استعانا بسكينين من الحجم الكبير لدى أحد بائعي اللحوم بمركز الجماعة، وذهبا للبحث عن الهالك الذي وجداه بإحدى المقاهي، وفي رمشة عين قام أولهما بضربه من الخلف بواسطة السكين، الذي كان يحمله بيده، في حين قام المتهم الثاني بطعنه في صدره وبطنه وقاما بالاعتداء عليه دون إعطائه أي فرصة للدفاع عن نفسه، ليفرا بعد ذلك إلى وجهة مجهولة. الدرك بمسرح الجريمة أمام هول صدمة المواطنين الذين كانوا بمكان مسرح الجريمة التي وقعت بسرعة وفي غفلة عين لكل من يعرف الضحية والشابين معا، تم إخبار رجال الدرك الملكي بنفس الجماعة. وبعد حضورهم متأخرين إلى عين المكان، وهو الأمر الذي خلف استياء لدى المواطنين، الذين تجمهروا قرب مكان وقوع الجريمة، انطلقت الأبحاث والتحريات الأولية من طرف عناصر سرية الدرك بالكاموني، التي أسفرت في بداية الأمر عن إلقاء القبض على واحد من المتهمين، الذي تم التعرف على هويته، والذي تم اعتقاله، وفتح تحقيق معه لمعرفة أسباب قيامه هو وصديقه باقتراف تلك الجريمة غير المتوقعة، حيث اعترف بأن الهالك معروف بتعنته وعجرفته واستعمال القوة في حق كل من يخالفه الأمر أو الرأي، مضيفا بأنهما كان كل مرة يقومان بالحلول بالسوق اليومي لبيع «الدلاح» كانا يبخس سلعتهما أمام الجميع. وأوضح المتهم أنه رغم الحديث إليه أكثر من مرة بأن ما يقوم به أمر غير قانوني وغير أخلاقي ولا يحق له التعامل معهما كأنهما غريبان عن المنطقة ومنعهما من بيع البطيخ الأحمر، الذي يعملان على شرائه من الحقول والمزارع المجاورة للكاموني ومنطقة الغرب واستقدامه إلى السوق بعد تحمل مصاريف التنقل والشراء ورغبتهما في كسب قوت يومهما حلالا طيبا، وهو الأمر الذي لم يكن يتقبله الهالك، الذي زاد من شتمه لهما يوم وقوع الجريمة، التي تأسف المتهم لوقوعها بعدما أحس هو وزميله فعلا بأن (ا.ك) أصبح «سلطان» زمانه، وأنه حان الوقت للحد من تصرفاته معهما ومع العديد من تجار السوق، مبديا ندمه على الوقوع في تلك الورطة والجريمة، وهما اللذان كانا فقط ينويان العمل بعرقهما دون الدخول في متاهات أودت بالهالك إلى القبر وبهما إلى السجن. المتهم الثاني يسلم نفسه اضطر المتهم الثاني في جريمة القتل، بعد علمه بأنه تم إلقاء القبض على صديقه في النازلة واعترافه بتفاصيلها، إلى تسليم نفسه بعد تدخل أهله وأقربائه بغرض منعه من الهروب إلى وجهة مجهولة، بعدما أحس بأنه فعلا ارتكب خطأ فادحا وبعد إحساسه رفقة المعتقل الأول بأن الأمور خرجت عن الإطار، وأن (ا.ك) فارق الحياة متأثرا بتلك الطعنات الخطيرة التي تلقاها من طرفهما، ليضطر أهله وأقرباؤه للتدخل لديه في المكان، الذي اختبأ فيه بغرض إقناعه بتسليم نفسه،لأن اقتراف الجريمة والهروب خطر عليه أولا من طرف أسرة الضحية، التي لم تتقبل ماحدث لقريبها الهالك، وثانيا لأنه سيبقى مبحوثا عنه حيثما حل وارتحل، وأن مصيره سيكون السجن بعد قيامه بفعلته الإجرامية والفرار. الاعترافات التي أدلى بها المتهم الثاني في محاضر الدرك الملكي بالبحراوي كانت مطابقة لأقوال المتهم الأول، باعتبار أن الهالك كان يسبهما ويشتمهما كلما حلوا بنفس السوق اليومي لبيع «الدلاح»، وأن استفزازاته زادت عن حدها رغم محاولة تجنبه وعدم الظهور إليه عند تواجدهما واستقدامهما سلعتهما، لكن كل ذلك لم يزده سوى تحرشا بهما وعدم الاكتراث بطلباتهما وتوسلاتهما لتركهما في حالهما وعدم التعرض لهما أو التكلم معهما. لكن مازاد من تأثرهما خلال كل مرة، يعترف المتهم الثاني، هو التعنت المستمر واللهجة التي تنم عن الحقد والغيرة منهما، باعتبار أن «الدلاح»، الذي كان يستقدمانه لبيعه كان من النوع الجيد وكان يعرف إقبالا لشرائه، سواء من طرف التجار الكبار أو أصحاب السيارات الذين كانوا يقفون لشراء البطيخ الأحمر. إحالة على القضاء بعد استكمال جميع الإجراءات القانونية والاستماع إلى المتهمين، اللذين تم التعاطف معهما والحسرة على الهالك، وبعد التطرق إلى جميع حيثيات الواقعة في محاضر قانونية وإعادة تمثيل الجريمة بنفس الموقع وبحضور أصدقاء الضحية ومعارفه وأهل الشابين، تمت إحالتهما في حالة اعتقال على أنظار وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بالرباط بتهمة الضرب والجرح المؤديين إلى الوفاة، مع حجز أداة الجريمة التي كانت عبارة عن سكينين من الحجم الكبير تم أخذهما من أحد الجزارين في غفلة منه بعد تعرضهما للاستفزاز في ذلك اليوم المشؤوم.