لا يمكن تفهم الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، القطب الجنحي في قضية رشيد نيني، والذي قضى بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها ألف درهم، بعد أن شهدت متابعته في حالة اعتقال ومحاكمته عدة أطوار اتسمت كلها بخرق واضح لشروط المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع. إن الصحفي رشيد نيني توبع بصفته هذه، أي أنه صحفي، وبمناسبة قيامه بعمله هذا كصحفي، فلا مجال لمتابعته إلا بهذه الصفة. وبدون الخوض في أطوار هذه المحاكمة والمراحل التي مر منها هذا الملف، تكفي الإشارة إلى أن المتابعة بفصول القانون الجنائي كانت خارج إطار هذه القضية، وكان الغرض منها إحالة رشيد نيني في حالة اعتقال على المحاكمة، حتى يمكن الاحتفاظ به معتقلا، وأن لا يتمتع بالضمانات التي يكفلها له قانون الصحافة، والتي هي ثمار مسار نضال المغاربة في ضمان الحق في التعبير الحر. لقد تم إنكار الضمانات التي يوفرها قانون الصحافة في قضية رشيد نيني، مادام أن القرار السياسي كان هو الأمر باعتقاله فورا، ولو أدى ذلك إلى تطويع القانون بما لا ينطق به، واستعمال القضاء لا كضامن للحقوق والحريات، بل كأداة قابلة للتطويع في الاتجاه السياسي، كلما دعت الحاجة إلى ذلك. إن قضية رشيد نيني تتجاوز شخصه، بما يجعل مسألة استقلال القضاء وضمان شروط المحاكمة العادلة على المحك، من جديد، في شروط استثنائية شعار المرحلة فيها : «من أجل دولة القانون والتطلع إلى إقرار القضاء كسلطة»، لكن محاكمة بهذا الشكل، وحكما سالبا للحرية المسلوبة منذ البدء يسائل السياق الذي يعيشه المغرب بخصوص الإصلاحات الدستورية، والذي لا يحتمل مثل هذه الأخطاء القاتلة، التي لم يعد يحتملها من أيام الأسبوع سوى «الخميس»، «خميس» نفقد فيه كمال العماري، و«خميس» يصدر فيه الحكم بالاعتقال سنة نافذة في حق الصحفي... رئيسة جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان