«صمام أمان الحركة» أو «الذراع الخلفي للحركة».. هو المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير، الذي يتكفل بتقديم الدعم المالي والمعنوي لشباب الحركة ويسهر على المشاركة في جميع مسيراتها منذ انطلاقها. أكثر من 96 تنظيما وطنيا، يدفع كل واحد منها مبلغ 1000 درهم من أجل تمويل أنشطة الحركة ويدعم مطالبها المنادية بالتغيير. جلس عبد الحميد أمين في منصة قاعة نادي هيأة المحامين يتصفح أوراقه وهو ينتظر توافد بقية المشاركين من أجل مباشرة أشغال الجمع العام لمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير. تأخرت الأشغال عن الموعد المحدد لها بساعة من الزمن في انتظار وصول أكبر عدد من المشاركين، الذين تحمل البعض منهم عناء السفر من مدن مختلفة من أجل المشاركة في الجمع العام الثالث للمجلس الوطني لدعم «حركة 20 فبراير»، الذي انعقد يوم السبت، 11 يونيو الجاري في الرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل دستور ديمقراطي»، والذي جاء انعقاده في ظرفية استثنائية. وتروج أخبار عن محاولات بعض مكونات الحركة السيطرة عليها و»الركوب» على مطالبها، خاصة في تنسقية الدارالبيضاء، وعن قمع متكرر لاحتجاجات الحركة منذ حوالي شهر تقريبا، وعرض لجنة التتبع الخطوط العريضة لمسودة دستور المملكة... كانت حرارة ذلك اليوم وفراغ شوارع العاصمة من الحركة الكثيفة المعتادة ينذران بجمع عام ملتهب أيضا. رجالا ونساء فرّقتهم الإيدلويوجيا وجمعتهم مطالب التغيير وإسقاط الفساد، التي نادت بها الحركة الشبابية. رجال أمن بالزي المدني كانوا يحيطون بمقر نادي هيأة المحامين، يسيرون جيئة وذهابا في زنقة أفغانستان، في حي المحيط، بينما اختار «القايد» النزول لباسه الرسمي وكأن الأمر يتعلق بوقفة عوض جمع عام في نادي هيأة المحامين.. هكذا كانت الأجواء المحيطة بانعقاد ثالث جمع عام للمجلس الوطني لدعم «حركة 20 فبراير»... 3500 درهم لمسيرة 20 فبراير و4600 لمسيرة 30 مارس كان ممثلو أكثر من 96 هيأة حقوقية نقابية وشبيبات حزبية حاضرين في الجمع العام الثالث. بدأ النقاش بالتقرير الأدبي، ثم التقرير الأهم، الذي سيلهب القاعة. ساد القاعة سكوت مفاجئ، قبيل مباشرة تلاوة التقرير المالي. تمثلت المفاجئة في «هزالة» المبلغ المالي الذي قدمه المجلس للحركة منذ انطلاقها. 15 ألفا و252 درهما كانت قيمة المصاريف التي تكفل المجلس بتوفيرها للحركة في أكثر من 3 أشهر من نزولها إلى الشارع، تتوزع بين أموال طبع النداءات، التي كلفت 7470 درهما ومكبرات الصوت 1250 درهما. سيكشف التقرير أن المجلس قدم مبلغ 3500 درهم لتمويل مسيرة 20 فبراير ليرتفع المبلغ إلى 4600 درهم خلال «مسيرة الكرامة» في 20 مارس، التي جاءت بعد الخطاب الملكي ل9 مارس. «لكن هناك هيآت تساهم في دعم الحركة بشكل مباشر دون تقديم المال عن طريق المجلس الوطني»، يقول كريم غناوي، الذي تكلف بقراءة التقرير المالي. جاء هذا الجمع العام الثالث من أجل تقرير لجنة المتابعة حول تطور الأوضاع وحول أنشطة المجلس الوطني منذ الجمع العام الثاني ووضع أرضية العمل للمجلس الوطني. فالجمع العام يتكون من ثلاثة ممثلين (منهم امرأة على الأقل) عن كل تنظيم عضو في المجلس الوطني، مع العلم أن العضوية تقتضي أن يكون التنظيم ذا طابع وطني وأن يلتزم بدعم «حركة 20 فبراير» والمشاركة في أنشطتها وأن يؤدي المشاركة المالية المحددة في 500 درهم على الأقل. جمعيات لم تؤدِّ هذا المبلغ وأخرى امتنعت بسبب عدم وجود حساب بنكي خاص لدى الحركة، وهو القرار الذي اتخذته لجنة المتابعة، خلال الجمع العام. ومن أجل حل هذا المشكل، تم رفع سقف مساهمة كل تنظيم إلى مبلغ 1000 درهم على الأقل، مع تعزيز تمثلية الشباب لهذه التنظيمات في الجموع العامة المقبلة، التي تنعقد دوريا كل أربعة أشهر، وبصفة استثنائية كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بقرار من لجنة المتابعة أو بطلب من ثلث أعضاء المجلس الوطني. من يحاول « الركوب»! «صمام أمان الحركة» أو الذراع الخلفي للحركة هو المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير، لكن أعضاءه يريدون معرفة ما يجري داخل تنسيقية الحركة في لدار البيضاء. «نريد توضيحات بخصوص مسألة الركوب»، يقول أحمد الذغرني، الذي كان أول المتدخلين في الجمع العام، قبل أن يضيف الناشط الأمازيغي بمزاحه المعهود «أنا بعدا ما راكب عليّ حد».. لتتبع تدخله أصوات ارتفعت مُطالِبة بمناقشة هذه النقطة. وما هي إلا لحظات حتى توافق المتدخلون على ضرورة تدعيم وضمان وحدة الحركة، وتم الاتفاق على إنشاء مجلس محلي لدعم الحركة في العاصمة الاقتصادية. فتدخلت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتقول إن الحركة تعرضت للتعنيف، قبل أن يطل علينا من أخبرنا أن «جهات تحاول الركوب على الحركة».. وتابعت قائلة «يجب علينا أن نرد عليه». لكن أصواتا أخرى بدأت تتعالى من أجل المطالبة بالرفع من مستوى الاحتجاج. «مستوى الاحتجاج غير كاف»، يقول عبد الحميد أمين، نائب المنسق العام للمجلس الوطني، الذي تأسس قبل انطلاق حركة 20 فبراير من أجل دعم الشعوب العربية، قبل أن ينتقل خلال الجمع العام الثاني إلى دعم الحركة الشبابية في المغرب، بل إنه دعا حتى إلى تنظيم يوم احتجاجي وطني، صادف 5 يونيو، بعدما ارتفعت موجة القمع، التي تبنّتْها الدولة من أجل إيقاف مسيرات الشباب. 80 مدينة شهدت مسيرات في 5 يونيو ستعرف قاعة نادي هيأة المحامين نقاشا مستفيضا وستظهر الاختلافات الإيديولوجية للحاضرين حول مرتكزات عمل المجلس، لكن صيغة التوافق التي اختارها المجلس كانت كافية لإذابة «جليد الخلافات» بين الحضور، وانتهت سبع ساعات من الاجتماع والاشتغال وأجمع المشاركون على إدانة تصاعد قمع ومنع الحركات الاحتجاجية وإدانة الحملة التي يتم خلالها تهديد أعضاء الحركة ومطالبتهم بفتح تحقيق نزيه وشفاف ومستقل حول وفاة «شهداء» الحركة، من «شهداء الحسيمة» إلى «الشهيد» كمال عماري. لم يمنع النقاش الدائر حاليا حول الإصلاح الدستوري البيان الختامي للجمع العام من «التشبث بحماية الأمازيغية وبدسترتها وبإطلاق كافة المعتقلين السياسيين وتوفير ظروف العيش الكريم، مع حل الحكومة والبرلمان، وضمان قضاء مستقل»... وقد عرفت حوالي 80 مدينة مغربية وقفات ومسيرات، رغم «الترهيب وقرارات المنع الموزعة بشكل عشوائي»، يقول بيان للمجلس، وهي قرارات، يضيف البيان، وُزِّعت في منتصف الليل في بعض الأحيان من طرف أعوان السلطة على عدد من الفعاليات من شباب 20 فبراير ومن التنظيمات الداعمة والمشاركة في الحركة. كما ثمَّن المجلس «الطابعَ السلمي والحضاري لكافة التظاهرات ليوم 5 يونيو 2011، معتبرا أن المتظاهرين أبانوا عن وعي ونضج وتشبث بالطابع السلمي للتحركات النضالية، مهما كانت «الاستفزازات».
مصادر تمويل الحركة لم يكن غريبا أن تستطيع الحركة خلق دينامية في المشهد السياسي الوطني، لكنْ وبقدْر ما تم تسليط الضوء عليها في وسائل الإعلام، بقدر ما تم التركيز على مشكل مصادر التمويل، خاصة بعدما ظهر شريط بثه موقع «يوتوب» يقول فيه أصحابه إنهم يكشفون حقائق صادمة حول مصادر تمويل حركة 20 فبراير. وقد كشف الشريط، الذي ركّز على تنسيقية الدارالبيضاء، أن «جمعية «ريزاك»، التابعة للبوليساريو في بروكسيل، هي الممول الرئيسي لهذه الحركة عن طريق تحويلات مالية في كل مرة بمبلغ 5500 درهم، من أجل زعزعة إيمان المغاربة بقضيتهم الترابية»... في محاولة للقول إن شباب 20 فبراير ليسوا وحدويين ويعملون ضد الوحدة الترابية للمملكة، وهو نفس الطرح الذي تم تداوله منذ البداية بعدما كانت الحركة ترغب في النزول إلى الشارع يوم 27 فبراير للتظاهر، ليضطر الشباب لتغيير التاريخ بعدما تأكدوا أن هذا التاريخ يتزامن فعلا مع ذكرى تأسيس الجمهورية الوهمية، من أجل إبعاد أي «شبهة» عن علاقتهم بالحركة الانفصالية. لكن الشريط اعتبر أن هذه المبالغ المالية، التي تقدم «بسخاء» من بعض الجهات، تُصرَف على عقد الاجتماعات وإغراء المنظمين ل»حركة 20 فبراير» وعلى تنظيم المسيرات ونقل المشاركين وعلى أماكن الاجتماعات، كالحانات والمطاعم الفاخرة في الدارالبيضاء. وحسب الشريط دائما، فإن نفقات الحركة على هذه الوقفات تتراوح خلال الأسبوع الواحد بين 80 ألفا و100 ألف درهم. وقد تطلبت 15 مسيرة ووقفة مبلغ 150 مليون سنتيم، مما يثير تساؤلات بخصوص «مصدر» هذه الأموال، وهو الأمر الذي حاول الفيديو كشفه. ويظهر الشريط في الأخير أسامة لخليفي، وهو يُعبّر عن موقفه من قضية الصحراء المغربية قائلا: «أنا كإنسان متحرر، أعتز بمغربيتي وهويتي، لكنْ من طنجة تا لأكادير، ما شي من طنجة تا للكويرة». وأعادها مرارا وتكرارا: «مْن طنجة تا لأكاديرْ ما شي من طنجة تا للكويرة، هاديك نْتعاكم انتوما»!... ليقولوا إن «أسامة لخليفي ما هو إلا انفصالي يعيش في الداخل» وتحديدا في سلا، وما يزكي هذا الطرح، حسب الشريط، هو ظهوره متلحفا بوشاح صحراوي أزرق اللون واضعاً نظارة سوداء تحميه من أشعة الشمس، وهو بصدد زيارة للانفصاليين. وكشف الفيديو، أيضا، أن مجموعة من انفصاليين الداخل انضموا إلى حركة 20 فبراير، قبل الإعلان عن أول وقفة احتجاجية في 20 فبراير الماضي، وعبّروا عن ذلك صراحة في كثير من المواقع، ومنها «يوتوب
سعيد بنجبلي وعنتيد.. غموض الخطوات كان سعيد بنجبلي أحد المؤسسين الأوائل لحركة 20 فبراير على «الفايسبوك»، انتظر أياما فقط قبل مسيرات 20 فبراير ليعلن عن نفسه. «لقد شارك فعلا في التعبئة لمسيرة 20 فبراير كما شارك فيها» يقول نجيب شوقي، أحد مؤسسي الحركة. سعيد بن جبلي المدون المغربي بعدما أفصح عن هويته قال إنه رفض الكشف عنها في البداية حتى ينصب اهتمام النقاش على المطالب والأهداف وليس على الأشخاص، إلا أنه اتخذ قرار كشف هويته تعزيزا لمصداقية الحركة واستجابة لأعضاء الصفحة، كما قال. بعد أيام من المسيرة ستقوم الحركة بالتبرؤ منه بعدما قرر الالتقاء مع بعض الأحزاب. اختفى بعدها سعيد عن الأنظار وحط الرحال في الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل الاستفادة من دورة تكوينية ، بصفته رئيس جمعية المدونين المغاربة. عاد إلى المغرب واضطرت الحركة لتتبرأ من بنجبلي، مرة أخرى ليس لأن الحركة غير مفتوحة في وجه الجميع، ولكن لأن القرارات تخرج من الجموع العامة، فتبرأت «حركة 20 فبراير» من المدون سعيد بنجلبي، الذي دعا باسم الحركة إلى عقد الملتقى الوطني التشاوري ل«حركة 20 فبراير» بالرباط ، في حين أن «قرارات الحركة وبرامجها النضالية تخرج جميعها من الجموع العامة للتنسيقيات» يقول شوقي. بنجبلي ليس الوحيد الذي وجد نفسه خارج دولاب قرارات الحركة، رشيد عنتيد لم يعد ينتمي إلى الحركة منذ أن اختار يوما فقط قبل مسيرات 20 فبراير أن يظهر من أحد فنادق العاصمة بالرباط، على وسائل الإعلام وليخبر، ابن العاصمة الإسماعيلية المغاربة، بإلغاء «حركة 20 فبراير» لمسيراتها، فقال بأن «حركة حرية وديمقراطية الآن» قد أعلنت عن إلغائها التام لتظاهرات 20 فبراير 2011 الداعية لإصلاحات دستورية وديمقراطية في البلاد. واتهم بعض الجهات بمحاولة استغلال مطالب الشباب لأغراض أخرى. بعد أكثر من ثلاثة أشهر على قرار هذا التقني في المعلوميات إلغاء «حركة 20 فبراير” عاد عنتيد ليظهر من جديد في الملتقى الوطني التشاوري ل«حركة 20 فبراير» بالرباط، الذي دعا إليه سعيد بنجبلي، والذي تبرأت منه الحركة.
نجيب شوقي.. « الثائر ضد الاستبداد إلى أجل غير معلوم» «ثائر على الاستبداد إلى أجل غير معلوم»، هكذا كان يعرف نجيب شوقي نفسه على صفحته القديمة على «الفايسبوك»، والتي تمت قرصنتها، بعد أن تحول إلى أحد شباب رموز التغيير في المغرب بعد هبوب رياح ربيع الديمقراطية. لم يكن يخشى التعبير عن مواقفه اللبيرالية المناصرة للحريات، كيفما كانت حتى ولو كلفته وابلا من التهديدات التي كانت تتقاطر عليه، خاصة بعد تعبيره عن موقفه الداعي إلى فتح نقاش حول الحريات الفردية وحرية ممارسة المعتقد. سيل من رسائل التهديد تلقاها البريد الإلكتروني للمدون نجيب شوقي مباشرة بعد بث قناة العربية موضوع الحريات الفردية في المغرب. بدايته مع النضال الرقمي كان تأسيسه لمجموعة على الانترنت من أجل الدفاع عن المعتقل، ياسين بلعسل، الحملة عرفت نجاحا واسعا، وتم الإفراج عن التلميذ بعد الحكم عليه بسنتين نافذتين من طرف محكمة مراكش. المدون نجيب شوقي عرف بدفاعه أيضا عن المعتقلين السياسيين الإسلاميين الخمسة في خلية ما يمسى بليرج و الطالبة المعتقلة زهرة بودكور والحقوقي شكيب الخياري، كما ساهم في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير حيث كان من المناهضين لمحاكمة الصحف والجرائد بالمغرب، وشكل مجموعات تضامنية مع المدونين والصحافيين المعتقلين آخرها ، «أطلقوا سراح رشيد نيني وليسقط قانون الإرهاب». نجيب شوقي ابن العطاوية ضواحي مراكش اختار طريق النضال أيام دراسته الاقتصاد بجامعة مراكش داخل صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وواصل نضالاته حتى في ألمانيا، حيث كان يتابع دراسته وهو يدافع عن القضية الفلسطينية. كان من بين الملتحقين بمبادرة شباب حركة 20 فبراير ومن بين الداعين إلى فتح نقاش حقيقي في المغرب من خلال الانخراط في مجموعة «مغاربة يحاورون الملك»، كما ساهم في الإشعاع الإعلامي للحركة على مستوى صفحات «الفيسبوك»، حيث كان يشرف رفقة بعض رفاقه على صفحة الحركة في الموقع الاجتماعي الأمريكي، خرج يوم 20 فبراير مع رفاقه في أول مسيرات الحركة في الرباط، والتي انطلقت من باب الأحد على الساعة العاشرة صباحا، من أجل ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم، وقضاء مستقل وفصل السلط ومحاسبة المفسدين المتورطين في الجرائم الاقتصادية، الحركة مر على تواجدها 120 يوما ولازال نجيب شوقي ورفاقه مستمرين في النضال والتعبئة والمساهمة في النقاش، من خلال الندوات والإعلام لكي تتحقق مطالبهم رغم مبادرات الدولة منذ خطاب 09 مارس.